رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منمنمات ثقافية
استمتعوا بهواتفكم الكريهة! «1»

هذا هو عنوان المانشيت الأخير الذى اختارته الصحيفة الأمريكية «إكسبريس» لتختتم به رحلتها فى عالم الصحافة الورقية!. ففى سبتمبر الماضى أعلنت مؤسسة «واشنطن بوست» الأمريكية بشكل مفاجئ وقف إصدار «إكسبريس» وتسريح جميع الموظفين والعاملين بها بعد تراجع عدد النسخ التى تصدرها إلى نحو 130 ألف نسخة يوميا مقارنة بنحو 190 ألف نسخة عام 2007. ولقد بررت مؤسسة «واشنطن بوست» الأمر بتزايد انتشار شبكات الاتصال بالإنترنت مما أتاح للقارئ الحصول على الأخبار بسهولة عبر الهواتف المحمولة واعتبارها بديلا عن الصحف الورقية. ولقد أعلنت صحيفة «إكسبريس» التى كانت توزع مجانا على ركاب المترو فى أنحاء العاصمة الأمريكية على مدى الـ16 عامًا الماضية، أنها مستمرة فى خدمة قرائها وركاب المترو وتقديم التطبيقات، والنشرات الإخبارية، والبث الصوتى الرقمى من خلال نسخة موقعها المخصصة للتليفون المحمول..

والحقيقة أن قرار مؤسسة «واشنطن بوست» وقف الإصدار الورقى لصحيفة «إكسبريس» ليس الأول من نوعه فى عالم الصحافة دوليا، فقد اضطر عدد من الصحف الأمريكية الكبرى إلى وقف طبعاتها الورقية والاكتفاء بمواقعها الإلكترونية مثل «كريستيان ساينس مونيتور» وتوقف صحيفة «سياتل بوست أنتليجانس» عن الصدور نهائيا بعد ما يزيد على 146 عاماً من ظهورها و«أوكس ماونتن نيوز كولورادو» إبان احتفالها بعيدها الـ150 وغيرها من الصحف التى توقفت بشكل نهائى أو تحولت لطبعات رقمية.

ورغم أن مانشيت صحيفة «الإكسبريس» والتفاصيل التى وردت فى متن الخبر حول أسباب توقف الصحيفة وخططها المستقبلية لتقديم خدماتها لقارئها فى شكل محتوى رقمي، يطرح أكثر من قضية جديرة بالمناقشة سواء من حيث دراسة واقع الصحافة والتحديات التى تواجهها أو مستقبل الصحافة الورقية واحتمالات أن تتحول لأثر بعد عين خلال السنوات القليلة القادمة وكلها أمور أظنها مطروحة على موائد بحث الأكاديميين والعاملين فى صناعة الصحافة إلا أنه فى تقديرى المتواضع أن الأكثر أهمية وجذبا لانتباه قارئ هذه السطور هو حالة إدمان الهواتف المحمولة التى تحولت لشبه امتداد طبيعى لأناملنا، فلا تفارقنا ليلا أو نهارا، وإدراك مدى تأثيرها على حياتنا!.

فالدراسات تؤكد أن إنجازات التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعى (كالهواتف المحمولة والحواسب الشخصية) التى لا يمكن لمنصف أن ينكر فضلها فى تسهيل الحياة، تحمل فى طياتها سلبيات تؤثر فى قدرات البشر إذا تمت إساءة استخدامها!

فلقد أظهرت دراسة أجراها فريق من الباحثين فى جامعة فلوريدا أن المحتوى المعروض على الانترنت الذى يميل نحو استخدام الإشارات والبناء البسيط للجملة، وغالبا ما يحتوى على أخطاء لغوية، إضافة لاعتماد المستخدمين على التصحيح الآلى وبرامج معالجة الكلمات، أدى لتراجع مهارات الكتابة. كذلك أثبتت أكثر من دراسة أن أحد أخطر المشاكل التى يواجهها الطلبة نتيجة إدمان استخدام الهواتف المحمولة، والتى اعترفوا هم شخصيا بها، هو عدم القدرة على تنظيم الوقت والحفاظ على تركيزهم والمماطلة وعدم الالتزام بالمواعيد والسهر طوال الليل أمام شاشات هواتفهم والكمبيوتر وعدم التركيز عند القراءة لاستيعاب المحتوى المنشور ورقيا كان أم رقميا!.وتقول الكاتبة جولى رونستروم، أستاذة فن الكتابة بجامعة بوسطن ومؤلفة كتاب (هل يمكن أن يحدث هذا؟!) «لا يمكن تفسير الأمر بإرجاعه لعوامل شخصية تخص الطالب أو لأسباب أكاديمية تتعلق بقدرات المعلم على الشرح والتوضيح، فرغم أهمية العاملين، فإن قصر الأمر عليهما يعد اختزالا وتبسيطا مخلا. فالمشكلة لا تتعلق فقط بطرق جذب انتباه الطلبة أو تشتيت انتباههم بسبب السماح بدخول هواتفهم أو أجهزة الكمبيوتر المحمول فى الفصل الدراسي، بل أيضا بطريقة استخدامهم التكنولوجيا بشكل عام وإيمانهم المطلق بها، مما يجعلهم لا يتحملون تعطيلها أو تجاهلها ويؤدى إلى عدم التركيز وتشتت الذهن اللذين تحولا لشبه وباء!

وللحديث بقية..


لمزيد من مقالات ســناء صليحــة

رابط دائم: