رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حديث الجمعة
نظـــرة أمـــل

الحياة بلا أمل حياة جافة، قاحلة، شاقة، شائكة، عابسة، كالحة، كئيبة، محبطة، فلا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة.

الأمل شيء حلو، شيء جميل، شيء عظيم، ترنو إليه النفوس المفعمة بالحياة، المحبة لها، المتفاعلة معها، التى لا تريد أن تركن إلى اليأس أو أن تخلد إليه أو أن تعلق عطبها عليه.

الأمل حياة، واليأس موت، وقد عدَّ كثير من أهل العلم اليأس والتيئيس من الكبائر، فعن ابن عباس (رضى الله عنهما) أن رجلًا قال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال (صلى الله عليه وسلم): «الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله، من وقاه الله إياها وعصمه منها ضمنت له الجنة»، ويقول الحق سبحانه على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): «قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ» (الحجر: 56)، ويقول سبحانه على لسان سيدنا يعقوب (عليه السلام): «يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ» (يوسف: 87)، ويقول سبحانه: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الزمر: 53).

وما دام الأمر كله بيد من أمره «إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون»، فعلينا أن نتعلق بحبله المتين، والأمل فى رحمته وواسع فضله، مستحضرين قوله تعالي: «مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (فاطر: 2)، وقوله سبحانه: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (الأعراف: 96)، وقوله سبحانه: «وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ» (يس: 33-35)، وقوله سبحانه: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا» (الطلاق: 2-3)، وقوله سبحانه: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا» (الطلاق: 4)، مع تأكيدنا أن الأمل لا يغنى عن العمل، فالأمل بلا عمل أمل أعور أو أعرج أو أعشي.

كما نؤكد أن على العاقل أن يحاسب نفسه عن يومه وأسبوعه وشهره وعامه، فما وجد من خير حمد الله واجتهد فى طاعته ومرضاته، وما وجد غير ذلك بادر بالتوبة والإنابة، مجددًا العزم على عدم العود إلى ما كان من زلل، فكل شيء صغر أو كبر فى كتاب «لَا يَضِلُّ رَبِّى وَلَا يَنْسَي»(طه52)، وهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، إذ يقول الحق سبحانه: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا» (الكهف:49).


لمزيد من مقالات د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

رابط دائم: