رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عندما كتب حسن البنا عن أمجاد موسلينى الذى يفسر مبادى الإسلام!..
«الفاشية الإسلامية».. كتاب يفضح تناقضات التطرف الدينى

مصطفى طاهر

لم يشهد مشروع «حامد عبدالصمد» التنويرى، فى محاربة التطرف والجهاديين، تجليا بهذه الجدية، كما يظهر من كتابه الأنجح على الإطلاق «الفاشية الإسلامية» الذى صدر بعشر لغات حتى الآن، وخرجت طبعته العربية إلى النور أخيرا، بعد ما يقرب من خمس سنوات على صدور طبعته الإنجليزية الأولى، ورغم أن «حامد عبدالصمد» يقع فى بعض سطور كتابه فى فخ الحدة نفسها التى قادت هؤلاء المتطرفين إلى تفسيراتهم السيئة للدين القويم لخدمة أغراضهم ومصالحهم الضيقة، ونواياهم السوداء تجاه مجتمعاتهم، لكن الكتاب يقف بمنهجه العلمى على مجموعة من النقاط بالغة الأهمية التى تفضح تناقضات تلك التيارات المتطرفة التى حاولت إفساد المجتمعات عبر العصور، بعوارهم الفكرى تارة، وبالأسلحة والقنابل تارة أخرى.
........................

الطبعة العربية للكتاب التى صدرت تواكبا مع اليوبيل الذهبى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، عن دار ميريت للنشر، تأتى فيما يزيد على 300 صفحة، مقسمة إلى 14 فصلا، ويناقش فيها «عبدالصمد» ثنائية الفاشية والإسلاموية فى التاريخ الحديث والجذور التاريخية للفاشية الإسلامية عبر العصور وصولا لفاشية الإخوان وأفكار سيد قطب، كما يستعرض حاضر الفاشية الإسلامية فى أوروبا والاحتكار الثقافى والديكتاتورية الإسلامية.

منذ السطور الأولى للكتاب، التى تحمل إهداء المؤلف، لكل من محمود محمد طه ود.فرج فودة، ورسامى شارلى إبدو، ولكل من أدركوا أنه لا يوجد حل وسط بين الحرية والفاشية، ستستطيع أن تعرف ما هدف إليه «عبدالصمد» من دراسته، التى تبدأ من مقدمتها فى شن الهجوم الشرس بمنهج علمى يحمل الكثير من الحجج، على المتطرفين والإرهابيين وجماعات الإسلام السياسى، التى يفضح الكاتب، طرقهم الساذجة فى اختراع أعداء وهميين أحيانا، لصناعة الحشد، فى حالة غياب أعداء حقيقيين.

الناشر الأمريكى «بروميثيوس» قال فى تقديمه للكتاب، إن الفاشية الإيطالية ظهرت بطريقة مشابهة للنازية، والحركتان خرجتا من رحم الحرب العالمية الأولى، وبنفس الطريقة ظهرت جماعة الإخوان التى ولدت بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وسقوط الخلافة، وتشترك الحركات الثلاث فى علاقات أيديولوجية أساسية، تتمثل فى الفكر الجمعى الأممى، والإيمان بوجود قلة دينية أو قومية مختارة، وقمع الآخر بعنف، والسعى الإمبريالى للهيمنة على العالم.

يعمل حامد عبدالصمد طوال صفحات الكتاب على تفكيك الأيديولوجية المتطرفة لذلك التيار الذى نشر العنف فى أنحاء العالم، مؤكدا أن كل نظام فاشى يلزمه بالضرورة تأسيس سيناريو لخطر وشيك الحدوث «الفزاعة» وتعليم وإعلام يقسمان العالم إلى عدو وصديق، ومخطط خارجى يترصد البلاد، بحيث يتحد ذلك التيار خلف راية قائد معصوم مُلهم، ضد عدو يكون غالبا من نسج الخيال.

يعرض الكتاب الفكرة الفاشية، التى تبدو كأنها دين سياسى، يعتقد أتباعها أنهم يملكون الحقيقة المطلقة، ويقف قائدهم المعصوم على قمة هرم السلطة، متسلحا بمهمة مقدسة لتوحيد الأمة وسحق خصومها، تشترك الإسلاموية الحديثة فى كل هذه الصفات، ومعارضة كل ما هو حداثى، ومحاربة قيم التنوير وإعلاء فكرة التضحية بالنفس حتى الموت فى سبيل الأفكار الفاشية.

ويفند الفصل الثانى، التاريخ الأسود لجماعة الإخوان المسلمين، ويعرض المحاولات الفاشلة لتلك الجماعة للاستيلاء على السلطة فى مصر بالقوة، ووصفهم فى مرحلة من المراحل أن الانتخابات الديمقراطية كُفر محض، كما يعرض «عبدالصمد»، فى الكتاب مشاهد عن حالة الحب بين النازية والإخوان، وعن التواصل المباشر بين هتلر وحسن البنا، عن طريق الشيخ أمين الحسينى «مفتى القدس»، وقيام هتلر بتخصيص موقع لإنشاء مسجد فى مدينة ميونخ الألمانية، بهدف تعزيز الجماعة.

الكتاب حقق صدى واسعا منذ صدوره على المستوى العالمى، فقالت عنه جريدة «لوفيجارو» الفرنسية، إن كاتبه هو واحد من أهم خبراء الإسلام السياسى فى أوروبا، وإن الكاتب يوضح أوجه الشبه بين الفاشية والإسلام السياسى، و يبحث عن جذور الفاشية الإسلامية، ووصفته «دويتشه فيلة» الألمانية، بأنه يوجه نقدا تنويريا للإسلام السياسى، بينما قالت جريدة «زودويتشه» الألمانية، إن حامد عبدالصمد كان إسلاميا فى الماضى، واليوم هو يحارب بكل شراسة من كان ينتمى إليهم يوما، وإنه «سلمان رشدى المصرى»، وعرضت صحيفة «اسبريسو» الإيطالية الكتاب، مشيرة إلى أنه ليس أمرا جديدا أن يواجهنا حامد عبدالصمد، بأطروحة مثيرة للجدل، ورغم التهديدات المتتالية بالقتل، يعود صاحبه من جديد لكى يحذرنا أننا يجب أن نظل يقظين حتى لا تسود ثقافة الفاشية الإسلامية فى أوروبا، وقال د.دانيال بايبيس، من ملتقى الشرق الأوسط بواشنطن، انه كان فى الماضى متوجسا، من مصطلح الفاشية الإسلامية، ولكن عليه الآن أن يعترف بأن حامد عبدالصمد قدم فى هذا الكتاب أقوى الحجج لأن الإسلام السياسى، هو نسخة من نسخ الفاشية، وأن معرفته العميقة وحججه المنطقية تجعل هذا الكتاب جديرا بالقراءة، وتحليلا مهما لكى نفهم العدو.

من المفارقات الكوميدية التى يقدمها الكتاب، هو فضحه سذاجة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين «حسن البنا»، الذى يحوى الكتاب أحد مقالاته، تحت عنوان «السنيور موسولينى يشرح مبدأ من مبادئ الإسلام»، ويقول «عبدالصمد» إن البنا كان منبهرا ومسلوب العقل بخطاب موسولينى عام 1935م، حين ألزم «الفاشى الإيطالى» بلاده بحرب أبدية، بل قام البنا فى كتابه بالمزايدة على موسولينى، مؤكدا ان فكرة الحشد المجتمعى، لم تبدأ تحت ظل الفاشية، ولكنه يلصقها بالإسلام، وقال إن المسلمين كانوا سباقين إلى تلك الفكرة قبل قرون!، كما يكشف «عبدالصمد» عن الإشاعات التى كان يطلقها الإخوان لدعم النازيين وقت الحرب العالمية الثانية، مثل اعتناق هتلر الإسلام وغيرها، وذلك لابتزاز الشعب المصرى عاطفيا.

الفصل الخامس من الكتاب، يأتى تحت عنوان «من جوتنبرج إلى زوكربيرج» الاحتكار الثقافى والديكتاتورية الإسلامية، يعد من أبرز الفصول، حيث يقدم استعراضا لتاريخ الإسلام فى بداياته، وقدرته على استخلاص الأفكار ودمج الحضارات، من خلال التفاعل مع الأمم التى سبقته، وكيف حافظ المسلمون الأوائل على أفكار الثقافات الخاصة بهذه الحضارات، وكيف طور المسلمون أنفسهم باقتراض النظام الحكومى الفارسى، والهيكل العسكرى البيزنطى، وكيف حصدوا جميع مزايا التبادل الثقافى من بغداد إلى دمشق ومن القاهرة إلى قرطبة، قبل أن يفعل المتعصبون والمتطرفون أفعالهم لمحاولة حصد المكاسب الضيقة بحجج كان الدين بعيدا عنها، ويعرض الفصل لتقاطعات الإسلام، مع التحولات العملية والثقافية عبر العصور، منذ اختراع الطباعة حتى زمن وسائل التواصل الاجتماعى.

فكرة الكتاب جاءت على خلفية فتوى بالقتل، أصدرها بعض رموز السلفية المصرية، بعد إلقاء «عبدالصمد» لمحاضرة فى القاهرة، فى 4 يونيو 2013م، بعد عزل مرسى بساعات، حول «الفاشية الدينية فى مصر».

حامد عبدالصمد قبل تلك المحاضرة، وقبل كتابه، يحمل تاريخا فى مواجهة الفاشية الإسلامية، سواء من خلال عمله كباحث فى العلوم الاجتماعية وتاريخ الإسلام، ثم العمل مدرسا للدراسات الإسلامية فى جامعتى إيرفورت وميونخ بألمانيا، وخبيرا تنمويا بمنظمة اليونسكو، صدر لحامد عبدالصمد بالإضافة لذلك الكتاب، رواية «وداعا أيتها السماء» عام 2008م، سقوط العالم الإسلامى «دراسة» 2010م، الحرب أو السلام «دراسة»، بالإضافة لروايته الجديدة «رحلة باستين الأخيرة» التى صدرت منذ أسابيع.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    حسن
    2019/03/01 06:19
    0-
    0+

    الاعتقاد
    الهجرة إلى ألمانيا عمل عبد الصمد بعد تخرجه في مجال السياحة وتعرف على سيدة ألمانية يسارية ذات ميول صوفية تكبره بثمانية عشر عاما والتي قامت بدعوته إلى ألمانيا. سافر في عام 1995 إلى ألمانيا وكان عمره آنذاك 23 عاما وتزوج من تلك السيدة ، ولم تكن تلك الزيجة عن حب كما يقول عبد الصمد حيث كان يطمح للحصول على جواز السفر الألماني 2[1] . ويرجع عبد الصمد هذا التناقض إلى نشأته وإلى ما تعرض له من اغتصاب. امد عبد الصمد يعتنق الفكر العلمانى ، حيث يرى أن الإسلام جزء من مشكلة العالم الإسلامى وليس جزءا من الحل ويقصد بذلك الجانب السياسى من الإسلام. وحول القرآن يقول عبد الصمد "القرآن كان كتابا رائعا للقرن السابع، أما في القرن الواحد والعشرين فليس له مكان"[4] ويقول عبد الصمد حول مسألة ربط العنف بالدين والحل لهذا الأمر: "لقد ارتبط العنف بالحضارة (...) نحتاج إلى ملحدين للتشكيك بطريقة إلحادية في كل شيء في هذا الدين بدون محظورات"[5]. ويقول إن القرآن حجر عثرة في طريق تطور المسلمين لأن الإصلاح يبدأ وينتهي بالنص القرآني.
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق