رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هوامش حرة
حكاية

كنت أجلس مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ذات مساء فى بيته حين رن جرس التليفون وأخبروه أن المكالمة لإحدى السيدات وهى تتكلم من أمريكا وبدأ الحديث بينهما وهى تحكى له عن أجمل الأغانى التى أحبتها وفى نهاية الحوار طلبت منه أن يعطيها عنوانه لكى تراسله وسمعت عبدالوهاب يقول لها إن عنوانى هو محمد عبدالوهاب/مصر.. قالها بالعربية ثم قالها بالانجليزية ولم يكن عبدالوهاب فى حاجة أن يخبرها باسم الشارع الذى يعيش فيه والشقة التى يسكنها على ضفاف نيل الزمالك.. إنه عبدالوهاب وكفى وهى مصر أكبر من كل العناوين.. كان هذا هو قدر الفنان المصرى وكانت هذه هى صورته التى يراها لنفسه وبلده.. إنه يرى أن وطنه كبير جدا وهو يكبر بهذا الوطن ولأن مصر الكبيرة تلقى ظلالها كالأشجار الشامخة على أبنائها فهو يرى نفسه الأكبر دائما.. كان الفنان يضع نفسه فى المكان الذى يستحق ولا يدور يتسول حفلة أو هدية هنا أو هناك ولا يقبل أن يكون رقما فى قائمة طويلة تطوف على الأبواب.. إن الفنان الحقيقى ليس إنسانا عاديا وهو ليس تحت الطلب فى كل المناسبات إنه يحمل اسم وطن ينتمى إليه ويحمل موهبة منحها الله له وهو أغنى من كل أموال الدنيا ولهذا يجب أن يترفع عن أشياء كثيرة قد تسىء إليه وتسىء لوطنه.. إننى أحيانا أشاهد المشهد الفنى وأتعجب أين النماذج الرفيعة التى كانت تزين الفن المصرى فى عصره الذهبى أخلاقا وسلوكا وفنا وقيمة و ترفعا هذه النماذج هى التى منحت مصر الريادة من خلال أسماء حفرت اسمها فى تاريخ هذا الوطن بالصدق والترفع ولم نكن نتصور أن يجىء علينا زمن ترخص فيه الأشياء والبشر ونرى نماذج تسىء لهذا التاريخ الطويل من المواهب العظيمة التى زينت وجه الثقافة العربية.. هل يمكن أن نعيد للفن المصرى شموخه القديم وشموخ مواهبه وقدراته وتأثيره.. كان عبدالوهاب يرى أنه مصر وكانت مصر ترى أن عبدالوهاب هو ابنها البار الذى حمل اسمها إلى أبعد نقطة فى هذا الكون.. كنا محظوظين أننا عشنا هذا الزمان.. زمن المواهب والفن الحقيقي.

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: