رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. مصطفى الفقى يصحبنا إليها..
كنوز مكتبة الإسكندرية.. زيارة جديدة

الاسكندرية - سناء عرفة;

هى ذاكرة التاريخ وخزانة المعارف وضمير الانسانية عبر الزمان، إنها مكتبة الاسكندرية التى من أبرز المعالم الثقافية والفكرية والتنويرية فى العالم، إذ تضم العديد من الوثائق والمخطوطات النادرة وتلعب دورا محوريا كأكبر مكتبة رقمية عالمية بالتعاون بعد مكتبة الكونجرس الأمريكى.


تضم المكتبة مركز المخطوطات الذى يحتوى على قسم الدراسات والفعاليات الأكاديمية، وحدة فهرسة وتحقيق المخطوطات، قسم المخطوطات الأصلية. أما إدارة متحف المخطوطات، فتحتوى على أقسام الترميم، الكيمياء والضبط البيئى، التبادل والأرشيف، الكتب النادرة، وقاعة العرض المتحفى.

د. مصطفى الفقى مدير المكتبة يستعرض معنا اقسام المكتبة مشيرا إلى أن قسم الدراسات يهتم بجمع وترجمة وتحرير الدراسات العلمية الجادة الرصينة المتعلقة بالتراث العربى الإسلامى، بكل تجلياته. كما يقوم بالإعداد والإشراف على جميع الفعاليات العلمية والأكاديمية التى يعقدها المركز، مثل الدورات التدريبية المتخصصة، والمؤتمرات العلمية، والندوات، وغيرها. ويضم القسم وحدة فهرسة وتحقيق المخطوطات، وتضم مجموعة من الباحثين المتخصصين بفهرسة المخطوطات العربية والإسلامية وتحقيقها. والمعروف أن القسم قام بفهرسة مجموعات خطية كاملة مثل مجموعة دير الإسكوريال بإسبانيا. واستعانت به مؤسسات علمية عالمية كبرى مثل مؤسسة ولكم ترست البريطانية Welcome Trust Foundationفى فهرسة مجموعتها الخطية.

ويضرب د. الفقى لنا عدة أمثلة من محتويات فهناك الوثـــــائق والبرديات مثل مجموعة وثائق قناة السويس «صدر منها كشَّاف باللغتين الفرنسية والعربية»، تقارير مركز الاستخبارات العسكرية الأمريكية عن العلاقة بين أمريكا وألمانيا خلال الفترة بين الحربين العالميتين الأولى و الثانية «من عام 1919 حتى عام 1944»، البرديات العربية بمكتبة فيينا بالنمسا «حوالى 17350 بردية». كما تضم الوحدة جريدة الأهرام اليومى «من 1876حتى 2001»، مجلة الهلال «من 1892 حتى 1996» وقد تم عمل كشَّاف تفصيلى بجميع مقالاتها، الجريدة الرسمية «من 1982 حتى 2001».

أما القسم الأخير فى مركز المخطوطات وهو قسم المخطوطات الأصلية فيضم مجموعاتٍ متنوعةً وعلى رأسها: مجموعةُ مكتبة بلدية الإسكندرية التى تشمل «4421» وتحتوى على «7668» عنواناً، وأمهاتِ المصادر التراثية المطبوعة التى يحتاج إليها الدارسون والباحثون فى شتَّى مجالات العمل التراثى.

ومن أهم النسخ الخطية المحفوظة فى مكتبة الإسكندرية حسب شرح رئيس قطاع التواصل الثقافى هى مخطوط «الرَّدّ على المعطِّلة» لأبى عبدالله محمد بن على بن الحسين الترمذى، الملقب بالحكيم الترمذى، المتوفَّي320 هـ. وهو من أقدمِ المخطوطاتِ الموجودة بتلك المجموعة النَّفيسة، حيث يرجع تاريخُ نسخِه للعام 593 هجريًا، بالإضافة إلى أن هذا النصَّ نادرُ الوجود، ونسخُه معدودة، ويعالج هذا المخطوط قضيةً من كبرى قضايا علم الكلام الإسلامى، وهى قضيةُ الصفات الإلهية، وهى مسألةٌ أخذت حيزًا ضخمًا فى التراث الإسلامى، وتعددت فيها المدارسُ، والفِرقُ، والمذاهب الإسلامية كما هو معلوم.

هناك ايضا مخطوط «السُّنن» الجزء التاسع، للإمام محمد بن يزيد، المعروف بابن ماجه، المتوفي273 هـ. وتُعد هذه القطعة من «السُّنن» من أندر نسخ «السُّنن» ويرجع زمنُها تقديرًا إلى نهاية القرن السادس الهجرى، وكتاب «السنن» للإمام ابن ماجه، هو سادس الكتب الستة عند جمهور المحدثين، وقد قرأ هذه القطعة منه ووقَّع عليها الإمام الكبير الحافظ الفقيه ابن قدامة المقدسى المتوفَّي620 هـ، وذلك بالجامع الكبير بدمشق كما ورد بالسماع بآخرها.. أيضا لدينا «اللمع فى التصوف» للطوسى، وهو الكتاب الأم فى تاريخ التصوف الإسلامى، وهو أقدم مرجع صوفى إسلامى، جلى لنا وجه التصوف الإسلامى كما جاء به القرآن وكما صوره المشرع صلى الله عليه وسلم وكما عاشه رجاله وأعلامه وهم الصفوة من خلق الله والخيرة من عباده وخزائن العلم والمعرفة. وتحتفظ مكتبة الإسكندرية بنسخة مخطوطة من اللمع فى التصوف،وهى نسخة عتيقة كتبها إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم سنة 620هـ. وكذلك هناك مخطوط ديوان « لزوم مالا يلزم» لأَبى العَلاء المَعَرِّى «أحمد بن عبدالله بن سليمان، التنوخيّ « المتوفى 449 هـ / 1057 م. شاعرو فيلسوف، ولد ومات فى معرة النعمان، وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، له العديد من المؤلفات مثل: رسالة الغفران، ورسالة الملائكة، واللامع العزيزى شرح ديوان المتنبى، وغيرها.

وهى نسخة خزائنية بديعة كتبت سنة 1291هـ.

إدارة متحف المخطوطات

ينتقل بنا الدكتور مصطفى الفقى الى إدارة متحف المخطوطات ليوضح فى البداية هدفها وهو التعريف بذخائر التراث ونوادر المخطوطات والكتب والبرديات وحفظها والعناية بها وترميمها مستخدمةً أحدث الوسائل والتقنيات، سواء فى أساليب الحفظ والترميم أو العرض. ليس هذا فقط بل تعمل أيضًا على تدريب الكوادر البشرية الفاعلة المتخصِّصة، وتبادل الخبرات ونُسَخ المخطوطات مع الجهات المحلية والدولية والعالمية. والأهم فى هذه الإدارة هو أقسامها التى يكمل منها الآخر، وهي: قسم الترميم، قسم الكيمياء والضبط البيئى، قسم التبادل والأرشيف، قسم الكتب النادر، وقاعة العرض المُتحفى. ولعل أهم هذه الأقسام هو الترميم الذى أنشئ عام 1996، وتم تطويره عام 2007 ليصبح من أهم المراكز المعنية بالترميم فى مصر والشرق الأوسط. ويقوم معمل الترميم بترميم مقتنيات المكتبة من مخطوطات، وكتب نادرة، وخرائط، ووثائق، وصور مثل دار الآثار الإسلامية بدولة الكويت، مكتبة البلدية بطنطا بالتنسيق مع وزارة الثقافة المصرية، الكاتدرائية الأرثوذكسية بالإسكندرية، وغيرها من المؤسسات الأخرى. ومن أهم أهداف القسم دعم المكتبات والمؤسسات العاملة فى مجال الحفاظ على التراث بشكل عام، وتبادل الخبرات لتعويض نقص الجانب العملى فى المناهج التعليمية بالمؤسسات التعليمية وتعويض القصور بها، بالإضافة إلى خلق قاعدة من المرممين ذوى الخبرة.

ويقول مدير مكتبة الإسكندرية إن قسم الكتب النادرة يعد بمثابة قاعة عرض واطلاع لأنفس الكتب النادرةالتى تصل إلى قرابة ستة عشر ألف كتاب نادر، يرجع تاريخ أقدمها إلى عام 1482 ميلادية، بالإضافة إلى عدد من الخرائط النادرة والمقتنيات الشخصية والأوراق الخاصة بكبار المؤلفين، ومجموعة من الوثائق المهمة والطوابع والعملات. ويقدم القسم خدمات بحثية متميزة للباحثين والدارسين، ويقوم بعمل فهرسة للكتب والدوريات، بالإضافة إلى إعداد قوائم ببليوجرافية وكتيِّبات عن أهم محتويات القسم للتعريف بمحتوياته.

ويحتوى القسم على العديد من المجموعات المهمةالتى يصل محتواها إلى أكثر من خمسة وثلاثين ألف كتاب منها: مجموعة معهد لويس باستير،ومجموعة د.عبدالرحمن بدوى، ومجموعة د. محمد حسين هيكل، ومجموعة عبدالرزاق السنهورى باشا، ومجموعة د. بطرس غالى.

ويوضح الدكتور الفقى أن من أهم الكتب النادرة بالمكتبة كتاب باللغة اللاتينية طُبع فى فينيسيا ويرجع تاريخه إلى عام 1482م، ويضم قصائد الشاعر الهجائى اللاتينى ماركوس فاليريوسمارتياليس، الذى عاش فى القرن الأول الميلادى. والكتاب مجموعة من القصائد القصيرة الساخرة، يزيد عددها على الألف والخمسمائة. وتميزت تلك القصائد بأسلوبها الذكى الساخر، وكان لها تأثير كبير فى هذا النوع الأدبى فى كلٍّ من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا.

كذلك يضم القسم بعضًا من أوائل مطبوعات مطبعة بولاق، خاصة الكتب التى طُبعت بأسلوب الطباعة الحجرية، وهى الطباعة التى يتم فيها كتابة أو رسم الشيء المراد طبعه على سطح أنواع معينة من الحجر. وتكون الكتابة بأقلام دهنية، وبصورة معكوسة على الحجر مباشرة. وكخطوة ثانية، يبلل وجه الحجر بالماء ثم يغطى بالحبر. ومن بين الكتب التى طبعت بهذه الطريق، كتاب «حياة الحيوان» للدميرى، وهو أحد المؤلفات الموسوعية فى علم الحيوان، حيث أفرد الدميرى مادة لكل حيوان، مرتبة على ترتيب المعجم.

وهناك كتاب «مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية» تأليف رفاعة رافع الطهطاوى. طُبع هذا الكتاب طباعةً حجرية فى مطبعة بولاق عام «1286هـ/ 1870م»، قبل وفاة مؤلفه بأربعة أعوام. ويُمكن اعتبار الكتاب موسوعة صغيرة، أو مجموعة من المقالات؛ حيث نراه يتناول موضوعات شديدة التباين، مثل حرية العقيدة، والترغيب فى حب الوطن، والمفاضلة بين الفلاحة والملاحة، وتشجيع القادرين على المساهمة فى المشاريع المختلفة، وتوضيح فضائل طلب العلوم المختلفة، وتربية الأولاد، ومدح العمل وذم البِطالة والكسل، بالإضافة لبعض الموضوعات التاريخية وقصص مختصرة عن بعض الملوك مثل الإسكندر الأكبر والملك لويس الرابع عشر والسلطان سليمان الثانى.

وبالإضافة لتلك الطبعات الأولى التى ترجع لأوائل عصور الطباعة فى أوروبا وفى مصر، هناك طبعات أحدث قليلاً لكنها لا تقل أهمية وقيمة. مثل كتاب «وصف مصر»، الموسوعة الشاملة التى تتناول تاريخ وجغرافية مصر، بالإضافة إلى دراسات مفصّلة على الحياة اليومية للمصريين فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، ومظاهر الطبيعة النباتية والحيوانية فى مصر. وقد كتب هذه الدراسات مجموعة العلماء الفرنسيين الذين صاحبوا حملة بونابرت على مصر «1798-1801»، وقام بالرسوم التفصيلية المذهلة الفنانون المصاحبون للحملة.

وهناك كتاب آخر يسجل لاكتشاف هام فى مجال دراسات التاريخ المصرى القديم، هو كتاب «شرح رموز الكتابة الهيروغليفية»، من تأليف جون فرانسوا شامبليون، الذى شرح فيه مبادئ الكتابة الهيروغليفية المصرية. وقد صدرت الطبعة الأولى عام 1824م عن دار الطباعة الملكية فى باريس، ثم صدرت طبعة ثانية عام 1827م، تتميز بأنها روجعت مِن قِبَل المؤلف، الذى أضاف إليها أيضًا رسالته إلى داسييه أمين عام المعهد الفرنسى. وقد تناول شامبليون فى تلك الرسالة الكتابةَ الهيروغليفية الصوتية التى نقشها المصريون القدماء على آثارهم التى تعود إلى الفترتين اليونانية والرومانية. وقد نجح شامبليون فى فك رموز الكتابة المصرية فى عام 1824م، بالاعتماد على النص الموجود على حجر رشيد والنقوش الموجودة على برديات وقطع أثرية أخرى نُقلت إلى فرنسا فى أوائل القرن التاسع عشر.

أما قسم العرض المتحفى فيشدد مدير المكتبة على ضرورة مشاهدته حيث يعرض مجموعة من المعروضات بقصد الفحص والدراسة والتمتع وتعريف للمعروضات وشرح لها كخطوة أولى نحو تفهمها. ويهدف القسم الذى يضم المخطوطات والكتب النادرة التى تعكس الإبداع الفنى والأدبى والعلمى لأهل هذه الدهور والأزمان، الى التواصل والتفاعل بين الماضى والحاضر، بين ميراث الإنسانية وتأثيره فى مستقبل البشرية، بين إبداع الماضى وتكنولوجيا الحاضر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق