رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
سياسيون.. مندوبو مبيعات!

خلال حملة انتخابات 1945، التى أعقبت انتصار بريطانيا بالحرب العالمية الثانية، طاف رئيس الوزراء وزعيم المحافظين وسليل النبلاء تشرشل البلاد بقطار خاص وسيارة ليموزين فارهة للدعاية لحزبه، بينما استخدم نائبه بحكومة الحرب الائتلافية وزعيم العمال والابن لأسرة متواضعة كليمنت أتلى سيارة عادية للدعاية.

انحاز الناخب، الذى عانى التقشف وشظف العيش لأتلى وأوصله لرئاسة الحكومة لينفذ أكبر تغيير عرفته البلاد بإقامة دولة الرفاه الاجتماعى وإنشاء هيئة الصحة الوطنية، فخر بريطانيا التى منحت العلاج المجانى لكل مقيم بها.

لم تكن هذه التمايزات، على أهميتها، هى فقط ما يفرق بينهما، فقد كان تشرشل شديد المحافظة ناقما على الاشتراكية والاشتراكيين، لا يؤمن بالمساواة، بينما كان أتلى نقيضه تماما.

ومع ذلك، عندما احتاج إليهما الوطن، شكلا حكومة إئتلافية وفضل أتلي، تشرشل على نفسه وأقنع أعضاء حزبه بأنه الرجل المناسب بهذا الوقت العصيب رغم كراهية العماليين الشديدة لشخصه وسياساته.

يقول ليو ماكنسترى مؤلف كتاب (أتلى وتشرشل.. حليفان فى الحرب، خصمان بالسياسة) الصادر قبل أيام: كان لديهما قدرة على التسامى فوق الخلافات والمشاحنات الحزبية الصغيرة، عندما شعرا بأن الوطن بحاجة إليهما، وأن المصلحة العامة أهم وأبقي.

حاليا، تمر بريطانيا بظروف هى الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية بسبب البريكست، وهناك مخاطر من تفككها نظرا لأن إسكتلندا وأيرلندا الشمالية ترفضان الخروج من أوروبا. ورغم ذلك، يتصرف السياسيون بانتهازية ويفتقدون حس المسئولية ويبحث كل واحد منهم عن انتصارات صغيرة، ولا يرتفع أى منهم لقامة تشرشل أو أتلي.

وللأسف، هناك بالعالم سياسيون ضيقو الأفق على غرار رئيس الوزراء جونسون وزعيم المعارضة كوربن، كل همهما البقاء بالسلطة أو الوصول إليها بينما حرائق الوطن تشتعل.

هؤلاء السياسيون أقرب لمندوبى مبيعات، يجتهدون فى الترويج لبضاعتهم بغض النظر عن مدى صلاحيتها. ليس لديهم رؤية، فقط أساليب للدعاية والإعلان.

قبل عقود، كان العالم مليئا برجال دولة يقدمون مصلحة الوطن على أنفسهم وأحزابهم، ينبهون الناس ويرفعون الالتباس حتى ولو كرههم الناخب.. الآن انظر حولك.. ماذا تري؟.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام

رابط دائم: