رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حلا شيحا «لم ولن تكون الأخيرة»
حجاب الفنانات.. البيزنس المفضل لجماعات الإسلام السياسى!

محمد بركة

كان يمكن للأمر برمته أن يكون شأنا شخصيا خالصا، من النوع الذى لا علاقة لنا به عملا بمبدأ احترام الحياة الخاصة للشخصيات العامة، غير أن عودة الفنانة المصرية حلا شيحا للتمثيل بعد سنوات عديدة من اعتزالها الفن صاحبه إطلاق كثيف لنيران سياسية من مصادر عديدة تتبع جهات مناوئة لبعضها البعض، كما فجّر العديد من العبوات الناسفة التى زرعها كل معسكر فى طريق المعسكر المضاد! وفى النهاية يبقى السؤال: هل تحول حجاب الفنانات بالفعل إلى فرصة ذهبية للاستثمار السياسى لفرض نموذج بعينه على المصريين والتلاعب بهويتهم التاريخية من جانب أطراف بعينها؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال دعونا نفكر فيما حدث بهدوء بعد أن هدأت نيران القصف و القصف المضاد.


بملامحها المريحة الهادئة، وخصلات شعرها المتموجة المتناثرة على ظهرها، لم تعلن حلا فقط عن عودتها بل الأهم عن خلعها النقاب. نعم النقاب، فالنجمة الشابة كانت قد ذهبت بعيدا فيما يسمى «الاعتزال» أو «الالتزام الدينى» أو «التوبة»، اختر ما شئت حسب موقفك الأخلاقى أو السياسى، فلم تكتف بارتداء غطاء بسيط للرأس بل غطت وجهها تماما وارتدت ملابس واسعة فضفاضة وغابت عن الحياة العامة لأكثر من عشر سنوات بصحبة زوجها وأطفالها خارج مصر. وإذا كانت القاهرة عرفت عشرات الحالات لما يسمى باعتزال الفنانات، فإن ما حدث مع حلا يظل فريدا وغير مسبوق.

لقد تركت الجمل بما حمل فجأة ودون سابق إنذار، وهى فى ذروة نجوميتها وأمامها المستقبل مفتوحا. لم تنتظر أن يتقدم بها العمر لتخطو مثل هذه الخطوة كما فعلت أخريات، و لم تضع غطاء خفيفا على الرأس محتفظة بمساحيق كاملة بوجهها كنوع من إمساك العصا من المنتصف، كما لم يكن اعتزالها بناء على طلب من ثرى عربى أراد أن يحظى ببريق النجومية بشرط تحول الفنانة من ملكية عامة إلى ملكية خاصة تحت مسمى الزواج.من هنا، خرجت جماعات الإسلام السياسى بالموضوع من إطاره الشخصى وحاولت توظيفه باعتباره نصرا وانحيازا لمشروعها الخاص بما يتضمنه من تصورات حول الحياة الاجتماعية فى إطار « الخلافة الإسلامية « المزعومة التى تبشر بها. ولم يكن هذا جديدا على تنظيم الإخوان تحديدا حيث اعتاد قبل أحداث 30 يونيو 2013 تقديم قراءة انتهازية لمثل هذه المواقف باعتبارها تعكس ما كانت تسميه « انحياز الشارع المصرى للحل الإسلامى « على حد تعبيرها المخادع و البراق الذى طالما وفر لها أرضية شعبية قبل انكشاف حقيقتها بعد 25 يناير.

خديجة خيرت الشاطر، نجلة القيادى بالتنظيم و الرجل الأقوى فى التنظيم، نشرت على حسابها عبر فيس بوك رسالة مطولة إلى حلا تناشدها فيها العدول عن قرارها « حتى لا يشمت بنا الأعداء « مؤكدة أنهم حاولوا ذبحنا والتنكيل بنا بكل الطرق - فى إشارة إلى اعتقال ومحاكمة والدها مضيفة: « ولكن اليوم ذبحنى خبر خلع حجابك بسكين بارد «. خديجة التى لا تضع صورة شخصية لها على حسابها مكتفية بزهرة بنفسج كتبت رسالة طويلة للغاية ومليئة بالأخطاء الإملائية و النحوية،لكن الأخطر تلك الإشارات و التلميحات القوية أن حلا كانت عضوا بالتنظيم أو على الأقل على صلة وثيقة بقياداته النسائية.

ويبدو أن الاستثمار الإخوانى القوى لهذا الحدث الذى لا زال يثير تفاعلات قوية بوسائل التواصل الاجتماعى، استفز التيار السلفى الأقرب فى مرجعيته للتشدد الوهابى حيث سارع داعية ينتمى لهذا التيار ببث فيديو يؤكد فيه أنه تحدث إلى زوج حلا حول الأمر و أن الزوج انهار باكيا بشدة مؤكدا أن عِرضه كان مصانا وجسد زوجته كان مستورا وأنه لا يعرف ماذا يفعل الآن حيث لا يزال بصحبة أبنائه بكندا فى انتظار رجوع زوجته. واستطرد الداعية موضحا أنه أوصى الزوج بالثبات إذ ربما كان ما حدث « ابتلاء من الله « مؤكدا له أنه سيسعى للتواصل مع الزوجة الشاردة، لإقناعها بالعدول عن قرارها. وسرعان ما ظهر مقطع آخر لداعية آخر من نفس التيار و هو يبكى بشدة على ما فعلته الفنانة باعتباره انتكاسة للإسلام!




إذن الإخوان يريدون الإيحاء باستقطاب حلا والسلفيون باستقطاب زوجها،أما التيار الليبرالى فرأى فيما يحدث فرصة ذهبية لتسديد لكمة قوية للتيارين السابقين انتقاما لما تعرض له من قهر على يديهما فى سنوات صعودهما السياسى بعد ثورة يناير. لم ينس الليبراليون القذائف التى كانت قد انطلقت آنذاك تدك حصونهم قادمة من منابر إخوانية و سلفية حيث تأسست إستراتيجية الهجوم على عبارة بسيطة للغاية يخاطب بها الإسلاميون البسطاء قائلين:عاوز تعرف يعنى إيه ليبرالية؟ يعنى أمك تخلع الحجاب و تمشى فى الأسواق حاسرة الرأس! بهذا المنطق الغوغائى المخادع، انهارت مصداقية الليبراليين فى الشارع وخسروا كل معركة سياسية قبل أن تبدأ من الانتخابات التشريعية حتى الانتخابات الرئاسية مرورا بدستور 2012 والذى كان يعكس رؤية دينية للحياة الاجتماعية و السياسية بمصر.

الآن ينتقم الليبراليون بأثر رجعى، وجاءت مباركتهم لحلا بطعم الشماتة فقد هنئوها بـ « العودة إلى العقل و التحرر من هيمنة المتاجرين بالمرأة فى سوق النخاسة « كما أعلن كثير من رموزهم على السوشال ميديا انتهاء زمن اللعب فى دماغ فنانات مصر لصالح بيزنس عابر للحدود وأجهزة استخبارات إقليمية توظف دعاة من عينة عمر عبد الكافى و عمرو خالد، لإفقاد مصر أعز ما تملك: قوتها الناعمة عبر الآداب و الفنون.

هنا لا بد أن نتذكر معا كيف أن الفنانة شادية ومعها سهير البابلى وشمس البارودى كانوا بمثابة الجيل الأول من الفنانات المحجبات على يد مشايخ معتبرين من نوعية الإمام الشعراوى ولو بشكل غير مباشر، حيث كان كثيرا ما يخوفهن بنموذج فاطمة رشدى التى ماتت فقيرة معدمة فى مأساة مذهلة تستدعى التعاطف.

أما الموجة الأكبر فكانت فى التسعينيات وما تلاها حيث رأينا أسماء من نوعية صابرين وعبير صبرى وموناليزا ونورهان وغادة عادل وسوسن بدر وسهير رمزى، والمدهش أن معظم هؤلاء عاد للتمثيل بعد خلع الحجاب. وقتها كانت شرائط الكاسيت بمنطقة العتبة بالقاهرة تحقق أرقاما قياسية فى المبيعات عبر خطباء يعدون نجوما لدى السلفيين و الإخوان من نوعية محمد إسماعيل المقدم ومحمد الخطيب وغيرهم ممن اعتبروا أن الطريق للخلافة الإسلامية التى يتبناها داعش حاليا تبدأ بحجاب المرأة، وبالأخص الفنانات! أضف إلى ذلك هذا البيزنس الهائل الذى انفتح على مصراعيه لإكسسوارات أغطية الرأس وألوانها وصيحاتها ليدر أرباحا غير مسبوقة ويتعامل مع الطبقات الأكثر رقيا فى المجتمع. بالطبع من حق كل إنسان أن يختار ما يحلو له من مظهر يتفق وقناعاته اجتماعيا ودينيا، لكن المشكلة هنا أن يتم تصوير مصر و كأنها لم تعرف الإسلام إلا بموجة تغطية الرأس بعد سنوات من التحرر النسبى فى الخمسينيات و الستينيات، و التعامل مع جسد المرأة باعتباره مرآة تعكس ما يسمى «الصحوة الإسلامية « فى أدبيات التيارات التى تدعى الاعتدال. المشكلة أن يتم الضغط على المرأة المصرية من فوق المنابر وجدران البنايات التى تحمل عبارة « أختاه..الحجاب قبل الحساب « ليتم إشعارها بالذنب وإقناعها تماما بأن جميع مصائبنا القومية سياسيا و اقتصاديا واجتماعيا سببها غضب من السماء بسبب عدم تغطية شعر حواء!!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 1
    على الله
    2018/08/24 00:18
    0-
    1+

    الأفضل
    انخفضت أسعار اللحمة خمسة جنيهات كاملة، ومع ذلك لم تجد المشترين. أليس من الأفضل أن نهتم بشئون 90 مليونا من المصريين لا يستطيعون شراء اللحم ؟
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق