سد النهضة والقانون الدولى

يمثل نهر النيل شريان الحياة فى مصر وأساس الحضارة المصرية, وتدفق النهر الخالد عبر العصور دون عوائق أو موانع، وظل كذلك حتى برزت قضية سد النهضة منذ سنوات وما أثارته من تداعيات سلبية وأضرار محتملة على مصر، تتطلب تغليب منهج الحوار والتفاهم بين دول الحوض خاصة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان, للتوصل إلى صيغة توافقية تحقق مصالح جميع الأطراف, وبما يضمن التوازن بين حق إثيوبيا فى التنمية وتوليد الطاقة الكهربائية, وبين حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل والتى تصل إلى 55 مليار متر مكعب سنويا.

ونهر النيل هو نهر دولى تحكمه قواعد القانون الدولى المنظمة للأنهار، وأبرزها الحفاظ على الحقوق التاريخية المكتسبة ومبدأ عدم الإضرار، والتفاهم والتنسيق بين الدول المتشاطئة فيما يتعلق بإقامة المشروعات الكبرى مثل السدود المقامة على النهر، وقد وصلت مفاوضات وزراء الرى والموارد المائية فى الدول الثلاث إلى حالة الانسداد السياسى نتيجة لتعنت الموقف الإثيوبى وتقديمه مقترحات جديدة بشأن القضايا العالقة حول نظام تشغيل السد وملء الخزان، وهو ما شكل تراجعا عن المقترحات السابقة، وخروجا عن وثيقة إعلان المبادئ التى أبرمتها الدول الثلاث فى 2015 وتنص على ضرورة التوصل إلى اتفاق حول القضايا العالقة عبر التفاهم والحوار, وأن يتم الاستعانة بتوصيات اللجان الاستشارية والمكتب الفنى بشأن نظام الأمان فى السد والذى قد يؤدى انهياره إلى غرق مساحات شاسعة فى السودان ومصر ونزوح الآلاف, إضافة إلى تحديد عدد سنوات ملء الخزان التى تطالب مصر بأن تكون سبع سنوات بدلا من ثلاث حتى لا تؤثر على تدفق المياه وحصة مصر السنوية التى تكفى بالكاد احتياجاتها المائية الأساسية، وهو ما دفع القاهرة إلى المطالبة بطرف دولى رابع لتسهيل المفاوضات المتعثرة، خاصة أن القانون الدولى هو فى صف الموقف المصرى.

وكما أشار الرئيس السيسى من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة فإن قضية مياه النيل مسألة حياة ووجود لمصر والمصريين، ولن يتم السماح بتشغيل السد عبر فرض الأمر الواقع، ولذا فإن الحوار والتفاهم بين الدول الثلاث هو الخيار الوحيد والحتمى لحل أزمة سد النهضة ومعالجة القضايا العالقة، وعلى الجانب الإثيوبى أن يلتزم بوثيقة المبادئ وإبداء المرونة الكافية التى تسهم فى تحقيق مصالح جميع الأطراف وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين فى مختلف المجالات.