أثارت الصحف الغربية التى نشرت صورا تسيء الى العقيدة الاسلامية فى الفترة الأخيرة سؤالا بدهيا حول ما هى حرية التعبير؟ وهذا السؤال ظل يطرح نفسه بشكل عام منذ قرون عبورا من صحيفة جيلاندز بوستن الدنماركية منذ فترة, خاصة عبر سلسلة من هذه الرسوم الكاريكاتورية وتكررت فى صحف غربية كثيرة، راحت تنشر هذه الرسوم التى تسيء الى المسلمين وتتطاول على مقدساتهم خاصة وتنال من رسولهم الكريم على وجه أخص.
والواقع أن عديدا من هذه الصحف العنصرية كانت تنشر ما تنشره وهى تشير الى حرية التعبير، وكأن حرية التعبير تمنح من يشاء من العنصريين فى الغرب الاساءة الى معتقدات قرابة المليار وثلاثمائة مليون مسلم فى العالم وهو مايطرح من جديد قضية النظر فى قيم الحضارة الغربية الآن، وفى هذا التعبير الذى كان يطلق من آن لآخر عند نشر هذه الرسوم من ان هذا لايزيد على استخدام مفهوم حرية التعبير. لكن هل تعنى حرية التعبير حقا الاساءة الى مقدسات الغير؟
إن حرية التعبير لاتخول لأحد, مهما تكن لغته أو جنسه او انتماؤه ان يمضى فى الاساءة للآخرين او النيل من مقدساتهم كما ان حرية التعبير يظل لها دائما حدود يجب التنبه اليها وعدم تجاوزها بأى حال؛ فلايمكن ان تنشر رسومات تسيء الى الغير؛ ويجيء الينا من يتحدث عن حرية التعبير، ولايمكن ان نسمع من ينال من الحس الدينى ثم يخرج علينا من يقول ان هذا لايزيد على كونه حرية تعبير.
حرية التعبير ترتبط دائما بهذه الحدود التى تتوقف عندها التفرقة بين الخطأ والصواب وبين الوعى المحايد والتعصب المقيت. والواقع ان حرية التعبير لابد ان يكون لها حدود فى التعامل مع القضايا الفكرية والانسانية بروح العدل واحترام حقوق الانسان وعدم النزوع الى التطرف فى الاساءة للغير, فقد اصبح من البديهى ترديد هذه العبارة التى نجدها فى دساتير العالم المتحضر وبين كتابات المثقفين والسياسيين الواعين من أن: حريتى تبدأ حين تنتهى حرية الآخرين، وحريتى تنتهى حين تبدأ حرية الآخرين.. ولذلك تنتهى حرية التعبير فى الواقع عند أصوات السخرية والذم والنيل من الآخر ومعتقداته. إن الحرية التى يتذرعون بها، ويتمادون فى التمسك بها الآن انما هى الحرية العنصرية التى تريد ان تنال من الآخر، وهى فى اصرارها على ذلك انما تعكس الاصرار المعادى لنا فى كثير من التطرف، والنيل من معتقداتنا فى وقت كان يجب أن يكون فيه عنوان الحضارة الغربية هو احترام حقوق الانسان، واول هذه الحقوق هو احترام حرية عقيدته. ومن الغريب ان نطلق على هذا البلد الغربى اوذاك بلد التسامح والتعايش والحضارة وتكريس الحقوق المدنية ثم نجد فيه بعد ذلك من يجاوز ذلك كله الى النيل من معتقدات الآخر بحجة حرية التعبير.
لمزيد من مقالات مصطفى عبد الغنى رابط دائم: