ليس عيبا أن ينتقد الإنسان نفسه لإصلاح ما فيها من أخطاء أو أى مظاهر قد تبدو سلبية، لأن إصلاح النفس من أى خطأ ضرورة لكى تستقيم الحياة للإنسان حتى يكون جديرا بحمل أمانة السماء فى الحفاظ على صنعة الله فى كونه الذى أقامه على ميزان العدل والحق، وهو لا يفسد إلا بتدخل الأهواء والأغراض الخاصة لتحقيق مصالح شخصية لبعض الأفراد.
فمن الأخطاء التى يرتكبها المصريون عموما فى حق أنفسهم وحق الوطن عليهم ما نراه من إهمال واستهانة بالمال العام وكل ما يتعلق به من مرافق وخدمات تقيمها الدولة أساسا لخدمة المواطنين فى حياتهم العامة، حيث نلاحظ أن المواطن ينظر إلى هذه المرافق وكأنها شيء لا يستحق الحفاظ عليه، فيكون سلوك الناس عدائيا تجاه هذه المرافق فلا يحافظ عليها بل قد يسعى بعض الأفراد إلى تخريبها أو تدميرها أو التعدى عليها أو سرقتها مثل التيار الكهربائى أو غيره.
هذه الظواهر السلبية نراها أمامنا فى كل مكان بدءا من الإهمال فى إلقاء المخلفات فى الشوارع، ومرورا بتخريب أعمدة الإنارة وسرقة أغطية بالوعات شبكات الصرف الصحي، وهذه الظاهرة الأخيرة تبدو واضحة فى المدن الجديدة حيث لاتزال مرافقها تحت الإنشاء، وهى منخفضة الكثافة السكانية حيث يستغل اللصوص هذه الظاهرة ليقوموا ليلا بسرقة أغطية البالوعات لشبكات الصرف الصحي، وهذه الأغطية مصنوعة أصلا من حديد الزهر لتتحمل حركة النقل فى الشوارع، ويقوم هؤلاء ببيعها لتجار الخردة بمبالغ كبيرة حيث يعاد استخدام الحديد فى صناعة أخري، ولم يفكر أى من هؤلاء اللصوص فى مقدار الخسارة التى تعود على الدولة من هذا السلوك الشائن، وما قد يتعرض له المواطن من أخطار السقوط فى هذه البالوعات وبخاصة من الأطفال.
ومهما قيل عن فرض رقابة من سلطات الدولة وملاحقة هؤلاء المجرمين وانزال أشد العقاب بهم لارتكابهم جرائم ترقى إلى القتل العمد لأن فعلهم المشين ينتج عنه ازهاق أرواح الناس بظلم أفعالهم وتعديهم على المال العام، إلا أن الوازع الخلقى والدينى يبقى دائما هو الأساس فى الحفاظ على المال العام وعدم الاضرار به، وهو أمر ليس بعيد المنال ولكن تحقيقه يحتاج إلى التوعية المستمرة بأهمية الحفاظ على المرافق والخدمات العامة، على أن تتم هذه التوعية بروح وطنية ودينية سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة أو الجامعة أو عن طريق وسائل الإعلام وفى الأوساط الاجتماعية عن طريق علماء الدين أو غيرهم من أصحاب الكلمة المسموعة داخل هذه الأوساط.
ولعلنا نشير فى هذا المقام إلى مدى وعى المواطن فى دول أخرى بأهمية الحفاظ على المرافق العامة والمظهر الحضارى لبلده حيث لا نرى مواطنا يلقى مهملات فى الشوارع بل أنه يضعها فى المكان المخصص لذلك، كما أن المواطن نفسه يقوم بردع أى مخالف عندما يتعدى على المرافق العامة والتى تعتبر ملكا لكل مواطن وهو ما يجب الحفاظ عليها من أجل مصلحة الجميع ودعما لسياسة الدولة فى تحقيق البناء والتقدم.
هذه الثقافة نحن نحتاج إليها بشدة فى حياتنا اليومية من أجل حماية المرافق ووسائل الخدمات العامة لأن فى هذا حماية للمال العام وعدم تبديد جهد وطاقة الدولة فى اقامة هذه المرافق وحمايتها، وبذلك يكون المواطن عنصرا صالحا يساعد الدولة فى اقامة المشروعات، وتوفير فرص عمل للناس، لأن التخريب والاهمال يهدمان ولا يبنان.
لمزيد من مقالات ◀ عبدالجواد على رابط دائم: