كثيرون خارج ليبيا يتصورون أن الصراع فى البلاد عبارة عن صراع على السلطة ما بين رجلين هما المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبي، وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق، وأن كل الدماء التى تراق فى ليبيا الآن بسبب الصراع بين هذين الرجلين وتمسك كل منهما بـ«وراثة» القذافى فى حكم ليبيا، وأنه لو خرج حفتر والسراج من المشهد السياسى ربما أمكن تحقيق المصالحة بين أبناء الشعب الليبى الشقيق قبل أن يتفاقم الصراع ويتم تقسيم الدولة الليبية إلى دويلات!
والواقع أن اختزال الصراع فى ليبيا على حفتر والسراج اختزال مخل، لأن الصراع أصبح الآن بين تيارين أحدهما يسعى لإقامة دولة مدنية يقوده حفتر، وآخر يسعى لإقامة دولة «إخوانية» يقوده السراج، وتدعمه بالمال والسلاح كل من قطر وتركيا ليس حبا فى السراج أو حتى فى ليبيا، ولكن نكاية فى مصر والسعودية والإمارات العربية والقوى العالمية الأخرى التى تدعم مساعى حفتر من أجل حماية وحفظ وحدة الأراضى الليبية، وإقامة دولة مدنية. وقد أصبح واضحا للعالم أن قطر وتركيا لا تدعمان السراج ولا ليبيا، وإنما تحاربان القوى الإقليمية الأخرى التى تساند حفتر، وربما تسعيان لإقامة دولة «إخوانية» طيعة لهما وعلى هواهما فى ليبيا، حتى وإن جاء ذلك على حساب تفتيت الأراضى الليبية وتقسيمها بين الفرقاء المتناحرين.
للأسف الشديد أصبحت الأزمة فى ليبيا تحت رحمة القوى الإقليمية والدولية، وكان تدخل الأمم المتحدة ودعمها لفريق السراج ضد حفتر كارثيا على الليبيين، وفتح الباب لتدخل إيطاليا، وفرنسا، وتركيا، وقطر، وآخرين فى الأزمة الليبية حتى أصبح لكل منهم مصالحه، سواء فى استمرار الأزمة أو دعم فريق ضد آخر!
لمزيد من مقالات منصور أبو العزم رابط دائم: