تنتج مصر أكثر من 35 مليون طن من المخلفات الزراعية سنويا وما يعاد تدويره لا يتجاوز 12 % من هذه الكمية، بينما يتم التخلص من ملايين الأطنان الأخري إما بحرقها أو بإلقائها في الترع والمصارف، وهنا تبرز أهمية التوصل لحلول عملية علي أسس علمية سليمة قوامها بحث علمي متخصص قابل للتطبيق يجنبنا عمليات التخلص الضارة كالحرق والدفن لتلك المخلفات التي ينجم عنها تلويث البيئة.
وعن آخر تلك الأبحاث تقول الدكتورة أميرة صلاح مستشار لجنة البيئة والطاقة بالمركز العربي للنانو تكنولوجي ـ يهدف البحث إلي تحويل المخلفات الزراعية الي نانوسيليلوز (CNFS) ويعد المكون الرئيسي لألياف النباتات، وهو مادة جديدة واعدة خفيفة الوزن ومتينة وصديقة للبيئة حيث إن وزنها خُمس وزن الفولاذ وقوتها 5 أضعافه، ولهذه الألياف الكثير من التطبيقات المستقبلية مثل صناعة الشاشات الإلكترونية وهياكل الطائرات وفلاتر لتحلية المياه وأجزاء سيارات خفيفة ومتينة من خلال دمج ألياف النو سيليلوز مع البلاستيك أو المطاط،كذلك تصنيع زجاج متين ومقاوم للتشوهات الحرارية وعلي اعتبار أن هذه الألياف تقاس بالنانو (يعادل واحدا من المليار من المتر) فإنها تسمح للضوء المرئي بالمرور من خلالها، وعلي الجانب البيئي سينخفض مقدار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وعن طبيعة هذه المادة تشرح د. أميرة أن السيليلوز يعد من أهم البوليمرات التي يتم استخلاصها من النباتات الزراعية مثل حطب القطن المصري وقش الأرز وتحويله الي نانوسيليلوز،حيث ينتج ثنائي أسيتات السيليلوز عن طريق الأكسدة بواسطة حمض الكبريتيك كعامل محفز، وباستخدام المجهر الإلكتروني وتحليل الرنين المغناطيسي تبين أن منتجات النانو المستخلصة تتميز بمواصفات كيميائية وفيزيائية ومورفوليجية هائلة تجعل منه مركبات مثالية لجميع التطبيقات السابقة، فعلي سبيل المثال في تقنية تحلية المياه تم تحضير أغشية أسيتات السليلوز باستخدام تقنية الانعكاس الطوري للتخلص من الملح باستخدام خاصية التناضح العكسي (RO).
ولتحسين رفض الملح وزيادة تدفق المياه لهذه الأغشية تم استخدام تركيزات مختلفة من النانوسيليلوز وقياس مدي كفاءتها، وتبين أن إضافة النانوسيليلوز تساعد علي تحسين زاوية التلامس .كما تم عمل الاختبار لدراسة مدي قوة الشد للغشاء التي أظهرت النتائج قوتها ، كما ان استخدام البولي إستر كدعامة كان له أثر قوي في تحسين متانة الأغشية وقد وجد أن كفاءة الأغشية المصنعة من السيليلوز العادي هي 92.1%، وبينما بلغت كفاءة الأغشية المصنعة من نانوسيليلوز اسيتات المستخلص من قش الارز 98% في حين بلغت كفاءة الأغشية المصنعة من نانوسيليلوز اسيتات المستخلص من حطب القطن 99.3%، وتعتبر أفضل نسبة معدلة. ولم تقتصر مزايا الأغشية المصنعة من النانو سيليلوز علي الكفاءة فقط من حيث التحلية والتخلص من الأملاح بل كان لها تأثير قوي جدا من حيث منع ترسب البكتريا علي سطح الأغشية حيث كانت تترسب البكتريا علي سطح الأغشية المكونة من السيليلوز العادي بنسبة 70% وحين تحسنت هذه النسبة كثيرا أصبح ترسبها علي سطح الأغشية المصنعة من النانوسيليلوز يرتفع الى 17 %.
ولا يقتصر تطبيق هذا البحث علي قش الأرز وحطب القطن فقط بل ويمكن تطبيق هذا البحث علي أي مخلفات زراعية مثل جريد النخل ومخلفات الذرة، وبهذا يتضح لنا ان تحويل المخلفات الزراعية الي نانوسيليلوز يسهم بنسبة كبيرة في تحلية المياه ويقلل من تلوث البيئة.
رابط دائم: