رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منظومة جديدة للنقل الجماعى بالقاهرة الكبرى

فى عواصم الدول المتقدمة يخطط النقل الجماعي، بمختلف وسائله، بشكل متكامل للتجمع السكانى ككُل، من خلال منظومة نقل هى السلطة الوحيدة المسئولة عن توفير خدمة مناسبة لمختلف أرجاء التجمع السكانى وفى مختلف التوقيتات، وبحد أدنى يتقرر وفقا لعناصر محددة مثل حالة ومواصفات وسيلة النقل، ومظهر وكفاءة العاملين عليها، ومعدل تقاطرها، وانضباط مواعيدها، ومدى قرب مواقفها لأصل رحلة الراكب ومقصدها.والأهم تكامل خدمات النقل الجماعى على مستوى التجمع السكانى . حيث إنه من المعلوم أن رحلة الراكب من أصلها إلى مقصدها عادة ما تتم بأكثر من وسيلة نقل بما فيها المشى الذى يمثل أعلى وسائل النقل استخدامًا بالقاهرة (26% من إجمالى الرحلات)، كما أن رحلة الراكب غالبًا ما تتم عبر أكثر من منطقة بل ومن محافظة من المحافظات التى يتكون منها التجمع السكانى للقاهرة الكبر . ويلاحظ أن نسبة كبيرة من المقيمين بالقاهرة الجديدة يعملون فى مناطق خارجها، والعكس صحيح.

وقد سبق أن اقترحنا إنشاء منظومة للنقل بالقاهرة الكبري. وذلك بعد الرجوع لما هو موجود بأكبر عشر عواصم عالمية لدول متقدمة وبمسمى يقارب ماهو موجود بها، سلطة النقل بالقاهرة الكبري. وأوضحنا إطاراً عامًا لأهدافها واختصاصاتها ومكوناتها كسلطة مستقلة تخطط وتشرف على أولويات تنفيذ مشروعات النقل، وتوفر العناصر الثلاثة الأساسية فى منظومة النقل التى نحددها في: وسائل النقل، وتسهيلات النقل، وتنظيمات النقل.

وقد نوقش هذا الاقتراح ضمن دراسة قدمت فى ندوة عامة ونشرت فى كتاب ملحق الأهرام الاقتصادي، عدد فبراير 2009. ومن ثّم اتخذ قرار بإنشائها من المجلس الوزارى الذى كان يناقش مشكلة المرور بالقاهرة حينذاك. إلاّ أنه رؤى أن الأمر يتطلب قراراً جمهورياً، صدر فعلاً فى 6/11/2012 بمسمى جهاز تنظيم النقل بالقاهرة الكبري، بأهداف واختصاصات وهيكل إدارى يختلف عما اقترحنا. وأخيراً صدر قانون رقم 73لسنة2019بضمه لجهازتنظيم النقل البرى الداخلى والدولي. وهو ما نعتقد عدم تحقيقه للهدف المطلوب من إنشاء منظومة علمية وحيدة ومستقلة للنقل على مستوى التجمع السكانى للعاصمةالكبرى ككُل، تكون مسئولة عن توفير رحلة نقل متكاملة للراكب بمستوى مناسب، تخطيطاً وتنفيذًا وتنسيقًا، لمختلف أرجاء التجمع السكانى فى مختلف التوقيتات والمناطق، وبصرف النظر عن إنخفاض الكثافة السكانية فى بعض المناطق . علمًا بأن لكل وسيلة نقل جماعى استخداما معينا تعطى فيه مستوى خدمة أعلى وبتكلفة أقل .

ومما تجدر ملاحظته أن خسائر تشغيل خدمات نقل بتحميل غير اقتصادى فى المناطق منخفضة الكثافة السكانية أو خارج وقت الذروة، يتم تعويضه من الإيراد الأعلى الذى يتحقق نتيجة للتحميل شبه الكامل لوحدات النقل الجماعى خلال أوقات الذروة وفى المناطق مرتفعة الكثافة السكانية. وهو ما يتم وفقَا لدراسة دقيقة تجرى مراجعتها بشكل دورى، .حيث إن منظومة النقل تحتم أن يكون هناك هيئة أو ملتزم وحيد يحتكر تقديم الخدمة بمستوى مناسب فى مختلف التوقيتات فى منطقة معينة؛ حتى إن القانون يمنع التاكسيات من التقاط ركاب من أمام مواقف النقل الجماعي، خاصة فى أوقات الذروة أو كثافة حجم الحركة.

هذا ونرى أن يشمل تنظيم النقل بالقاهرة الجديدة تشغيل ميكروباصات نقل جماعي، ذات طاقة تحميلية صغيرة تعمل فى خطوط دائرية قصيرة وبتكلفة قليلة وتربط جميع أرجاء الضاحية، بما فى ذلك المناطق منخفضة الكثافة السكانية التى عادة ماتغيب عنها وسائل النقل الجماعي، حيث فى أغلب الحالات تُستخدم السيارةالخاصة أو وسائل النقل العشوائية أوالوسائل المكلفة فى الظروف الطارئة .

ونعتقد أهمية تطبيق هذا الاقتراح ليس فى الضواحى الجديدة فقط بل كذلك فى مختلف التجمعات السكانية الرئيسية بالقاهرة الكبري، مثل: تجمع وسط القاهرة والسيدة زينب وجاردن سيتى وتجمع المهندسين والدقى والعجوزة. حيث إنه يوفر مستوى مرتفعا من خدمات النقل الجماعي، بوحدات صغيرة الحجم، مرنة الحركة، مرتفعة معدل التقاطر، قريبة من أصل ومقصد رحلة المتنقلين، وبتكلفة منخفضة، وذلك بالمقارنة بتنقلهم بسياراتهم الخاصة أو بأى وسيلة نقل أخرى .

هذا ونقدر حجم الحركة الداخلية للمتنقلين فى نطاق التجمعات الرئيسية، وفى مختلف أرجاء مدن الضواحى الجديدة بحوالي40% من إجمالى حجم النقل بها .ومن ثّم فإن تحويل تنقلاتهم لوسيلة نقل جماعى لا تحتاج للتحرك على الطريق إلّا بعُشر المساحة اللازمة لتحرك السيارات الخاصة التى تنقل نفس العدد من الركاب، والأهم تخليص الطريق من إهدار أكثر من نصف مساحته التى تُستخدم كمواقف لانتظار السيارات الخاصة والتى كثيرًا ما تحتل الرصيف مهدرة حق المشاة فى التنقل الآمن. هو مايعنى خفضًاجذريًا فى إجمالى حجم حركة المرور، ومن ثّم تحجيم مشكلاته.

خلاصة القول، إن تفاقم مشكلات النقل والمرور بالقاهرة الجديدة، والضواحى الحديثة الأخري، يرجع أساساً لغياب وجود منظومة سلطة النقل بالقاهرة الكبرى ككُل، كما هو الوضع بعواصم الدول المتقدمة. والتى توفر للمتنقلين رحلة بمستوى وتكلفة مناسبتين كذا متكاملة للتى تتم بأكثر من وسيلة نقل، وذلك رغم اختلاف ظروف ومتطلبات مختلف أجزاء التجمع السكانى وحجم وتوقيتات الطلب على النقل منها وإليها.هذا ولا يفوتنا أن نؤكد ضرورة مراعاة الأسس والخصائص التى تحكم تنظيم النقل والتى تختلف عن أى صناعة أخرى، وهو مايفتقد حاليًابل ومنذ سنوات.


لمزيد من مقالات د. سعد الدين عشماوى

رابط دائم: