رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ممالك النار

لم أستمتع بعمل درامى بعد رائعة النجم الكبير يحيى الفخرانى «شيخ العرب همام»، مثلما استمتعت بالمسلسل التاريخى «ممالك النار» الذى بثته شبكة قنوات «إم بى سى» على مدار الأسبوعين الماضيين.

أربع عشرة حلقة فقط من المتعة، أخرج فيها نجوم العمل من أبطال الدراما المصرية والسورية- خالد النبوى ورشيد عساف ومحمود نصر، وسعد مينا، ومحمد حاتم، ونضال نجم- أفضل ما عندهم، عبر سيناريو محكم لقصة مدققة للكاتب المصرى الشاب محمد سليمان عبدالملك، ليقدموا لنا فى النهاية، تلك الملحمة التاريخية التى تروى قصة سقوط دولة المماليك فى مصر، والغزو العثمانى للبلاد، وسيطرتهم على مقاليد الأمور بها لفترة استمرت نحو ثلاثة قرون، عانى خلالها المصريون الأمرين تحت الحكم العثمانى، الذى لم يشغله سوى نهب ثروات البلاد، وتقويض نظامها الثقافى والاجتماعى، بل والروحى أيضا.

يروى المؤرخ المصرى الأشهر «ابن إياس» فى كتابه العمدة «بدائع الزهور فى وقائع الدهور»، الذى أصدرته سلسلة الذخائر، التى كانت تصدر قبل سنوات عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وقائع تلك الأيام السوداء التى عاشتها مصر، إبان الغزو العثمانى، وكيف عمد العثمانيون عند دخولهم إلى القاهرة، بعد هزيمة جيش المماليك، إلى اقتحام السجون وإطلاق من فيها «من الزعر والغلمان، ينهبون البيوت»، وكيف «هاجم العثمانيون بيوت الأمراء والأعيان ينهبونها، وينزعون ما فيها من منقول وثابت، حتى الأخشاب والبلاط والرخام، والأسقف المنقوشة ومجموعة المصاحف والمخطوطات، والمشاكى والكراسى النحاسية والمشربيات والشمعدانات والمنابر»، قبل أن يعمد سليم الأول إلى جمع ألفين من رجال الحرف والصناعات، وكبار التجار والقضاة والأعيان والأمراء، ويرسل بهم إلى القسطنطينية، للمساهمة فى بناء إمبراطوريته الجديدة.

لم يكن دخول العثمانيين إلى مصر فتحا مبينا، حسبما قال قيادى إخوانى بارز قبل سنوات، لكنه كان جريمة غزو مكتملة الأركان والعناصر، لا تقل وضاعة عما فعله التتار والمغول فى البلاد التى اجتاحوها، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن المرء لا يملك هنا، سوى أن يثمن هذا القرار الشجاع الذى اتخذه قبل نحو عام، محافظ القاهرة السابق الدكتور عاطف عبدالحميد، بتغيير اسم شارع سليم الأول بحى الزيتون، استجابة لطلب تقدم به الدكتور محمد صبرى الدالى، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان، انطلاقا من قاعدة أنه لا يليق أن تطلق مصر اسم أحد الغزاة على شارع من شوارعها.

لم أتحمل مغالبة دموعى، وأنا أشاهد الحلقة الأخيرة من «ممالك النار»، والعثمانلية يقتادون طومان باى إلى الشنق على بوابة المتولى، ولعل ما تضمنته حلقات هذا المسلسل البديع من إسقاطات ورسائل، على مدار أربع عشرة حلقة ملهمة، تنبه الغافلين وما أكثرهم فى بلادنا إلى ما يحيكه العثمانيون الجدد وحلفاؤهم فى الداخل لمصر، من مؤامرات ودسائس.


لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى

رابط دائم: