لاشك أن كل مجتمع يحتوى على طبقات مختلفة ولكل طبقة أهميتها ودورها فى تنمية وتطوير المجتمع إذا أحسن توجيهها وتشجيعها فى هذا المجال وكذلك فى المهمة التى تقوم بها لحماية المجتمع ولتحقيق وحدة الهدف فى هذا المجتمع وان تشعر كل طبقة بأهميتها وانتمائها للدولة أو للمجتمع التى تعمل فيه ومن ثم سيزيد الإنتاج والتنمية فى الدولة أو المجتمع.
وإذا تحدثنا عن أنواع الطبقات فهناك تعاريف وتقسيمات كثيرة وفقا للمجتمع ووفقا لأهدافه ومراحل تطوره، وفى الغالب إن المجتمع ينقسم إلى ثلاث طبقات رئيسية وهى الطبقة العليا والطبقة الوسطى والطبقة الدنيا «الفقيرة» ولكل منهم وظيفته فى الحفاظ على تماسك المجتمع وانتمائه لوطنه ومساندة الدولة فى قيادة المجتمع، ولذلك لابد أن تضع الدولة فى اعتبارها هذه الطبقات الثلاث وما هو دور كل طبقة فى تنمية المجتمع وما هى متطلبات كل طبقة للمحافظة على انتمائها وعلى إخراج أهم ما لديها لدعم الدولة والوطن فى تقدمه وفى تحقيق الخطط العامة الموضوعة للدولة ويفرق بين الطبقات الثلاث مستوى الدخل والمستوى التعليمى والحالة الاجتماعية.
وأرى أن الطبقة الوسطى هى أهم الطبقات سياسيا وتنمويا وعمليا؛ لأن الطبقة العليا هى أصحاب الأعمال وشاغلو الوظائف العليا ومن ثم فإنها طبقة تتمتع فى معظم الأحوال بالأموال والسلطة أما الطبقة الثالثة وهى الطبقة الدنيا فهى عمالة كادحة وقليلة الدخل وفرص العمل المناسب. أما الطبقة الوسطى فهى تحمل مسئولية التوازن بين الطبقات ومن ثم يعتمد عليها فى التوازن الاقتصادى والسياسى بين طبقات المجتمع الواحد. والتعريف التقليدى للطبقة الوسطى هو أنها الطبقة التى تقع بين الطبقتين العليا والدنيا أى أنها فى وسط الهرم الاجتماعى والاقتصادي.وغالبا ما تتكون من الموظفين والمهنيين والحرفيين. ومن المفترض أن تكمن أهميتها فى أن معظم ابنائها يكسبون دخلهم بعرق جبينهم؛ لأنها الطبقة التى يفترض أن تنتج معظم السلع والخدمات مما يؤثر على الناتج المحلى فى الاقتصاد ومن ثم فإنها هى المحرك الاقتصادى لكل من الإنتاج والاستهلاك.
وتنقسم الطبقة الوسطى إلى طبقة عليا وطبقة سفلى وفقا لقدر الدخل والتعليم والمستوى الاجتماعى ولذلك فان هذه الطبقة وخصوصا الأخيرة تتأثر بالقرارات الاقتصادية مثل الدعم والرسوم والضرائب وقد تنزلق إلى الطبقة الفقيرة.
إن الطبقة الوسطى هى الطبقة التى يشير تناميها واتساعها إلى مدى نجاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى تحقيق العدالة وفى توزيع الدخل وتنمية المجتمع ككل. والاهم أن هذه الطبقة هى أساس طريق التنمية والسياسات المختلفة للدولة وهذا ما سبب نجاح ما يسمى بـ«الربيع العربى» لاستغلاله هذه الفجوات وتوقف سياسة الدولة فى عهود سابقة عن مساندة الطبقة المتوسطة لسياسات الدولة والمجتمع وتخلق فراغا اجتماعيا تم استغلاله فى منطقة الشرق الأوسط بما يسمى بالربيع العربى وهذا ما يحدث الآن فى السودان واليمن وغيرهما.
ولذلك تظهر أهمية الطبقة الوسطى فى انها المنوط بها تحقيق التوازن المجتمعى أى أنها تخلق التوازن بين الطبقات وهى جسر بين الأثرياء والفقراء ومن ثم تؤثر فى تشكيل المزاج الاجتماعى العام وحماية القيم الاجتماعية والثقافية من الانهيار حيث إنها احد الأعمدة الأساسية للاستقرار السياسى والسلم الاجتماعى لأنها تفضل دائما الاعتدال فى المواقف ولذلك فإن الضغوط التى تهدد هذه الطبقة هى الأكثر تأثيرا على الاستقرار السياسى والاجتماعى وكما أشار البعض إلى أن محدثى الفقر هم الأكثر خطورة من الفقراء التقليديين؛ لأنها تحاول حماية نفسها من الانزلاق إلى طبقة الفقراء وتقوم بمقاومة الظروف الاقتصادية ومن ثم لابد من الإصلاح السياسى لحماية مصالحها الاقتصادية وقد يستغلها المغرضون ومثيرو الشغب.
وأخيرا لابد من مواجهة أى تدهور لمستوى الطبقة الوسطى وذلك لحماية المجتمع ومن ثم لابد من التركيز على قطاعات متعددة من أهمها الصناعة والزراعة والخدمات لتقليل البطالة. ولابد ان نعرف ان هناك علاقة بين هذا التدهور وبين انخفاض مستوى جودة التعليم واثره على زيادة الفقر ومن ثم لابد من الاهتمام بالمعلم أولا ثم بعد ذلك الانتظام فى المدارس والامتحانات وغيرها من دور التعليم والتعلم بأنواعه الاكاديمية والفنية ومن ثم تستطيع هذه الطبقة القيام بواجبها ودورها فى مجالات التنمية.
لمزيد من مقالات د. نبيل أحمد حلمى رابط دائم: