رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أحمد بهاء الدين..
ربع قرن من الحضــور

فراج فتح الله

شخصية فارقة وكاتب فذ، مثقف تنويرى بامتياز، لديه وعى فائق وموهبة غير متكررة، عرف بتحليله الجاد للقضايا السياسية والمجتمعية، سواء المحلية أو العربية، بينما كان يبعد بنفسه عن الخطوط التحريرية المعروفة والتى تختلط بالمواقف السياسية والأيديولوجية الجامدة.

....................


إنه الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، رغم انه ولد فى الإسكندرية فى 11 فبراير عام 1927م، حيث كان والده يعمل بوزارة الأوقاف بالإسكندرية، إلا ان جذور العائلة تعود لقرية الدوير بمركز صدفا فى محافظة أسيوط. تخرج فى كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول عام 1946 م.

هو أول من هاجم عشوائية سياسة الانفتاح الاقتصادى المتبعة فى عهد السادات وذلك بمقاله الأشهر «السداح مداح» وذلك أثناء رئاسته لتحرير الأهرام. وقد تربت اجيال عربية على كتب أحمد بهاء الدين ومقالاته فى صباح الخير ودار الهلال والأهرام والعربى الكويتى.

متسق مع ذاته باقتدار، مؤمن بكل ما يكتب، هو مزيج من الوطنية الصادقة والحس الإنسانى والقدرة على التحليل والنفاذ إلى المستقبل.

ففى الخامس من يونيو 1967م هُزمت مصر، فأصُيب أحمد بهاء الدين بمرض السكرى، كما أصيب بنزيف فى المخ من جراء متابعة غزو العراق للكويت ودخل فى غيبوبة استمرت ست سنوات حتى عام 1996م.

كتب عنه الاستاذ محمد حسنين هيكل وقتها:

«اعترف أننى طوال أزمة وحرب الخليج لم أفتقد رأيا كما افتقدت رأى أحمد بهاء الدين. وفى وسط الطوفان العارم الذى ساح فيه الحبر على الورق أكثر مما ساح من الدم فى ميادين القتال, فإن كلمة أحمد بهاء الدين كانت هى الشعاع الوحيد الغائب فى وهج النار والحريق. كان الكل حاضرين, وكان وحده البعيد مع أنه كان الأقرب إلى الحقيقة والأكثر قدرة على النفاذ إلى جوهرها وصميمها. ولم يكن ابتعاده الاضطرارى مجرد خسارة للعقل المتوازن فى أزمة جامحة, ولكن الخسارة كانت أكبر لأن معرفته ببؤرة الصراع كانت أدق وأعمق بحكم أنه قضى خمس سنوات من عمره مهاجرا بعمله وقلمه للكويت, ومن هناك أطل على الخليج كله ورأى ودرس وفهم بعمق كما هى عادته».

رأس أحمد بهاء الدين تحرير مجلة «صباح الخير» فى يناير 1956م، وعمره لا يتعدى التاسعة والعشرين، والتى نتوقف عندها قليلا، فالمجلة كانت خطوة صحفية مبكرة لظهور مدرسة صحفية جديدة فى مادتها وشكلها، ونجحت المجلة فى جذب جيل جديد وبعثت فيه دماء جديدة، وقدمت رؤية عصرية لمصر والعالم. عبرت عن هذه الأفكار بأشكال فنية وجمالية جديدة، تعتمد فيه على الرسومات بدلا من الصورة الفوتوغرافية، وتعطى للكاريكاتير مساحة واسعة، وخرجت هذه الرؤية الصحفية فى شكل إخراجى مختلف، لم تشهده صحافتنا العربية من قبل.

كما كانت يوميات أحمد بهاء الدين فى جريدة «الأهرام» رصدا دقيقا للأحوال الاجتماعية والسياسية والثقافية التى شهدتها مصر.

ولأحمد بهاء الدين 37 كتابا لعل أشهرها: يوميات هذا الزمان وكتاب: المثقفون والسلطة فى عالمنا العربى، وكلهما تقديم الأستاذ محمد حسنين هيكل، أيام لها تاريخ، محاوراتى مع السادات، أفكار عصرية، الثورات الكبرى، هذه الدنيا، وتحطمت الاسطورة عند الظهر، فاروق ملكاً.

استقلالية بهاء الدين

أثبتت كل الدراسات التى بحثت علاقة المثقف بالسلطة بعد ثورة يوليو 1952م، أن أحمد بهاء الدين قدم نموذجا فريدا لهذه العلاقة، جعله أكثر موضوعية وأكثر مصداقية. كثيرون غيره من الكتاب والصحفيين ومن عموم المثقفين اقتربوا من السلطة حد الالتصاق، وقليلون هم الذين حافظوا على درجة معقولة من الاستقلالية فى الرأى، والأقل هم الذين انحازت مواقفهم لقناعاتهم وحدها، سواء أيدوا صاحب السلطان أم عارضوه، من هؤلاء القلة القليلة كان أحمد بهاء الدين، الذى كان حتى فى موقفه وعلاقته مع السلطة، متسقا مع دوره ومشروعه التنويرى.

أن أفضل طريقة لبقاء ذكرى أحمد بهاء الدين حية، هى إعادة طرح جانب من مشروعه الذى لم ينل حظه من الاهتمام، وهو رؤيته لرسم خريطة جديدة لمصر، وإعادة بناء القرية المصرية، ونقل الكثافة السكانية إلى الصحراء وخلق مناطق إنتاجية وصناعية فى الصحراء، كان يرى أن حل معظم المشكلات يكمن فى: «الاهتمام بالمحافظات حتى يكون لدينا مدن ومراكز حضارية فى الأقاليم تنافس القاهرة فى كل الخدمات». وأعتقد أن هذا ما تقوم به جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الآن.

جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين

أكبر مجمع ثقافى يقام فى قرية عربية، وهو مجمع أحمد بهاء الدين الذى أقامته الجمعية بقرية «الدوير» بتكلف 7 ملايين جنيه، وأقيم على مساحة 360 مترا. المجمع نال قبل افتتاحه عدة جوائز دولية فى التصميم لهندسته الفريدة التى تدمج جماليات المعمار وتنسجم فى الوقت نفسه مع تراث الصعيد، يبلغ ارتفاع المبنى 5 طوابق ويضم 15 قاعة بكل واحدة منها نشاط مختلف، ويتيح المجمع فرصة لمشاهدة وممارسة و تعلم اللغات والكمبيوتر والفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى والأدب والسينما والعرائس والغناء، فضلا عن قيامه بدور فى محو الأمية وتعليم القرآن والعلوم الشرعية، ويحتوى المجمع أول مكتبة تضم أكثر من 5 آلاف كتاب، بالإضافة لأكبر مكتبة متخصصة بمصر للقضية الفلسطينية وتحوى 2500 كتاب.

وقد كانت الجمعية تضم فى مجلس إدارتها كلا من: مثل محمد حسنين هيكل وأحمد ماهر وزير الخارجية المصرى والدكتور جلال أمين والدكتور محمود عبدالفضيل والمستشار طارق البشرى والدكتورة رضوى عاشور ووزير الثقافة الاسبق عماد أبو غازى وزياد أحمد بهاء الدين رئيس مجلس الإدارة. اتوا جميعا للدوير يوم افتتاح الجمعية فى 24 ديسمبر 2010 م،

الجمعية تسير فى طريقين كما أرى، والتى رفعت منذ إنشائها شعار التنوير والتعليم والتأهيل والثقافة والإبداع. الأول: يتم فيه على سبيل المثال وليس الحصر، أعمال تطوير عدة مشروعات تعليمية وصحية، ودعم مستشفى صدفا المركزى وتطوير ملاعب مركز شباب الدوير، وتطوير مدارس بالقرية، وإنشاء مركز التدخل المبكر للتأهيل الاجتماعى للأشخاص ذوى الاعاقة.

والثانى هو إقامة مسابقة سنوية «كتاب للقارئ العادى» وتخصصها للباحثين الشباب اقل من 35 عاما، من كل البلاد العربية، فى مجالات العلوم والفنون والنقد الأدبى والسياسة والثقافة والمجتمع، وورشة تعليم التحطيب، وورشة تعليم الموسيقى، وورش الصحفى الصغير، فضلاً عن الندوات الثقافية المتنوعة، كما تقيم الجمعية ورشة تدريبية تفاعلية فى السينوغرافيا والتأليف والإخراج المسرحى ــ وهو ما يفتقده شباب المسرحيين من أبناء محافظات الأقصر وقنا والوادى الجديد والبحر الأحمر والفيوم والمنيا وأسيوط ــ نتج عن ذلك مهرجان للفرق الحرة للمسرح تقام الدورة الرابعة له هذا العام، وهو ما يمثل أكبر حراك ثقافى ومسرحى فى الصعيد، ليبدأ الإشعاع الثقافى من القرية ليصل للمدينة ويجذب العاصمة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق