كل يوم
أشرف مروان.. وساعة الصفر!

11 ــ لاشك فى أن مصر أثبتت قدرة هائلة على إدارة حرب شاملة فى ظل ظروف معاكسة أعقبت هزيمة مفاجئة لنا عام 1967.. ثم إن هذه القدرة الهائلة لم تقتصر على إعادة بناء القوات المسلحة وتأهيلها وتدريبها من خلال أشرف حرب استنزاف أبقت شعلة الأمل مضيئة فى النفوس، وإنما كانت هى القدرة التى أذهلت العالم كله فى ملف الخداع وتحقيق المفاجأة التكتيكية والاستراتيجية التى فتحت أبواب نصر اكتوبر 1973.

ولست أريد أن أدخل فى جدل بشأن الحملة التى دبرتها فى السنوات الأخيرة دوائر إسرائيلية لتشويه ملف الخداع المصرى بالادعاء أن أشرف مروان كان جاسوسا لإسرائيل وليس كما تقول مصر أنه كان أحد أهم أوراق الخداع المصرية، ولكننى سوف أستند إلى ما ورد فى تقرير لجنة أجرانات لتقصى الحقائق حول أسباب الهزيمة الإسرائيلية فى حرب أكتوبر التى أدانت كبار القادة العسكريين بتهمة التقصير وعلى رأسهم ديفيد اليعازر رئيس الأركان وشموئيل جونين قائد الجبهة المواجهة لمصر وإيلى زاعيرا رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية حيث أورد التقرير ما يلى بالحرف الواحد: «إنه حتى ساعات الصباح الباكر من يوم 6 أكتوبر لم تقدر القيادة العليا للجيش الإسرائيلى والزعامة السياسية أن حربا على وشك النشوب وأنه فى صباح اليوم نفسه عندما اتضح لهم أن الحرب ستنشب افترضت القيادة العليا خطأ أنها ستنشب فى الساعة السادسة مساء.

ومضى تقرير لجنة أجرانات.. «فقط فى الساعة الرابعة والنصف صباحا يوم 6 أكتوبر أبلغ رئيس فرع الاستخبارات إيلى زاعيرا القيادة العسكرية والسياسية استنادا إلى معلومات جديدة حصل عليها عن نية مصر وسوريا بدء القتال فى السادسة مساء وهذا الإنذار القصير لم يمكن من تعبئة الاحتياط بصورة منظمة وأن فارق الأربع الساعات بين بدء الهجوم الساعة الثانية ظهرا وبين السادسة مساء أدى إلى تشويش فى إعداد القوات النظامية وانتشارها السليم خاصة على جبهة قناة السويس».

هذا ما قالته أكبر لجنة تقصى حقائق إسرائيلية عن الحرب قبل 46 عاما وهو فى اعتقادى ينسف تماما المزاعم التى ظهرت فى السنوات الأخيرة من جانب إسرائيل لتشويه أشرف مروان الذى ضحك عليهم من خلال ملف الخداع المصرى لأنهم باعترافهم فى حملات التشويه قالوا إن مروان أبلغهم بأن الحرب ستنشب الساعة 6 مساء يوم 6 أكتوبر.. وهو ما يتفق مع ما ورد فى تقرير أجرانات عن معلومات جديدة حصل عليها رئيس المخابرات الإسرائيلية قبل ساعات قليلة من نشوب الحرب.

وغدا نواصل استعادة بعض من شريط الذكريات لأمجد الأيام والساعات فى تاريخ مصر الحديث.