رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحريرى يصارع جبال الثلج

القراءة الأولية لتكليف الدكتور حسان دياب بتشكيل الحكومة اللبنانية تشير بصورة واضحة أن حزب الله بما يمثل داخل لبنان وخارجه يضع يديه على القرار وأن المعادلة التى كانت قائمة فى احترام خصوصية الطائفة السنية خرجت من قاعدتها .

القصة باختصار أن المناصب الكبرى الثلاثة موزعة على الطوائف الثلاث الكبرى المارونية رئيس الجمهورية والسنة رئيس الحكومة والشيعة رئيس مجلس النواب، ومنذ اتفاق الطائف هذا قائم وفى كل استحقاق يترك للطائفة ومرجعيتها الدينية والسياسية تصعيد الاسم البارز للمنصب ففى المجلس النيابى لا منافس فى الطائفة الشيعية للرئيس نبيه برى حتى فى المرات التى لم يحقق فيها الأغلبية النيابية عندها تبدأ التوازنات ويتم الاتفاق عليه والتصويت له داخل المجلس من كل القوى السياسية فى ظل عدم قدرة أى منافس آخر على مجرد الترشح .

فى انتخابات رئيس الجمهورية تمسك التيار الوطنى الحر الذى كان يتزعمه العماد ميشال عون قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية بتسمية عون فى الوقت الذى تحفظت قوى سياسية مارونية ومن الطوائف الأخرى على اسمه لكن حزب الله والتيار العونى تشددا حتى جاء رئيسا للبنان عكس كل التوقعات التى كانت سائدة...

السؤال لماذا تتغير المعادلة فى منصب رئيس الحكومة؟ الصورة الظاهرة هى أن سعد الحريرى الشخصية التى تمثل أكبر شعبية فى الطائفة السنية فى لبنان أعتذر عن عدم تشكيل الحكومة وأعلن أن اعتذاره بسبب عدم تجاوب القوى الرئيسية فى البلاد لمطالبه بتشكيل حكومة اختصاص تكنوقراط حتى يتمكن من تنفيذ الورقة الإصلاحية الاقتصادية التى تقدم بها وتلبى طموحات المواطن اللبنانى وتتماشى مع مقترحات المؤسسات المانحة.وعندما رفض حزب الله والتيار العونى اعتذر، فى الحقيقة كان الحريرى يتوقع أن يحصل على فرصة ثانية أو أن تلتقى معه القوى الأخرى فى منطقة وسط لكن يبدو أنها كانت عاقدة النية على عدم تسهيل مهمته حتى يعلن بنفسه القرار الصعب وهو عدم الترشح ،وعندها تكون الفرصة سانحة لترشيح شخصية سنية مستقلة بعيدة عنه وقريبه من الحزب وقد كان.

هنا ما تم رفضه للحريرى كان مقبولا مع الدكتور حسان دياب، حيث أعلن أنه سيشكل حكومة اختصاص تكنوقراط غير مسيسة،مع التسليم بأن الاثنين غير مستقلين.

بصراحة المخاوف ليست من الرئيس المكلف وهو قطعا لن يكون شوكة فى ظهر الطائفة السنية لكن المخاوف لدى تيار المستقبل الذى يتزعمه الحريرى من هيمنة حزب الله على مقاليد السلطة فى لبنان من حيث تأثيره على موقع رئيس الجمهورية وعلاقاته مع رئيس المجلس النيابى ثم سيطرته على الحكومة.

السيناريو المتوقع خلال الأيام المقبلة استمرار الأزمة بعض الوقت وترتيب البيت من الخارج فى العواصم الضالعة فى الموضوع وخصوصا طهران ودمشق مع الوضع فى الاعتبار الدور الأمريكى والفرنسى وخروج تيار المستقبل من الحكومة والاكتفاء بدور المعارضة وتدعيم حزب الله اسم حسان دياب وتسهيل مهمته حتى لو تطلب الأمر تخلى الحزب عن الحقائب الوزارية التى يتطلع إليها أو قبول أقل عدد منها ومنح الأطراف الأخرى التى تضمن الميثاقية الشكلية أكبر عدد. أما على الصعيد الاقتصادى فالوضع يبدو اصعب مما يعتقد البعض، فهناك تراجع فى قيمة العملة اللبنانية وحركة السياحة واستمرار الأزمات فى ملفات الطاقة وعبء الدين العام، وهى مؤشرات تضغط على الحكومة والمواطن، وتضع الأولوية فى العمل على خروج البلد من هذا المأزق الخطير .

قد تتدخل إيران ولكنها ليست على مسافة واحدة من الشعب اللبناني، ودعمها له عنوان سياسى مرفوض فى أغلب المناطق اللبنانية، كما أن الدول العربية فى منطقة الترقب لا تدرى ما الذى يمكن ان تقدمه فى هذه الظروف التى يغيب فيها رئيس الحكومة المناوئ لحزب الله .

مع كل هذا يمكن ان يتعايش لبنان تحت وطأة الدين وندرة الموارد لكنه يخشى من تردى الأوضاع الأمنية والفتنة الطائفية التى هى أكبر عدو لهذا البلد وكلما اشتعلت احترق بنيرانها وحصدت بكل أسف الأخضر واليابس وأعادت البلاد إلى نقطة الصفر سياسيا وامنيا.

الحريرى أمامه خيارات عديدة لكن الخيار الوحيد الذى يجب ان يتمسك به هو المرونة السياسية لا الجمود امام جبال الثلج التى يصطدم بها فى لبنان.


لمزيد من مقالات ◀ ماهر مقلد

رابط دائم: