هذه العواصف العنيفة التى تضرب العراق ولبنان منذ أسابيع، مصحوبة بسحب كثيفة من الفوضى وضباب قاتم معبأ بالشائعات والأكاذيب ليست بعيدة فى جذورها ولا فى مقاصدها وأهدافها عما تعرضت له مصر ودول عربية أخرى قبل نحو 9 سنوات باسم الربيع المزعوم!
نحن أمام مشهد سبق أن رأيناه وعايشناه وكأننا نرى بوضوح لا لبس فيه صورة طبق الأصل لمسرحية سياسية تآمرية، يراد إعادة عرضها بكامل فصولها وبذات السيناريو القديم ودون تعديل أو تغيير فى مفردات الحوار وتفاصيل ومكونات الديكور والإكسسوار.
هكذا وبوضوح لا لبس فيه أصبحت صناعة الفوضى أشبه ما تكون بتجارة دولية لها فروع فى مختلف بقاع العالم، ويتأثر ازدهارها أو كسادها بما يقرره المساهمون - الكبار والصغار من خارج وداخل المنطقة - فى ملكية هذه التجارة العملاقة العابرة للقارات.
وفى لغة التجارة لا وجود للمبادئ أو الأخلاق، وإنما الهدف هو تحقيق أكبر قدر من المكاسب التى تعود فوائدها على المساهمين الكبار – فى المقام الأول - وهو ما يعنى ضرورة اليقظة بأن الخطر الذى تعرضنا له من قبل لم تضعف احتمالاته، وأن الذين حاولوا التسلل إلى جبهتنا الداخلية ولم ينجحوا من قبل لن يتورعوا عن محاولة تكرار المحاولة مجددا إذا لاحت أمامهم فى الأفق أى إشارات تشجعهم على ذلك.
وقد يسألنى أحد ماذا يعنى هذا الكلام وأسارع بالإجابة قائلا: إن ذلك يعنى بوضوح أننا بحاجة إلى نوبة صحيان جديدة تضع المبادرة فى أيدينا وتجعلنا أكثر اطمئنانا إلى تنامى قدراتنا الذاتية التى تملك وحدها القوة الكافية لإجهاض أى احتمالات للخطر وإصابة من يفكرون فى إلحاق الأذى بنا بالرعب والشلل!
ومن حسن الحظ أن شعبنا استوعب جيدا دروس محنة السنوات العجاف ولن يسمح وهو متسلح بطاقة الوعى الكامنة والمتجددة لديه بأن يتعرض تماسك الجبهة الداخلية لأى اهتزاز، ولكن دق أجراس الخطر يظل ضرورة للتنبيه والتحذير ولسد أى ثغرات يراد النفاذ منها الآن ومستقبلا!
وفى عصر السماوات المفتوحة وفى زمن حروب الجيل الرابع تزداد أهمية الوعى كسلاح أساسى فى الترسانة السياسية لأن الوعى قوة ولا يمكن فى غير الوعى أن تكون هناك قوة فاعلة مهما امتلأت الترسانة العسكرية بالسلاح.
وصحيح أن التاريخ لا يكرر نفسه ولكن ما أشبه الليلة بالبارحة!
خير الكلام:
<< كل شيء يبدأ بالوعى ولا قيمة لشيء من دونه!
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: