رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حدائق بلا أسوار

سواء تم التراجع عن تلك الجريمة التى كانت تستهدف ما تبقى من حدائق الملاحة بالإسماعيلية، بتدخل مباشر من الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، أو اللواء حمدى عثمان محافظ الإسماعيلية، فإن ما حدث على كل حال أمر يستحق التحية، وأوقف بالفعل جريمة مكتملة الشروط والأركان، كانت ستتم بحق واحدة من أجمل وأعرق المسطحات الخضراء فى مصر، الذين يترددون على الإسماعيلية،يعرفون ماذا تعنى تلك الحديقة، التى تمتد على جانبى ترعة الإسماعيلية من بداية مدخل المدينة مخترقة شارعها الرئيسى فى نعومة، حتى نقطة التقاء المياه الحلوة ببحيرة التمساح، وكيف ينسل هذا الجمال المخاتل باتجاه منطقة نمرة 6 مخترقا الحى الفرنسى والاستراحة الرئاسية القديمة، قبل أن ينتهى إلى تلك المنطقة التى شهدت قبل أكثر من أربعة عقود، ارتقاء بطل العسكرية المصرية الفريق عبد المنعم رياض إلى مواكب الشهداء.

على مدى عقود من الزمان، كانت حدائق الملاحة، ولا تزال، هى المتنفس الرئيسى لأهالى الإسماعيلية، أو الزائرين من المحافظات المجاورة، فلا تخطئ العين مشاهد عشرات من الأسر، وهى تفترش العشب الأخضر، لتستمتع بنسمات العصارى فى أمان، أو العشرات من مختلف الأعمار، وهم يمارسون رياضة المشى يوميا، على الطريق الموازى للبحر، لكن ذلك كله لا يعنى أن أهالى الإسماعيلية يتعاملون مع حدائق الملاحة باعتبارها مكانا للاستجمام والنزهة، فتحت كل شجرة عتيقة ذكري، وفوق العشب الأخضر سجل كامل من ذكريات عصية على النسيان، لآباء حملوا السلاح دفاعا عن المدينة طوال فترة حرب الاستنزاف، وأجداد دفعوا ضريبة الدم، مع كل معول فى تلك التراجيديا التاريخية عند حفر القناة قبل أكثر من قرن من الزمان.يستحق الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، التحية مرتين، مرة لأنه قرر على الفور وقف تلك الجريمة، التى كانت على وشك التنفيذ ببناء أسوار حول الجزء الباقى من حدائق الملاحة، تجاوبا مع حالة الانزعاج الشديد التى أصابت الأهالي، وهم يشاهدون أرتال السيارات وهى تحمل مواد البناء اللازمة للشروع فى تنفيذ تلك الجريمة، ومرة أخرى لأنه قرر أن تمتد يد إدارات الأشغال والبساتين التابعة لهيئة القناة، لإعادة تجميل الملاحة مرة أخري، وإزالة آثار العدوان، التى خلفتها مئات من الكرافانات التى زحفت على المنطقة دون أدنى تخطيط أو متابعة، فحولتها إلى سوق عكاظ. على أن ما يزعج المرء كثيرا فى تلك الأزمة، هو حالة الصمت المطبق التى التزم بها نواب الإسماعيلية، باستثناء نائب وحيد، أعرف أنه بذل جهدا كبيرا فى هذا الملف، لأسباب إنسانية بحتة، فقد كان حتى وقت قريب يلعب معنا كرة القدم فى تلك المساحات الخضراء الممتدة على مرمى البصر، والتى لم تفلت صغيرا أو كبيرا فى الإسماعيلية، إلا وأسقطته فى الغواية.

شكرا للفريق مهاب مميش، وللواء حمدى عثمان، والشكر موصول للنائب أشرف عمارة، ولعل عودة الروح إلى حدائق الملاحة من جديد، تفتح الطريق أمام إزالة ما بنى من أسوار فى مناطق أخري، وتنسيق أوسع بين محافظة الإسماعيلية وهيئة قناة السويس، فتمتد يد التطوير والتحديث والنظافة، لكثير من أحياء مدينة، قيل عنها قبل سنوات قريبة، أنها آخر المدن النظيفة فى مصر.


لمزيد من مقالات أحمد أبو المعاطى

رابط دائم: