رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نقطة نور
إيران برة والعراق حُرة

لم يتوقع أى من شيعة العراق أن يأتى خطاب المرجع الشيعى الأعلى فى العراق على السيستانى على هذا النحو من القوة والوضوح الذى أغلق الباب أمام أى تدخل إيرانى محتمل لوقف الاحتجاجات الشعبية فى العراق ولبنان، وفى خطبة الجمعة بكربلاء شدد السيستانى على أنه لا يحق لأى طرف اقليمى أو دولى أن يصادر إرادة العراقيين الذين خرجوا فى مظاهرات عارمة، يطالبون بإنهاء تدخل إيران فى الشأن العراقى، ويرفعون هتافات: إيران برة برة، بغداد تبقى حرة، وأكد السيستانى ضرورة احترام إرادة العراقيين فى تحديد النظام السياسى والادارى لبلدهم، لافتاً الانتباه إلى أن هذا المبدأ الثابت التزمت به المرجعية الدينية وأكدته منذ سقوط نظام صدام حسين، وكان الزعيم الإيرانى آية الله خامنئى قد اتهم المتظاهرين فى كل من العراق ولبنان بإثارة الفوضى وتقويض أمن البلدين.

وخلال الموجة الأولى من الاحتجاجات فى العراق، شكلت إيران خلية أزمة لقمع المتظاهرين بإشراف قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الايرانى قاسم سليمانى، أسفرت عن سقوط 50 قتيلاً وآلاف الجرحى فى غضون سبعة أيام، إلا أن ذلك لم يحل دون تفجر موجة صدام ثانية، حيث ارتفع عدد القتلى إلى مائة شخص خلال يومين وحسب تقرير وكالة أسوشيتدبرس مثل ذلك تحدياً خطيراً لإيران، كان من نتيجته توغل قاسم سليمانى الذى سمح لعشرات القناصة بإطلاق النار فى الرأس والظهر وسقوط المزيد من الضحايا، وعلى طيلة 16 عاماً مارست إيران إفقار العراقيين، الأمر الذى واجهه العراقيون بالدعوات النشيطة لمقاطعة البضائع الايرانية، خاصة أن إيران ومنذ عام 2003 هدمت كل مصانع العراق وخربت مزارعه حتى لم يعد فى العراق أى منتج وطنى، ورفع العراقيون شعار: مقاطعة كل منتجات إيران حتى لو كانت بأقل الأثمان لأن ذلك هو أضعف الايمان، وأحرقوا جهارا أعلام إيران فى شوارع المدن العراقية وشوهوا صور المرشد الايرانى على الجدران، وهاجموا جميع مقار الأحزاب التى اعتبروها أحزاباً إيرانية لا تمثل العراقيين وتبرز زيارة قاسم سليمانى لبغداد واجتماعاته مع رؤساء الميليشيات حجم القلق الايرانى من غضب الشارع العراقى المتزايد. وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية عن تزايد قلق إيران من مجريات الأحداث فى العراق ولبنان، باعتبارها التهديد الأعظم لإيران، لما انطوت عليه على امتداد أسبوعها الثالث من عزم وإصرار شديدين تجلى فى عدة شعارات أهمها: إيران برة برة، بغداد تبقى حرة، وفى الهجوم المقترع على المرشد العام خامنئى، وتحريض الشعب الايرانى على المتظاهر ضد حكم آيات الله، وكذلك الهجوم على القنصلية الإيرانية فى كربلاء. ومن جهته اتهم حسين شريعتمدارى ممثل المرشد الأعلى المتظاهرين فى العراق ضد إيران بأنهم ممولون من جهات خارجية. وكان البيت الأبيض قد حذر فى وقت سابق من هجمات محتملة من جانب الجماعات التى تدعمها إيران فى العراق، مؤكداً أن واشنطن ستعتبر إيران مسئولة عن أى هجوم يقع على المراكز والمؤسسات الأمريكية وإلحاق الضرر بأفرادها أو مبانيها، ويبدو أن صبر المرشد الأعلى خامنئى قد نفد تجاه موجة الاحتجاجات التى بدأت تهدد نفوذه فى العراق ولبنان، وهو ما دفعه إلى توجيه رسائل ضمنية للميليشيات الحليفة تحثها على الوقوف فى وجه المتظاهرين والمحتجين، ولأن ميليشيات الحشد الشعبى فشلت فى مهمتها قررت إيران أن تدفع بميليشيات جديدة، يتم تدريبها تحت إشراف مباشر من قاسم سليمانى هدفها احتواء الانتفاضة وتفكيكها. وما لا تريد إيران فهمه أن الشعب العراقى شعب عربى قبل أن يكون سنيا ًأو شيعياً وأن الانتماء الطائفى لم يكن على طول تاريخ العراق مكوناً أساسياً فى ثقافته وانتمائه، وفى كل مؤسسات العراق الثقافية والاجتماعية كان الانتماء العربى هو الغالب والمسيطر، وكان يصعب التمييز فى العراق بين مواطن سنى ومواطن شيعى، لذلك لم يكن غريباً أن يرفع العراقيون شعار: إيران: برة والعراق حرة.


لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد

رابط دائم: