كلنا يعرف مدى الصعوبات الحياتية الاقتصادية التى يمر بها الشعب الإيرانى فى الشهور الأخيرة، من جراء العقوبات الأمريكية التى تزداد باطراد على دولة اقتصادها مهلهل أصلا بسبب مشاريع الملالى التوسعية خارج حدود إيران والتى أطلقوا عليها: (تصدير الثورة) منذ أن رفعت ثورة خومينى سلطة المرجعيات على سلطة الدولة، ولكن ما هو العامل الأكثر تأثيرا فى الاضطرابات الشديدة التى اجتاحت المدن الإيرانية قبل أيام وشهدت هتافات (سقوط الدكتاتور) أو إحراقا لتماثيل المرشد العام للثورة خامنئى أو حتى خوميني، هل هو زيادة سعر البنزين بنسبة كبيرة؟ أم يضاف إليها ذلك الإلهام الهائل للثورتين اللبنانية والعراقية اللتين كانتا ضد التغلغل الإيرانى وهيمنة أذرع طهران على تسيير مقاليد الأمور فيهما؟ بحيث التحم المد الشعبى من داخل وخارج إيران ليطلق صرخة فى مواجهة حكم الملالى الدينى والقمع الذى يمارسه على مواطنيه فى الداخل بالاعتقالات وتكميم الحريات، كما يفرضها على ما يدعى أنه مجال نفوذ الأمن القومى الإيرانى فى الخارج والذى يشمل مبدئيا أربع دول عربية هى سوريا ولبنان والعراق واليمن، ولقد تحول هذا الادعاء إلى ممارسات إيرانية فعلية. نعم كانت زيادة أسعار البنزين فى إيران هى السبب المباشر فى اندلاع الاضطرابات ولكن استلهام روح الثورتين اللبنانية والعراقية كان هو العامل الأكثر تأثيرا فى اندلاع الانتفاضة الإيرانية، لقد بات وجود هذا اللون من النظم الدينية أمرا لا تحتمله شعوب تتطلع للتقدم وتحقيق حياة مزدهرة لمواطنيها، وبخاصة أن ممارسات النظم الدينية فى الحكم اتسمت بروح عدوانية شديدة، تبدأ بمحاولات السيطرة المباشرة على دول الجوار وبالذات ذات الكتل الشيعية فى سكانها، وتمتد إلى التحرش بالمجال الإقليمى حول إيران، وتنتهى بوضع معظم موارد إيران خلف مشروع نووى أخرق لا يسهم إلا فى تعقيد حالة الأمن فى الإقليم وفى العالم، لقد جاء الوقت لوضع حد للحضور الإيرانى الثقيل فى المنطقة ولذلك اللون المتحفى من النظم الدينية التى عبر خلط متواصل للدين بالسياسة تسبغ على نفسها قدسية وعصمة ليست لها وبخاصة أنها تحكم واحدة من أعلى بلاد المنطقة سيادة فى حكم أسس لطبقة من الملالى أسميها (الأرستقراطية الإسلامية).
لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع رابط دائم: