رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الفائـزون بجـوائز الدولة يتحـدثون..
د.راسم بدران الحائز على «النيل للمبدعين العرب»: الجائزة أعظم تكريم من «أم الدنيا»

جيهان فوزى

  • أحلم بإنشاء معهد باسمى فى فلسطين يتوج خبرتى فى مجال المعمار
 

حاز المعمارى الفلسطينى العالمى «راسم بدران» مؤخرا على جائزة النيل للمبدعين العرب لعام 2019، وهو أحد أبرز رواد الفكر المعمارى العربى المعاصر عربيا وعالميا بما أسسه من خلال مدرسته الفكرية, وصل إلى ما هو عليه- كما يقول- بسبب اهتمامه بالسرد القصصى النقدى لفك أدوات التصميم ومنهجياته التحليلية معماريا, لم يكن يبحث عن المجد والشهرة بقدر سعيه فى البحث عن منهج فى التحليل المعمارى, فقد تأثر منذ طفولته بالبيئة الفنية الغنية التى وفرها والده فى محترفه الفنى بـ «رام الله», فكان عنصرا رئيسيا لاجتذابه كطفل للرسم الحر منذ أن كان فى الرابعة من عمره, وساهمت فى تنمية قدراته التعبيرية التى شملت مواضيع تقنية وطبيعية وتحليلية وهذا ما ميزه عالميا ليكون من القلائل الذين جمعوا بين الفكر التكوينى والتعبير عنه باسكتشاته الفنية التى أخذت منحى تصميميا وتحليليا إلى جانب إلمامه بالتصوير الفوتوغرافى وتقنياته منذ الستينات, شيد العديد من الصروح والمساجد والمنشآت الفنية الرفيعة على مستوى العالم, وحاز على العديد من الجوائز الدولية والإقليمية والعالمية فى المسابقات المعمارية.

«الأهرام» تواصلت مع الفنان المعمارى العالمى «راسم بدران» عبر وسائل التواصل الاجتماعى وسلطت الضوء على أعماله وإنجازاته وأحلامه

فى هذا الحوار:

بعد تاريخ طويل من العمل الفنى والإبداع المعمارى توجت بحصولك على جائزة النيل للمبدعين العرب.ماوقع الفوز بالجائزة عليك؟خاصة أنها الأرفع والأعلى قيمة بين الجوائز الممنوحة فى مصر؟

وقع الجائزة كان عظيما لما تمثله من قيمة معنوية عالية, خاصة أنها تأتى من مصر أم الدنيا, لتجسد رمزية لحضارة عريقة وقيمتها المعنوية أكبر بكثير من القيمة المادية رغم ارتفاعها وتفردها بهذا المبلغ, وأنا أرى أن القيمة المعنوية والاعتبارية لحضارة عريقة كانت أهم مما تمثله من قيمة مادية.

تعد من أبرز أعلام العمارة العربية المعاصرة وأحد أبرز رواد الفكر المعمارى العربى المعاصر عالميا. كيف وصلت إلى هذه المرتبة الرفيعة؟

أنا وصلت لما أنا عليه من خلال اهتمامى بالسرد القصصى النقدى لفك أدوات التصميم ومنهجياته التحليلية معماريا كانت أو عمرانية, ولم اسع لأن اكون معروفا أو مشهورا, بل كان سعيى حول كيف أبحث عن منهاج فى التحليل المعمارى, وكما قلت التحليل المعمارى المرئى من خلال رسوماتى والتى تتخطى اللغة على اختلافها من خلال البصر والنظر للتحليلات المرئية, أن أقرا فكرة التدرج فى إنتاج الفكرة من بدئها إلى نهايتها, وكثير من الطلاب استفادوا من هذه التحليلات, لأنها تشكل أسلوبا ليس شخصيا وانما تشكل الطريق فى فهم المكان ومايسمى إبراز ذكاء المكان, أن أفك أدواته وأعرفه, ومن خلال هذا التعريف يوجد عمل معمارى يرتبط بصفة المكان وليس بصفتى أنا.

ولدت فى القدس لأب يعتبر من رواد الفن الاسلامى وأحد المؤسسين للحركة الفنية فى فلسطين. ماهى المحطة التى كانت فارقة فى حياتك المهنية؟

أنا من مواليد القدس الشريف ومن أصول عائلة فى مدينة نابلس, والدى مؤسس الحركة الفنية فى فلسطين منذ العشرينيات من القرن الماضى, وتميز بكونه أبدع فى مجال الفنون التشكيلية كاملة وبالذات الاسلامية, أثرت مواهبه كفنان فى مسارى الفنى لأننى كنت أراقبه خلال إنجازه للوحاته وأعماله الفنية فى مرسمه بمدينة رام الله وأنا فى الثالثة من عمرى, مما دفعنى لأن أبدأ بنفسى الرسم, أرسم ما أشاهده وأنا فى سن الرابعة, أى مارست لغة التعبير المرئى من خلال ماأرسمه وهذا فتح لى أبوابا لاحدود لها. وصلت لما أنا عليه عندما كنت فى ألمانيا أدرس فى جامعة مشتاد للهندسة المعمارية, كرست امكاناتى وأدواتى لخدمة المنهج المعارض للكلاسيكيات فى التعليم الاكاديمى, فكان المنهج التحليلى البحثى الاستقصائى هو المنهج الذى جعل كثيرا من علوم العمارة فى مأزق وحرج, عندما نبحث عن الحقيقة من خلال مانراه وليس من خلال ما نقرأه من كتب عن أزمة غابرة, كوننا تخطينا هذا النقل المتداول للوثائق الاكاديمية وتدريسها فى الجامعات, إنما نحاول أن نؤلف رؤيتنا حول فهم العمارة من خلال المعايشة الحقيقية لقضايا المجتمع والبيئة والأزمات الاقتصادية والفكرية, هكذا نكون وجدنا مايسمى منهج التغيير حسب تطور الزمن, وهو يجعلنى أمارس هذا الاسلوب فى التفكير فكرست إمكاناتى التعبيرية الاسكتشية كى ننقل هذا المفهوم الذهنى الأدبى إلى مفهوم مرئى مصور.

توج والدك جمال بدران مساره الفنى بإعادة ترميم بعض الأعمال الفنية التى تخص المسجد الأقصى بعد الحريق الذى لحق به عام 1968 .كيف تقيم هذا العمل العظيم فى ضوء خبرتك المعمارية؟

بالفعل توج والدى مساره الفنى كخبير فى الزخارف الاسلامية ويعتبر من رواد الفن الاسلامى, وحين كلفه الملك الراحل حسين بن طلال بإعادة رسومات منبر صلاح الدين الأيوبى, وصفته منظمة اليونسكو بأنه إنسان لن يتكرر مثيله فى العالم الاسلامى, والدى درس الفنون التطبيقية فى مصر فى العشرينيات, ثم انتقل إلى بريطانيا ودرس الفنون التطبيقية والحرفية فى معهد الفنون فى بريطانيا.

شكلت أعمالك رافدا مهما للباحثين الاكاديميين وطلاب العمارة وصدر عدد من الدراسات حولها, وهو ما يعتبر فخرا لكل الفلسطينيين والعرب.. هل تعتقد أن مساهماتك العلمية والفنية يمكن أن تكون نقطة ارتكاز للمشاركة فى إحياء التراث الفلسطينى؟

إمكانية مشاركتى فى إحياء التراث الفلسطينى تكمن فى كيفية فهم هذا التراث, وكيف أفكك مكوناته المادية والاجتماعية والبيئية, وأظن أن الموضوع المحورى هو كيف أنظر لهذا التراث بعين وعقل متخصصين متفاديا النسخ الحرفى الظاهرى له.

لم تعش فى فلسطين بلدك الاصلى وعشت فى الأردن متنقلا بين عواصم العالم, فماهى المحطة الفارقة فى حياتك المهنية والانسانية؟

أهم محطة شكلت محورا فى حياتى كانت بداياتى مع الرسم الحر, أرسم ما أراه من الذاكرة وأنا فى سن الرابعة كما أسلفت, وكأننى اكتشف أسرار الحياة وانطلقت من خلالها إلى الحياة, إلى فهم الكون, فاستمتعت بالمكون المادى والروحى لهذه الحياة, تبعتها محطات كثيرة متوالية فى أهميتها شكلت بتتابعها قصص اكتشاف النفس الانسانية والكونية التى تحيط بى, هذه المحطات كانت دائما فى حالة تصعيد, وإذا اردت أن أذكرها فهذا يحتاج إلى بحث كامل بدءا من 1950 إلى يومنا هذا.

هل زرت القدس مؤخرا؟ وماهى أحلامك فى إضفاء بصمتك المعمارية على المدينة المقدسة؟

آخر زيارة لى إلى القدس كانت عام 2000حين تم دفن والدى فى مقابر الأقصى الشريف، حيث رسم مخططات منبر صلاح الدين الأيوبى الذى احترق عام 1968. وأنا أبحث عن هوية المكان من خلال منهج التحليل, ابحث عن ذكاء المكان الذى يعبر عن كينونتنا التى ربما انفردت به إقليميا وعالميا, وهذا يظهر جليا عندما يتصفح الباحث أو القارئ كتابى الذى صدر عام 2005 باللغة الإنجليزية وكتبه البروفيسور(جيمس ستيل) من جامعة جنوب كاليفورنيا حيث نشرته اشهر دائرة نشر فى العالم (T&H-London-New York), هذا الكتاب يحتوى على الكثير من الاسكتشات التحليلية التى تظهر كيف ابحث من خلال عينى الثالثة سمات المكان وأدواته التعبيرية التى يفرزها المكان وليست أدواتى أنا. انا لا أفرغ نمطى فى عملى, نمطى هو كيف أفهم هذا المكان واكتشف أسراره لأننى عندما أضع نمطى كأننى أصبحت متسلطا وديكتاتورا, نمطى أنا كيف أفكر وليس ماأعبر عنه.

هل تشعر أن السلطة الفلسطينية كرمتك كما ينبغى أن يكون لعالم فى مجال المعمار؟ وهل لديك مشاريع ملهمة تقدمها لفلسطين؟

السلطة الفلسطينية كرمتنى عندما منحتنى أول جائزة معمارية تكريمية لمعمارى فلسطينى فى عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 1997, أما ماذا استطيع أن أقدم لفلسطين الآن, فمشروعى الوحيد بقدر الإمكانات المتوافرة, هو كونى أترأس لجنة تحكيم دائم لجائزة صباغ وخورى للإبداع الهندسى (جائزة فلسطين) للعمارة والهندسة برعاية بكدار وهى الشركة المتحدة للانشاء الفلسطينية (CCC).

تاريخك الإنسانى والمهنى حافل بالإنجازات والجوائز الدولية والعالمية. ماهى أحلامك المستقبلية خاصة بعد حصولك على جائزة النيل للمبدعين العرب؟ وماذا تستطيع أن تقدم لفلسطين؟

أعتقد عندما تتحرر فلسطين وأشعر بأننى فى مكانى وفى أرضى أعبر كما أريد وأشعر بكرامة الانسان وبالحرية فى التعبير, عندها أفكر فى إنشاء معهد يحمل اسمى.

هذا المعهد هدفه صقل فكر الخريجين الشباب من طلاب العمارة والمعماريين, ليفهموا كيف تدرس العمارة، وكيف يفهم البعد الاجتماعى والبيئى والكونى والتقنى وأدوات التعبير وعلاقتها مع أسرار المكان, هذا الفكر لا يدرس فى الجامعات للأسف.

كيف تفهم لغة المكان؟

فالمكان لغة تصبح فى المستقبل هى تاريخ هذا المكان, تاريخه المتجدد.

أتمنى أن أنشئ هذا المعهد ليضيف ويصقل ذهن المعمارى الشاب حديث التخرج, ليتحول من العمارة الترقيمية إلى العمارة الذاتية, من لغة المكان التى تفرزه لغة المكان, وهذا اسميه ذكاء المكان, لأن المكان لديه ذكاء يجب أن نفهمه وننظر إليه بعين مختلفة, عين تتخطى المادى المباشر وتنظر إلى ماوراء الشىء, ولدى أدوات مارستها من خلال اسكتشاتى ودراساتى ومن خلال مايسمى أن أؤلف حول العنوان, أن أفكك العنوان واعيد تركيبه لا ألتزم بالنص الحرفى له، أتمنى أن أنشئ هذا المعهد لكى أعطى للطلاب فرصة أن ينطلقوا ويتحرروا من هذا القيد التلقينى الجاف لعلوم العمارة والتصميم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق