رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

قراءة فى التوجيهات الإستراتيجية للحرب

تعد حرب أكتوبر 73 مرجعاً تاريخياً فى كل من المجالين العسكرى والسياسي؛لما لها من تأثير واضح على العسكرية المصرية وتطورها، ونعرض موجز لبعض التحولات التى وقعت على مستوى الفكر العسكرى المصرى خلال الفترة من نكسة 1967م ،وأكتوبر1973م، حيث رأت القيادة السياسية تطوير أسلوب اتخاذ القرارات الإستراتيجية باتباع النهج العلمى المؤسسي، بإصدار مجموعة من القرارات تؤطر لمؤسسية التخطيط الإستراتيجى من أهمها: قرار جمهورى بقانون رقم 68/4 بشأن القيادة والسيطرة وسلطات رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، وإنشاء مجلس الدفاع الوطني، ومجلس أعلى للقوات المسلحة.

التوجيه الإستراتيجى فى الأول من أكتوبر1973، يعد من أهم الوثائق الإستراتيجية فى تاريخ مصر المعاصر، فقد وجهه الرئيس السادات إلى وزير الحربية الفريق أحمد إسماعيل وتقرر فيه: إزالة الجمود العسكرى بكسر وقف إطلاق النار، وتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة والعمل على تحرير الأرض على مراحل متتالية حسب تطور إمكانات وقدرات القوات المسلحة، على أن تنفذ هذه المهام بواسطة القوات المسلحة منفردة أو بالتعاون مع القوات المسلحة السورية.

هذا التوجيه كان ذروة التوجيهات الإستراتيجية التى صدرت بعد الانسحاب من سيناء يونيو 1967م ورغم إيجازه الشديد فقد تضمن بكل وضوح مهمة هدم نظرية الأمن الإسرائيلية التى اعتمدت على عدة أعمدة من أهمها التفوق العسكري، ومع انتهاء الحرب فى 10 يونيو عام 1967، بدأت مصر فى ترتيب البيت من الداخل على كل الأصعدة، ووضع الأسس والمبادئ السياسية والعسكرية السليمة لإعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة على أسس علمية، والتى على أساسها سيبدأ مسار التحرير، وكانت أولى الخطوات هى البدء فى إعادة بناء القوات، والإعداد المعنوى والعملى للمقاتل، وكذا إعداد الجبهة الداخلية.  فقد بدأت سلسلة التوجيهات الإستراتيجية للإعداد للحرب وتحرير الأرض، مع صدور التوجيه السياسى العسكرى الأول بعد النكسة مباشرة نهاية يونيو 1967 الذى تضمن برنامجاً زمنياً أقره القائد الأعلى الرئيس عبد الناصر وحدد فيه برنامجاً زمنياً من 3 إلى 7 سنوات على الأكثر لتحرير الأرض، وبموجبه تم إعداد خطة تحرير شاملة أطلق عليها الخطة جرانيت وبالفعل تم الإعداد لها والتدريب عليها, عامين متتالين, ومع تولى السادات على أثر وفاة عبد الناصر طلب السادات استكمال وتطوير الخطط، وتحمل المسئولية الفريق الشاذلى بجوار الفريق صادق ثم بجوار الفريق أحمد إسماعيل ، الذى عكف هو وهيئة قيادته على تطويرها فى ضوء معطيات جديدة وأعلن عن خطة المآذن العالية (العملية بدر) التى كانت بمنزلة ترجمة حقيقية لقدرات العسكرية المصرية وميلاد عقيدة قتالية مصرية بعقول أبنائها. كما صاحب التوجيه الإستراتيجى سلسلة من التوجيهات والقرارات والإجراءات بدأت مع تولى الفريق فوزى والفريق رياض مهام إعادة بناء القوات المسلحة على المستويين الإستراتيجى والتعبوي، بعد إعادة تجمع القوات المسلحة العائدة من سيناء فى مواقع ومرابض غرب قناة السويس, والبدء فى تجهيز مسرح العمليات، فعلى المستوى الأول بدأ بشكل قيادة الدفاع الجوى التى أصبحت المسئولة عن دفاع جوى الدولة ودفاع جوى التشكيلات, كما تم تشكيل قيادة قوات الدفاع الشعبى لتتولى الإشراف على حماية الأهداف الحيوية فى المحافظات بالتنسيق مع الشرطة والمساهمة فى إعداد الدولة للحرب، وعلى المستوى التعبوى وبديلاً لقيادة الجبهة الشرقية تم تشكيل قيادتين جديدتين هما الجيش الثانى الميدانى والجيش الثالث الميدانى ولكل منهما تجمع قتالى يتناسب مع طبيعة المهام المستقبلية من خلال تجميع لقدرات متعددة لعناصر الأسلحة المشتركة.

ولقد كان الاختبار الأول والحقيقى لمرحلة إعادة بناء القوات فى مرحلة حرب الاستنزاف.(مارس 1969 يوليو1970) التى سبقها مرحلتان هما: مرحلة الصمود وهى مرحلة البطولات الخارقة من معركة رأس العش وإغراق المدمرة إيلات والاشتباكات الجوية المتعددة ثم مرحلة الردع التى نقلت مهام قتالية خلف خطوط العدو، مع غارات وهجمات إسرائيلية باءت جميعها بالفشل، لقد كانت حرب الاستنزاف بمنزلة تطعيم حقيقى للمعركة أحدثت فيه القوات المصرية خسائر كبيرة فى تشكيلات العدوالمختلفة دفعته لطلب وقف إطلاق النار من خلال طرح أمريكا مبادرة روجرز التى قبلتها مصر بهدف سياسى أكبر على المستوى الدولى من أن مصر لا تريد الحرب للحرب ولكن لتحرير أراضيها المحتلة، فقبلت مصر وقف إطلاق النار فى اغسطس 1970م. وإن كان التوجيه الإستراتيجى قد صدر فى ورقة واحدة إلا أن تفسيره وتنفيذه من خطط وبرامج يحتاج لمجلدات، بالفعل وثقتها وأرشفتها القوات المسلحة لتكون دليلاً لقادة المستقبل فى الفكر الإستراتيجى كى تكون هادياً لعمليات التطوير المستمر للعقيدة القتالية المصرية، فى ظل علوم الحرب المتطورة.


لمزيد من مقالات د. عبدالغفار الدويك

رابط دائم: