رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سد النهضة فى قمة مراكش للمياه

عائدة من مدينة مراكش المغربية التى احتضنت قمة المياه مطلع هذا الشهر التى افتتحها رئيس الوزراء المغربى سعد الدين العثمانى، وذلك بتعاون بين وزارة النقل واللوجستيك والمياه المغربية والمعهد الدولى للماء والبيئة والصحة بجنيف والشبكة للدولية للأحواض بباريس وهى خطوة تحضيرية للمؤتمر العالمى التاسع للمياه الذى سيعقد فى داكار بالسنغال فى مارس ٢٠٢١.وكان للأزمة بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة أصداء مؤثرة، سواء فى كلمات المتحدثين أو فى الكواليس والحوارات الجانبية، وبين الكثير من حضور المؤتمر من الوزراء والخبراء، حيث تساءل الجميع ما العمل لتطويق الأزمة؟.

الحساسية البالغة للأمن المائى تدفع حاليا إلى ربطه فى علاقة عضوية مع السلم الاجتماعى والتنمية الاقتصادية، وهو أمر طرحته أيضا جلسات المؤتمر، وخلصت إلى أن طبيعة التحدى تتطلب التعاون وليس الصراع والحاجة إلى تنسيق السياسات، خصوصا مع ارتباط ملف المياه بلمفات الطاقة والأمن الغذائى فضلا عن تغير المناخ.

ولعل هذه التحديات الجماعية تفرض الحاجة إلى المعرفة والابتكار فى مجال الماء، ولعل ذلك هو مايدفع إليه المعهد الدولى للماء والبيئة والصحة فى جنيف، عبر تكثيف جهوده الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لخلق الشراكات التعاونية فى هذا المجال، وأيضا تشجيع الابتكار فى مجالات خفض الاعتماد على الموارد المائية، وترشيد استخداماتها، من هنا قدمت هذه المنظمة جائزتها لهذا العام على هامش قمة مراكش إلى شركة مصرية شبابية تقدم تكنولوجيا مايسمى الإيكو سيتى لبناء مدن ذكية تستخلص الماء من الندى، وتعتمد على الطاقة الشمسية، وتقوم بتدوير المياه والمخلفات بشكل يتضاءل فيه اعتماد قاطنيها على إمدادات المياه والطاقة الخارجية، وهو ماجعل هذه الشركة طبقا لمديرها د. أحمد حسن تحظى برعاية رئاسية مصرية باعتبارها رائدة فى مجال جديد، ومن المنتظر أن نرى مشروعها الذى يتم على مساحة ٢٠٠ فدان خلال عامين.

وقد وجد هذا الطرح لبناء المدن المعتمدة على تكنولوجيا الإيكو صدى أيضا فى المغرب التى قدمت خبرتها الرائدة للمؤتمرين فى مجال الحفاظ على الماء مع تحديات التصحر وذلك إالى حد إنشائها متحفاً ضخماً بمراكش للمياه، دشن قبل أقل من عام واحد وحظينا بزيارته، وهو يحكى قصة الماء فى المغرب عبر التاريخ والأدوات والآليات التى تم اختراعها والتعامل معها للحفاظ على الماء وترشيد استخداماته المتعددة، وهو متحف يذكرنا بمتحف دول حوض النيل المقام فى أسوان والذى يقدم قصص العلاقات المائية بين الدول المشاطئة لنهر النيل العظيم.

الشاهد أن ماتم طرحه فى فعاليات مؤتمر مراكش من أفكار حول الحوسبة السحابية فى المجال المائى، وتطوير آليات التدبير الفعال للمياه على مستوى الأحواض المائية، حيث تبادل عدد من الدول الخبرات فى هذا المجال وكان تركيز الوزراء الأفارقة الحاضرين للمؤتمر كبيرا فى هذه المسألة، خصوصا مع مشكلات تغير المناخ والتصحر التى تسببت فى ألايحظى إلا نصف السكان الأفارقة بقدرة للوصول إلى المياه النظيفة والآمنة وأن يحاول مواطنو تسع دول فى إفريقيا العيش على متوسط أقل من 10 لترات للفرد يوميا وهم فى جامبيا وجيبوتى والصومال ومالى وموزمبيق وأوغندا وتنزانيا وأريتريا.

وللأسف يؤثر نقص المياه فى إفريقيا على الزراعة، لأنها تمثل نحو 35 من الناتج الإجمالى فى إفريقيا وتشكل 40 من صادراتها، كما تستوعب 70 بالمائة من فرص التوظيف وطبقا لخطة الاتحاد الإفريقى ٢٠١٣-٢٠٦٣ فإن الزراعة يجب أن تكون القوة المحركة للنمو فى المناطق الريفية حيث يعيش 70 بالمائة من الفقراء.

وعلى الرغم من وجود وفرة نسبية للمياه فى شرق إفريقيا، فى مناطق البحيرات العظمى التى ينبع منها نهر النيل فإنه لم يتم التعامل معها حتى الآن فى إطار تعاونى، ولكن يتم توظيفها فى أطر من الصراع أول مرحلة منه تمت تحت راية الاستعمار التقليدى الذى مزق هذه الدول وبعثرها فى تركيبات حدودية أثمرت صراعات مسلحة مازالت ممتدة حتى اللحظة الراهنة، خصوصا فى شرق الكونغو وأوغندا وجنوب السودان، وهى مناطق كان من المفترض أن تكون محلا لمشروعات مائية كبرى، مثل مستنقعات مشار على الحدود السودانية الإثيوبية وقناة جونقلى بجنوب السودان، بحيث تضيف الى حجم المياه القابلة للاستخدام فى نهر النيل الى مايزيد على نصف حجم الاستخدام الحالى والبالغ ٨٢ مليار متر مكعب من المياه.

أما المرحلة الثانية من الصراع على المياه فيتم حاليا بهندسة تسعى للسيطرة على نهر النيل بآلية سد النهضة، متجاهلة قواعد القانون الدولى للانهار المشتركة وهو الحديث الذى كان متصدرا الحوارات والكواليس فى قمة مراكش للمياه.


لمزيد من مقالات د. أمانى الطويل

رابط دائم: