لماذا ينجذب المبدعون لقصة الملكة «كليوباترا» أكثر من باقى الملكات والأميرات المصريات مثل «حتشبسوت» التى كانت ملكة عظيمة ولها إنجازات تاريخية مقدرة والمعبد الذى يحمل اسمها يعد من التحف المعمارية والفنية الخالدة.. وكذلك «نفرتيتى» التى كانت زوجة «لإخناتون».. و«نفرتارى» إحدى أهم زوجات رمسيس الثاني؟!
الإجابة: هى إن قصة حياة كليوباترا مشبعة بالتوابل الفنية على حد تعبير صناع الدراما.. فهى ملكة شابة شديدة الجمال والجاذبية اختارت بنفسها الرجل الذى تريد أن تتزوجه وهو الإمبراطور «يوليوس قيصر» الطامح فى غزو بلادها.. وقيل فى بعض المصادر إنها أهدته سجادة فاخرة كانت هى نفسها ملفوفة بداخلها كنوع من الرضوخ والتـأثير الأنثوى عليه.. بينما تؤكد مصادر أخرى أنها أبهرته بهداياها الثمينة وزاوجت بين الحضارتين فجنبت بلادها حربا طاحنة تراق فيها دماء الآلاف من المصريين دون جدوى.. واختلفت الآراء كذلك هل أحبت زوجها الثانى مارك أنطونيو القائد القوى الوسيم وهى مازالت زوجة لقيصر أم بعد اغتيال زوجها عن طريق بعض قادته من بينهم مارك انطونيو نفسه؟! وفى جميع الأحوال فقد زاد موقفها غير الأخلاقى من سحر قصتها.. وأخيرا قيل إنها حاولت إغواء أوكتافيوس القائد الذى هزم زوجها الثانى وحبيبها مارك انطونيو.. وعندما رفض الرضوخ لها قررت الحفاظ على كرامتها والانتحار عن طريق لدغة الثعبان.. بينما يحلو للبعض تصوير انتحارها حزنا على فراق حبيبها انطونيو فاختارت أن تموت إلى جوار جثمانه وكأنما الموت نفسه لا يقدر على التفريق بينهما.. قدمت قصة «كليوباترا» فى أعمال درامية كثيرة ربما من أهمها مسرحية أمير الشعراء أحمد شوقى «مصرع كليوباترا» كما قدمت فى فيلم سينمائى عالمى ضخم الإنتاج تقاسم بطولته اليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون وأخيرا تقدمه فرقة باليه أوبرا القاهرة واوركسترا أوبرا القاهرة لمؤلف موسيقى مصرى هو محمد سعد باشا الذى عرفناه قائدا لأوركسترا النور والأمل فخر مصر فى جميع المحافل الدولية.. وصمم الديكور محمد الغرباوى والإضاءة لياسر شعلان والملابس مانويلا شيرى والإدارة الفنية لأرمينيا كامل بينما تصميم الرقصات لخوسيه بيريز.. ويتضح لنا فى هذا العرض الذى قدم على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية أن معظم العناصر مصرية وأهمها التأليف والقيادة الموسيقية وإن كنا نريد توضيح أنه ليس أول باليه لمؤلف موسيقى مصرى حيث تؤكد الدكتورة نيفين الكيلانى أستاذة الباليه بأكاديمية الفنون وجود تجارب سابقة لعزيز الشوان يجب ألا تسقط من ذاكرة الإبداع المصرى حتى نبنى على ما سبق ونستفيد من تجاربنا الماضية.. والحقيقة أن احتفاءنا بإنتاج باليه أغلب مبدعيه من مصر لا يمنعنا من الاعتراف بوجود تكرار فى حركات الرقص وقلة التنوع الحركى مما قد يثير بعض السأم فى أثناء المتابعة.. وكذلك تكرار استخدام الآلات النحاسية الصاخبة للإشارة إلى الحروب والمعارك ومشاهد التوتر بحيث تفقد قدرا من تأثيرها المطلوب.
وقد شارك عدد من الراقصين المصريين منهم أحمد يحيى وممدوح حسن وهانى حسن وإسلام الدسوقى ومحمد حامد إلى جانب مجموعة من المحترفين الأجانب هم «آنيا وفالانتينا» من صربيا و«شوكو تاياما» من اليابان و«كاترينا» من أوكرانيا و«مريم كارابتيان» من أرمينيا و«ماريو جينوفيز» من ايطاليا.. وأيا كانت ملاحظاتنا على التجربة الفنية فهى لا تقلل إطلاقا من قيمة العمل الإبداعى وحجم الجهد المبذول فيه وحرص دار الأوبرا المصرية على أن تقدم إنتاجا مصريا مشتركا ولا تكتفى باستضافة العروض الأجنبية من الخارج وهو ما يستحق بلا شك التحية والإشادة.
رابط دائم: