رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صفحات من تاريخ الأهرام..
فرسان قسم الأخبار.. نجوم فى الظل

مصطفى سامى;

البرادعى شاهد على دموع وزير التعليم بسبب التلاميذ الحفاة

مفاجأة.. موسى صبرى فى معتقل الزيتون بسبب نضاله الوطنى




قاد الأستاذ ممدوح طه قسم الأخبار بالأهرام على مدى عدة سنوات قبل وصول الأستاذ محمد حسنين هيكل ورئاسته للجريدة فى عام 1957. وقد احتفظ الأهرام منذ صدوره عام 1876 حتى الآن بالصدارة فى تقديم الخبر الصادق والانفراد به على جميع الصحف المنافسة. كان وراء هذا الجهد الكبير مجموعة من المخبرين الصحفيين الذين أعطوا كل ما لديهم من وقت وإمكانات لعملهم الصحفى، ورافقوا ممدوح طه فى قسم الأخبار، وتركوا جميعا بصماتهم على صفحات الجريدة العريقة قبل تقاعدهم ثم رحيلهم..



من هم هؤلاء الصحفيون الكبار الذين اعتمد عليهم الأهرام فى صدوره وفى تفوقه على الصحف الأخرى على مدى سنوات قبل وصول الأستاذ..؟

صالح البهنساوى

كان رحمه الله عندما التحقت بالأهرام فى أول عام 1960 الصحفى الأقدم فى الصحافة المصرية.. عمل لسنوات مندوبا لـ «الأهرام» فى الديوان الملكى ومندوبا قبل ذلك فى مجلس الوزراء. كان رحمه الله الصحفى الأقرب والصديق لغالبية الصحفيين الشباب. ساخرا دائما، عرف بسرعة بديهته وبنكاته فى كل المناسبات. ولد فى العام الأول من القرن الماضى. والتحق بالأهرام فى أول العشرينيات من نفس القرن. أتذكره عندما دخل حجرة قسم الأخبار فى الدور الأول من أهرام شارع مظلوم العريق أو «أهرام تكلا» وكنت أجلس مع الزميل والصديق المرحوم إحسان بكر يوم 20 فبراير عام 1960 ولم يكن قد مضى على فى العمل سوى ثلاثة أشهر. كان إحسان مندوب الأهرام فى مجلس الدولة أيضا قد جاء الى الأهرام فى نفس الفترة بعد أن تخرج فى قسم التاريخ بكلية الآداب وكنت أفتح صفحة الوفيات وأتابع إعلاناتها بدهشة.

وبابتسامته الساخرة سألنى الأستاذ صالح البهنساوى - الذى كان يعرف والدى من خلال عمله مديرا للشئون المالية والإدارية بالديوان الملكى بعابدين - عن شخصية ذلك الشاب الذى أتعجب من أن أسرته تحيى ذكرى وفاته الخمسين؟ ولم أرد، لكنه واصل كلامه لى فقال: إنها صورة الشاب إبراهيم ناصف الوردانى الذى اغتال بطرس غالى رئيس وزراء مصر يوم 21 فبراير عام 1910 وصدر عليه الحكم بالإعدام شنقا ونفذ فيه بعد أيام من صدوره. وأحفاده لم ينسوا جدهم المناضل فنشروا إعلانا لإحياء ذكراه مع صورة له. وكان بطرس غالى قد أعد مشروع قانون بمد امتياز شركة قناة السويس أربعين عاما إضافية من عام 1968 الى 2008.

الأستاذ هيكل كان يتعامل مع الأستاذ صالح البهنساوى باحترام وتقدير كبير لم نعهده منه تجاه الآخرين. فبمناسبة بلوغ الأستاذ البهنساوى سن التقاعد الذى هو ستين عاما فى عام 1962، أقام الأستاذ هيكل حفلا فى منزله الريفى فى قرية برقاش ودعا كل شباب الأهرام على هذا الغداء. كان المنزل أشبه بقصر غاية فى الفخامة والحديقة بها أجمل نباتات الزينة. وخصص الأهرام لنا سيارتى أتوبيس لتنقلنا من أمام مبنى الأهرام فى باب اللوق الى قرية برقاش. قضينا اليوم كله نمرح ونلعب فى الحديقة الجميلة وقد دعا من خارج دائرة الشباب الأساتذة على حمدى الجمال وممدوح طه وتوفيق بحرى رحمهم الله جميعا. وكانت نوال المحلاوى هى التى كلفت بدعوتنا وأعدت لنا سيارتى الأتوبيس فلم نكن جميعا نملك سيارات خاصة باستثناء الثلاثة الكبار.

واصل الأستاذ هيكل تقديره وتكريمه للبهنساوى فسأله قبل تقاعده: عن أى شيء يريده من الأهرام بعد مسيرته الطويلة التى امتدت أربعين عاما..؟ وطلب البهنساوى أن يحقق له الأهرام حلمه فى زيارة أهم دول العالم.. تحققت للأستاذ للبهنساوى رغبته وقدم الأهرام له تذكرة سفر لقارات العالم الخمس تستغرق زياراته لها شهرا كاملا، وودعنا الأستاذ البهنساوى قبل سفره وقامت مجموعة من الشباب بمرافقته حتى مطار القاهرة. لكننى لا أعتقد أن هذه اللفتة الكريمة من الأستاذ قد تكررت مع أى صحفى آخر بلغ سن التقاعد.

محمد مصطفى البرادعى

التحق بالأهرام عام 1955 بعد تخرجه فى مدرسة التجارة العليا، وظل على مدى 25 عاما اعتبارا من عام 1955 - ممثلا للأهرام فى قطاع التعليم ومندوبا فى وزارة التربية والتعليم حتى عام 1980 ليشغل مكانه لبيب السباعى. لم يكن هناك منافس فى أى صحيفة للأستاذ البرادعى فى قطاع التعليم. كان صديقا لكل وزراء التعليم منذ أن كانت الوزارة تسمى «المعارف « وتغير اسمها بعد ثورة 1952 الى وزارة التربية والتعليم. وكان أول وزير لها بعد الثورة السيد يوسف صهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. درس البرادعى خلال سنوات عمله قضية التعليم عن قرب وقد عاصرها منذ قيام الثورة عندما كان لدينا تعليم عام ومجانى ينافس تعليم الدول المتقدمة فى جميع المراحل. وكل من تزيد أعمارهم على الستين عاما الآن ممن درسوا فى مدارسنا وجامعاتنا المصرية يشهدون بذلك. وكما عاصر على الطبيعة تعليمنا المتقدم المجانى لكل طبقات المجتمع، شهد أيضا عمليات تطوير التعليم وانهياره فى مختلف مراحله ابتداء منتصف السبعينيات. ولأن التعليم « كالماء والهواء « كما قال الأديب الكبير طه حسين فقد كان الأهرام يضع قضية التعليم فى مقدمة اهتماماته الصحفية ويرصد عمليات تطوير التعليم فى مختلف أنحاء العالم، وتابع الأستاذ البرادعى المؤتمرات العلمية وبعثاتنا فى الخارج وما يحققه أبناؤنا فى بعثاتهم العلمية، وكتب عشرات المقالات حول التعليم، وحذر فى مقالات أخرى من إهمال التعليم وانهياره إلى هذا المستوى الذى يثير الأسى.

كان لدينا تعليم خاص ممثلا فى عدد قليل من مدارس اللغات فى القاهرة والإسكندرية والمنصورة وطنطا. لكن هذا التعليم لم يكن يستوعب سوى أقل من 5% من التلاميذ المصريين ولم تكن لدينا جامعات خاصة سوى الجامعة الأمريكية التى لم يكن يعترف رسميا بشهاداتها حتى الثمانينيات من القرن الماضى.

أتذكر الأستاذ البرادعى عائدا وهو حزين من إحدى جولاته فى مدارس محافظة الجيزة مع وزير التربية والتعليم مصطفى كمال حلمى فى أواخر السبعينيات. كانت الزيارة لمدرسة إعدادية للمتفوقين ممن يحصل تلاميذها على أكثر من 90% من الدرجات فى الشهادة الابتدائية لكى يلتحقوا بها. وجمع ناظر المدرسة «تغير لقب الناظر بعد ذلك الى مدير مع عمليات التطوير» تلاميذها جميعا فى فناء المدرسة لتحية الوزير الذى رافقه فى الزيارة محافظ الجيزة، وفوجئ الوزير بأن غالبية التلاميذ يقفون حفاة فى فناء المدرسة بيوم شتاء بارد. قال لى البرادعى إن الوزير الذى غلبته الدموع تأثرا من صدمة ماشهده، سأل الناظر كيف يسمح لهؤلاء التلاميذ يحضرون حفاة الى المدرسة؟ وكان رد ناظر المدرسة أن غالبية هؤلاء التلاميذ فقراء لا يستطيع أولياء أمورهم شراء أحذية لهم والمدرسة ليست فى ميزانيتها أى أموال إضافية لشراء أحذية لهم. التفت الوزير الى المحافظ وطلب منه إرسال أحذية لكل التلاميذ غير القادرين من أى بند فى المحافظة، واستجاب المحافظ لطلب الوزير وأرسلت الأحذية فى نهاية الأسبوع للتلاميذ.

فى عام 1984 قام البرادعى مع لبيب السباعى بزيارة الى لندن فى جولة لمتابعة بعثاتنا فى عدة دول أوروبية وكشف لنا فى رسالة طويلة شغلت صفحة بالجريدة أنه كان لدينا فى بريطانيا فى ذلك الوقت عشرون ألف طبيب مصرى يعملون بجامعاتها ومستشفياتها رغم أنه كان هناك ألفا طبيب بريطانى عاطل عن العمل.. وضرب المثل فى التحقيق بأشهر أطباء مصريين فى بريطانيا وإنجازاتهم فى تخصصات الطب المختلفة.

الأستاذ البرادعى أمد الله فى عمره ولد عام 1930 فى مدينة منوف ويكتب بين وقت وآخر مقالات فى الأهرام فى صفحة رمضان خلال الشهر الكريم عن أئمة المسلمين وفى ملحق أهرام الجمعة. وكانت آخر مكالمة تليفونية معه فى شهر أغسطس الماضى وكنت فى الإسكندرية لعزائه فى السيدة الفاضلة حرمه التى كنت أعرفها كواحدة من خبيرات التعليم الى جانب أنها زوجته ووالدة المهندسة هناء البرادعى التى عملت سنوات فى مطابع الأهرام ووفاء الصحفية بالقسم الاقتصادى وكانت آخر وظائف الزوجة الراحلة ناظرة مدرسة بمحافظة الجيزة.

حسن سلومة

نموذج نادر من شيوخ الصحافة بالأهرام. صحفى وسياسى ومناضل ومثقف رفيع المستوى ومعلم، أعطى الكثير لـ «الأهرام» ولمهنته بحب وإخلاص لكنه لم يأخذ كآخرين إلا القليل. كان يمثل الإنسان المصرى الوطنى الراغب فى نشر المعرفة والحب حول زملائه وتلاميذه.

الأستاذ حسن عبدالحميد سلومة المعروف بحسن سلومة هو أيضا واحد من أعمدة قسم الأخبار الصلبة. عرفته مصادفة قبل دخولى الأهرام بنحو عشرين عاما. كان معلمى فى الصف الثالث بمدرسة القربية الابتدائية «لم تكن هناك مرحلة إعدادية فى ذلك الوقت» كان يدرس لنا التاريخ والجغرافيا، فقد تخرج فى قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول - القاهرة فيما بعد - عام 1948 وعمل مدرسا بوزارة المعارف. ترك العمل الحكومى بالتدريس فى وزارة المعارف، وكان آخر عمل قد قام به مديرا لإدارة الصحافة قبل أن يستقيل ليعمل بالصحافة بعد خمس سنوات. عمل لمدة عامين فى صحيفتى «الأساس» ثم «مصر الفتاة» وكان صديقا لرئيس الحزب أحمد حسين. عمل محررا زراعيا ومندوبا لـ «الأهرام» فى وزارة الزراعة منذ أن التحق بالأهرام فى عام 1955 وكان عمره أربعين عاما وظل فى منصبه حتى رحيله عن 77 عاما يوم 9 يناير عام 1992.

الأستاذ سلومة كان مناضلا فى شبابه وعضوا فى حزب «مصر الفتاة»، واعتقل أربع سنوات أثناء الحرب العالمية الثانية، وشارك الرئيس الراحل أنور السادات وموسى صبرى نفس الزنزانة فى معتقل الزيتون. ارتبطت علاقتنا منذ التحاقى بالأهرام، ورغم أنه كان مدرس الفصل الحازم فإن علاقتنا تحولت فى الأهرام الى صداقة حميمة. ترك العمل الحزبى منذ دخوله الأهرام لكن السياسة ظلت جزءا مهما فى حياته. كنت أتحدث معه باستمرار عن الثورة وعبدالناصر الذى كان مثلنا الأعلى وحلمنا الكبير وكنا نختلف فى أمور كثيرة لكن هذا الخلاف كان ينتهى بابتسامة المعلم لتلميذه. كان بطبيعته هادئا ونموذجا للصحفى المخلص فى عمله ويؤمن بالتخصص فقد كان يعد واحدا من الصحفيين الزراعيين المشهود لهم بالتفوق ورفض حتى وفاته أى عمل آخر عرض عليه واكتفى بأن يكون مندوبا لـ «الأهرام» فى وزارة الزراعة.

يوم 9 يناير عام 1992 رحل الأستاذ حسن سلومة بعد أن كتب آخر مقال قبل ثلاثة أيام فقط من وفاته.

تصادفت وفاة الأستاذين موسى صبرى رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم وحسن سلومة فى يومين متتاليين، وكان الاثنان صديقين لسنوات واعتقلا معا فى معتقل الزيتون. وكتب الأستاذ سلامة أحمد سلامة عموده اليومى «من قريب» عن الصحفيين الكبيرين، ويبدو أنه وجدها فرصة لينعى مع الفقيدين صحافة ما بعد ثورة يوليو!.

كتب سلامة أحمد سلامة تحت عنوان «فى مملكة الصحافة» يقول: «فى يومين متتاليين فقدت الصحافة المصرية رائدين من رواد المهنة العريقة، يمثل كل منهما فى موقعه وتاريخه إنجازات جيل من الرعيل الأول الذى جعل الصحافة المصرية على ما هى عليه الآن. هذان الرائدان هما موسى صبرى وحسن سلومة».

وفى مقطع آخر من المقال كتب: «ويبدو أن ترتيبات القدر التى جمعت بينهما ساعة حلول الأجل على مسافة زمنية متقاربة قد سبقت أن جمعت بينهما فى معتقل الزيتون أثناء فترة حافلة بالكفاح الوطنى قبل الثورة. وقد عرف هذا الجيل الراحل من الرواد عهودا مختلفة فى تطور الصحافة المصرية.. وفى سمة مشتركة أيضا بين الفقيدين، عرفا صحافة ما قبل الثورة بكل عنفوانها وصراعاتها وحزبيتها، واتصلا بالسياسة ودهاليزها وأقطابها وربما كانت هذه الفترة من أخصب الحقب فى تاريخ الصحافة لأنها أنبتت جيل المناضلين الرواد فى صحافة مصر الحديثة وأرست تقاليد للممارسة المهنية التى تجعل من الكلمة مسئولية ومن القلم أمانة يشفق على الإنسان من تبعاتها».

ولا أستطيع أن أضيف شيئا إلى كلام الأستاذ سلامة الرصين إلا أن أدعو للفقيد بالرحمة وأن يجزيه الله خير جزاء.

حامد عبدالعزيز

مندوب الأهرام فى وزارة الصحة وأحد أعمدة قسم الأخبار والمثقف والأديب والروائى رفيع المستوى الذى أثرى الإذاعة والتليفزيون ببرامجه ومسلسلاته.

الأستاذ حامد هو واحد من شيوخ الصحافة الذين عاصروا صحافتنا قبل وبعد ثورة 1952. مثقف موسوعى. كان يجيد اللغة الفرنسية فقد تعلمها فى مدارس القاهرة الفرنسية التى كان يدرس بها أبناء الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة، وقد ترجم العديد من الروايات والأشعار الفرنسية إلى اللغة العربية لإذاعة القاهرة أثناء عمله بالحكومة موظفا فى مصلحة السكة الحديد. ولد عام 1902 والتحق بالأهرام عام 1948. ولأنه كان الأقدم بين محررى قسم الأخبار وأكبرهم سنا فقد أطلقوا عليه «كبير محررى الأهرام» و«شيخ المندوبين الصحفيين». وكان من رواد الصحافة الذين عرفوا قيمة العمل الصحفى وتمسكوا بشدة بأخلاقيات المهنة.

فى العام الأول من التحاقه بالأهرام عين مندوبا للأخبار فى وزارة المواصلات ثم مندوبا فى وزارة الصحة حتى وفاته فى 4 أبريل عام 1981 عن 79 عاما.

لم تكن هناك قاعدة عامة لإحالة الصحفيين إلى التقاعد ببلوغ سن الستين لكن هذه الإحالة كانت تخضع لمزاج ورغبات رئيس التحرير، فالأستاذ محمد مصطفى البرادعى أحيل إلى التقاعد بعد سنوات من بلوغه سن السبعين والأستاذ حسن سلومة ظل يعمل حتى وفاته عن 77 عاما والأستاذ حامد عبدالعزيز استمر فى العمل حتى يوم وفاته عن 79 عاما. وأيضا بالنسبة للعاملين فى الإدارة وخلال فترة رئاسة إبراهيم نافع أحيل الأستاذ مصطفى الخطيب مدير عام مطابع الجلاء يوم بلوغه سن الستين الى التقاعد بينما بقى فتحى الشرقاوى مدير المطابع التجارية فى قليوب حتى 68 عاما!.

ليس لدى معلومات كثيرة عن حياة الأستاذ حامد عبدالعزيز الاجتماعية سوى أنه كان متزوجا وأنجب لمصر الفنانة لبنى عبدالعزيز التى تزوجت الدكتور إسماعيل برادة أستاذ أمراض النساء والولادة وسافرا معا إلى الولايات المتحدة ثم عادا منذ سنوات إلى القاهرة، والسيدة لميس عبدالعزيز التى تزوجت زميلنا أيمن الأمير الذى ترك عمله بالقسم الخارجى بالأهرام فى أول السبعينيات ليعمل خبيرا إعلاميا فى الأمم المتحدة بنيويورك.

ظل حامد عبدالعزيز يعمل حتى قبل أيام قليلة من وفاته، وكانت مشكلة الدواء فى مصر من القضايا التى عالجها فى أكثر من مقال وتحقيق صحفى. وآخر مقال نشر له فى الأهرام يوم 11 مارس عام 1984 قبل ثلاثة أسابيع من وفاته حول الإسراف فى استخدام الأدوية وغياب الرقابة على الصيدليات.. فتحت عنوان: «حتى يتوقف النزيف المستمر فى ابتلاع الدواء بلا حساب!» كتب الأستاذ حامد قائلا: « قفز استهلاك مصر من الأدوية إلى أكثر من 300 مليون جنيه سنويا.. الناس يبتلعون الدواء الآن بسبب ودون سبب، والأرقام تؤكد أنه بحلول عام 2000 سوف يقفز الرقم إلى 1500 مليون جنيه. فكيف يمكن أن نقلل من استخدام الدواء؟ وكيف يمكن أن يصل الدواء لكل مريض دون زيادة فى السعر ودون أن يختفى عمدا من الصيدليات؟.

انتقل الأستاذ حامد عبدالعزيز بعد مرض قصير لم يستغرق سوى عدة أيام، وكتبت عدة مقالات فى تأبينه أذكر منها ما كتبه الأستاذ كمال الملاخ فى اليوم التالى لوفاته فقد قال: «كاتب أديب عميق الفكر ذكى العبارة.. سريع التدفق الصحفى.. لم يرض أن يلهث وراء الأضواء، وإنما كان يكتفى بأن يقرأ ويقرأ الآداب العالمية لمزيد من الثقافة وليكتب للإذاعة أى للناس وعقولهم وأفكارهم، وارتضى أن يكون مثالا للخلق والمثاليات والعمل».

نعم إنه أستاذى الروائى والناقد الصحفى الكبير حامد عبدالعزيز كبير صحفيى الأهرام الذى كان شعلة من ضوء المعرفة التى أضاءت لى الطريق إلى عالم القلم مع مطلع شبابى بل استمر يرشدنى بتوجيهاته حتى أول أمس. كان كالجندى المجهول وراء كل عمل ناجح. وقد اختار لتواضعه فى مطلع حياته أن يوقع مقالاته باسم: «القلم المجهول». رحم الله أستاذى ومرشدي: حامد عبدالعزيز. فقد كان مثالا رائعا يحمل مع زاد الثقافة: حلو المشاعر. حلو التواضع. حلو الابتسامة والهدوء».

بعد هذا الكلام الحلو من الكاتب الكبير والفنان كمال الملاخ.. لا يمكننى أن أضيف شيئا إلا أن أدعو للمرحوم الأستاذ حامد عبدالعزيز بالرحمة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق