أيّها العمال أفنوا العمر كداً واكتساباً وأعمروا الأرض فلولا سعيكم أمست يباباً.. هكذا أوصى أمير الشعراء أحمد شوقى عمال مصر حتى تعود بلادهم سماء للصناعات والفنون.
وهناك عشرات الأمثال والحكم العربية الداعية للعمل، معظمها يركز على العمل أطول وقت ممكن لدرجة أن التقدم ارتبط لدينا بعدد الساعات.. كلما زادت اقتربنا وكلما تراجعت ابتعدنا.
شركة مايكروسوفت العالمية للبرمجيات لديها رؤية أخرى ، فقد قررت منذ شهور أن يعمل موظفوها باليابان 4 أيام فقط أسبوعيا، وأخضعت التجربة للتقييم، فإما أن تعممها أو تتوقف عنها.
الأسبوع الماضي، أعلنت الشركة أن الانتاجية زادت 40% رغم انخفاض ساعات العمل. لكى يتحقق ذلك، قلص الموظفون من أوقات اجتماعاتهم بحيث لا يزيد الواحد على نصف ساعة، كما قللوا لقاءاتهم المباشرة وجعلوا التواصل بالميل والواتس. والنتيجة: زيادة الانتاجية وتوفير المصروفات خاصة استهلاك الكهرباء.
منتصف القرن الـ 19، كان الشخص يعمل من 12 إلى 16 ساعة يوميا 6 أو 7 أيام أسبوعيا، ثم انخفض عدد الساعات شيئا فشيئا ليصل حاليا إلى33 ساعة أسبوعيا بأمريكا و40 بالصين. وهناك دعوات متزايدة لأن تبلغ 21 ساعة فقط. كل ذلك جاء نتيجة التطور التكنولوجى ونضال العمال.
أصبح الارتباط بين عدد الساعات وكمية الانتاج أو جودته غير موجود، فالمهم ماذا تفعل فى أثناء العمل. وهناك تجارب جزئية بمصر أثبتت أنه رغم تقليص عدد الأيام والساعات، لم تتأثر الانتاجية قليلا أو كثيرا، بالمقابل تم توفير نفقات كاستهلاك الكهرباء والتليفونات والسيارات والأدوات المكتبية.
هذه ليست دعوة لتفريغ الشركات من موظفيها بل للتفكير بمعنى العمل نفسه وجدواه. هل هو الذهاب يوميا للشركة وإفناء العمر بالعمل لعل الانتاجية تأتى مع طول المدة، أم هو غاية يتم تذليل العقبات أمامها حتى لو كانت إبعاد الموظف عن مكان العمل؟!.
أجهد المسئولون عندنا أنفسهم لمكافحة تزويغ الموظفين وأجهد الباحثون أنفسهم لاستنتاج أن الموظف العربى يعمل 18 دقيقة فقط باليوم، والمصرى «أقصى حاجة عنده نصف ساعة».. ثم جاءت مايكروسوفت لتقول إن هناك طريقا مختلفا.. فهل نجربه؟.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام رابط دائم: