رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«التنمية» تتدفق من قناطر أسيوط الجديدة

أسيوط ــ حمادة السعيد ــ وائل سمير
قناطر أسيوط الجديدة

► تربط ضفتى النيل وتحسن  رى  1٫6 مليون  فدان وتنتج الكهرباء النظيفة

► ٦ سنوات من العمل المتواصل.. وتكاليف تجاوزت 6٫5 مليار جنيه.. و45 لوحة لتوثيق المشروع
► الفنان أحمد عبدالجواد: تحويل حوائط القناطر لأعمال فنية

يفتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال أيام قناطر أسيوط الجديدة بعد 6 سنوات من العمل المتواصل، وتكاليف تجاوزت 6٫5 مليار جنيه انتهت اللمسات النهائية لملحمة العمل بقناطر اسيوط الجديدة، هذا المشروع الكبير الذى شهد حلقات كبيرة من الإنجاز والعمل الشاق، تكاملت فيه اعمال المهندسين والعمال مع رسومات الفنانين التشكيليين الذين تجاوزت اعمالهم 5400 ساعة فنية لتسجيل وقائع المشروع وغيرها من الاعمال، هذه القناة ستسهم فى تحسين رى وزراعة 1٫6 مليون فدان، فضلا عن توفير مليون فدان، وتوفير 32 ميجا وات من الكهرباء النظيفة، والأهم من ذلك ان هناك 3 آلاف عامل ومهندس عملوا بهذا المشروع واكتسبوا خبرات كبيرة ستفيد مصر فى المشروعات القومية الاخرى مثل مترو الانفاق وغيره من المشروعات الكبري.

البداية كانت مع عم خالد عبد الله ــ فنى الدهانات ــ الذى تحدث ومشاعر الفخر والسعادة تغمر عينيه: إننى اليوم أنفذ آخر المهام المسندة لى بهذا المشروع العملاق الذى عملنا به لمدة 6 سنوات وارتبطنا به لمدة 6 سنوات، عشنا خلالها مراحل عديدة بعضها سعيد وبعضها ارتبط بالمتاعب والمعاناة، خاصة تلك اللحظات التى اعتصرت قلوبنا بسقوط ضحايا أثناء العمل، ولكن فى مجمل الأمر حينما أقف أمام القناطر ويدور فى ذهنى شريط الذكريات أتذكر تحدى المشرفين الأجانب لنا بعدم قدرتنا على إنجاز بعض الاعمال بالمشروع ولكن براعة العمالة المصرية وإرادتها وإصرارها على تحدى المشكلات صنعت المعجزات وأخرجت هذا المشروع إلى النور لنقدمه لأهلنا شعب مصر الكريم فى عهد الرئيس السيسى رجل المشروعات القومية.


> الفنانون يوثقون المشروع في لوحات

مكاسب المشروع

اما المهندس مجدى عباس مدير المشروع بأسيوط فيقول إن مكاسب المشروع تعدت تحسين عملية الرى بكثير لتسهم فى إكساب جيل كبير من الشباب المهارات والخبرات التى أهلتهم لسوق العمل بما يتواكب مع احتياجات المشروعات الكبرى ، أيضا إعادة تأهيل جزيرة بنى مر برفع منسوبها لأعلى منسوب للمياه خلف القناطر الجديدة ليتمكن المزارعون من زراعتها طوال العام بعد أن كان يتم زراعتها لموسم واحد وتغمرها المياه باقى العام. اضاف مجدى عباس، إن تنفيذ المشروع استغرق 6 سنوات من العمل المتواصل واجهته كثير من الصعوبات التى تم التغلب عليها منها تغير الأسعار، الامر الذى ترتب عليه ارتفاع التكلفة من 4 مليارات جنيه لتصل لنحو 6 مليارات ونصف المليار جنيه ، ولقد بدأنا العمل بتفريغ حلقة داخل النيل حيث تم عمل المنشآت اللازمة بها. توالت مراحل المشروع وكانت كل مرحلة مدروسة بعناية فائقة ، ثم مرحلة الستارة القاطعة أسفل الحلقة لمنع أى تسريب يحدث مع العمل على تقليل الآثار البيئية للمشروع ، موضحا انه تم التنسيق مع الجامعات والمعاهد الهندسية لعمل تدريب صيفى لطلابها داخل المشروع وكنا نرى السعادة.

قال المهندس عباس انه تم التنسيق بين قناطر نجع حمادى مع استمرار قناطر أسيوط القديمة فى تأدية دورها فى العمل حتى تم إنجاز الجزء اللازم من القناطر الجديدة والتى أعقبها رفع أجزاء من القناطر القديمة، كذلك تم الأخذ فى الاعتبار تدعيم فم الترعة الإبراهيمية لتعظيم الاستفادة والتحكم فى المياه وعمل هدار خلف الإبراهيمية ليحتفظ بكمية المياه اللازمة.


> القناطر الجديدة خلال مراحل تشييدها

مكونات المشروع

وقال المهندس أيمن سيد جاد - رئيس قسم الخرسانة بمشروع قناطر أسيوط الجديدة - إن المشروع نقلة حضارية فى الصعيد تم فيه حفر وردم نحو 6 ملايين متر مكعب من الرمال وبلغت فيه أعمال الأحجار لنحو 360 ألف متر مكعب حجر. ومن اهم مكوناته بعد الهويس ،المفيضان الغربى والشرقى وبواباتهما الثمانى وتعمل على التحكم  فى تنظيم المياه ومناسيبها ويصل وزن البوابة الواحدة لنحو 80 طنا بعرض 17فى 9 أمتار والمفيض مكون من 3 فتحات عرض الفتحة 17 مترا وكلها منشآت خرسانية بالدرجة الأولى تم فيها صب نحو 425 ألف متر مكعب من الخرسانة المسلحة ونحو 60 ألف طن حديد تسليح قام بها نحو 3000 مهندس وفنى وعامل على مدى 6 سنوات واصلوا فيها الليل بالنهار لإنجاز المشروع.

وأضاف جاد أن من مكونات المشروع الكوبرى العلوى الذى ربط بين شرق النيل فى مدينة الفتح وغربه بمدينة أسيوط فى اتجاهين بعرض 20 مترا وحمولة 70 طنا والذى أحدث سيولة مرورية كبيرة، وأضاف المهندس أيمن كذلك السد الغالق وهو سد ترابى مسطح على مساحة 30 فدانا غرب المشروع بجوار منطقة الوليدية وفيه مخرج الكوبرى ومنطقة خضراء ستصبح متنزها ومتنفسا للمنطقة بأكملها، ثم محطة الكهرباء والتى تتكون من 4 وحدات إنتاج وتمد الشبكة الرئيسية لأسيوط بالكهرباء بعد دخولها الخدمة فى الأشهر القليلة الماضية بمقدار 32 ميجا وات وهى طاقة نظيفة وتم ربطها بشبكة التوزيع التى تغذى مدينة الفتح وكذلك محطة الربط الكهربائى التى تربط بين المحطة وشبكة التوزيع، وهناك بعض المبانى الخدمية منها مبنى إدارى للعاملين يضم إدارتين الأولى تابعة لوزارة الرى والثانية تابعة لوزارة الكهرباء باعتبارهما الجهتين المالكتين للمشروع، وهناك مبنى للإطفاء ومسجد لخدمة العاملين.وهناك مبنى محطة طلمبات فى البر الغربي.

ويرى المهندس محمد محيسن من شباب المهندسين بالمشروع والمشرف على ترميم مدخل الابراهيمية أنه تم تدريب آلاف العاملين بهذا المشروع العملاق واصبحوا على دراية بأدق التفاصيل، الامر الذى يتطلب تثبيتهم لامتلاكهم الخبرات وضرب مثالا بأحد الخبراء الألمان الذين عملوا بالمشروع وسافر فى مأمورية للإشراف على مشروع يقام فى جنوب شرق آسيا ووجد أن العمالة الموجودة هناك جميعهم صينيون وفور عودته للقناطر أخبرنا بأنه لاحظ فرقا كبيرا وتميزا واضحا للعمالة المصرية عن تلك التى شاهدها هناك.

السياحة النيلية

وأضاف المهندس ياسر الدسوقى محافظ أسيوط أن من مكتسبات مشروع القناطر تيسير حركة الملاحة النهرية، حيث تم إنشاء هويسين ملاحيين من الدرجة الأولى بأبعاد 17م عرض و160 م طول بما يسمح بمرور عبارتين فى ذات التوقيت شمالا وجنوبا فى زمن عبور قياسى يقدر بـ 11 دقيقة، هذا فضلا عن إنشاء 4 مراس للسفن لوضع المحافظة على خريطة السياحة النيلية بما يسمح للسياح بالتوقف والتجوال داخل معالم محافظة أسيوط الأثرية وهو ما لم يحدث من قبل، وسيسهم فى رواج البرامج السياحية خاصة أن أسيوط تضم بين جنباتها جميع الآثار من الفرعونية والمسيحية والإسلامية فى حين أن الهويس القديم كان لا يسمح بمرور السفن العملاقة .


5400 ساعة فنية

ومن المهم جدا أن نشير الى ان قناطر أسيوط الجديدة استقبلت 30 فنانا تشكيليا وبمشاركة كبيرة من فنانى أسيوط التشكيليين رصدوا بريشتهم لوحات فنية بديعة لكل كبيرة وصغيرة فى المشروع ليخرجوا لنا أكثر من 45 عملا فنيا هذا ما أكده الفنان التشكيلى أحمد عبدالجواد مؤسس ملتقي «سلسبيل النيل»، موضحا ان فكرة تسجيل هذا المشروع العملاق جاءت تحت رعاية الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى ليجتمع تحت لواء الملتقى كبار الفنانين المصريين الذين خصصوا 35 عملا فنيا لتقديمها فى معرض فنى عن القناطر الخيرية والذى حقق نجاحا كبيرا انعكس فى عدد الزوار و تم إهداؤها لمتحف الثورة بالقناطر،ثم جاءت فكرة توثيق هذا المشروع العملاق فنيا وبعد نحو 5400 ساعة عمل فنى تم رصد وتسجيل المشروع وترجمته فى أكثر من 45 لوحة فنية تجسد المشروع.

 و تم جمع اللوحات لتدشين المتحف الفنى للمشروع ومقره  المبنى الإدارى وهو  نواة لمتحف كبير لفنانى مصر من أجل توثيق هذا المشروع الوطنى الكبير بمدارس فنية مختلفة ، بالإضافة لورش فنية للأطفال وتصميمات لوحات جدارية لتكون نواة لجداريات تغطى الحوائط الخرسانية الصماء للقناطر وتحولها لأعمال فنية ضخمة تضفى جمالا على المكان وهى من تصميم الدكتور عبدالسلام عيد.

سيد حسين مصطفى عز أقدم فنى بوزارة الرى تم اختياره ليكون ملازما للمهندسين الأجانب بالمشروع يقول : كنت أقود أوناشا أرضية ثم تم تدريبى على استخدم الأوناش القنطرية من قبل الشركة الألمانية ونجحت فى ذلك وحصلت على رخصة قيادة معتمدة من الشركة الالمانية مع شهادة تكريم.

ويسترجع ذكرياته قائلا تم تكليفى برصد المشروع واخذت الكاميرا فقمت برصد وتسجيل كل كبيرة وصغيرة فى المشروع وعشت 6 سنوات من أجمل سنوات عمري، حصل عم سيد على خمسة تكريمات من المشروع مصحوبة بشهادات شكر من المسئولين المصريين والألمان.

غرفة التحكم

وفى غرفة التحكم التقينا بعدد من المهندسين منهم المهندس محمود عبد العليم الذى يقول ان الغرفة موجودة بأعلى موقع بالمبنى الإدارى المطل على المشروع وتم ربطها بالبوابات مما يتيح لها فتح وغلق البوابات إلكترونيا كما تتحكم فى رصد حركة المياه فى الهويسين ومناسيب المياه خارج وداخل الهويس ورفع المياه وخفضها لعبور السفن وإتمام دورة التفريغ والعبور وضبط مناسيب المياه لبوابات المفيضين الغربى والشرقى ومتابعة حركة الملاحة، وكذلك عمليات المراقبة والتدخل الفورى عند أى طارئ..

لعل من المشاهد المؤلمة التى رصدناها خلال زيارتنا لقناطر أسيوط الجديدة هو كم المخلفات التى تحتجزها البوابات والتى تعلن بوضوح عن مشكلة كبيرة يجب تضافر كل الأجهزة المعنية لمواجهتها وهى التلوث الذى يتعرض له النيل، حيث شاهدنا الحيوانات النافقة بأنواعها ملقاة فى النهر. أخبرنا المهندس مجدى عباس أن هذه المخلفات يتم رفعها دوريا بمعدات متخصصة، حيث يوجد ونشا حشائش يقومان برفع المخلفات والقائها فى قناة مخصصة لذلك تنتهى بغرفة مغلقة يتم من خلالها تحميل هذه المخلفات لإلقائها فى المدفن الصحي.

مجهود خيالي

قال المهندس محمد كمال قريطم رئيس شركة السد العالى للمشروعات الكهربائية إحدى الشركات المنفذة للمشروع إن المشروع من أضخم المشروعات التى تم تنفيذها على نهر النيل بعد السد العالى وقد بدأ العمل به فى شهر سبتمبر 2013 وشملت مراحل تنفيذ المشروع 4 حزم : الأعمال المدنية وأعمال التركيبات للهويس الملاحي، وتطوير بوابات قناطر الإبراهيمية، وتركيب وحدات التوليد للمحطة الكهرومائية، أما الأخيرة فشملت الأعمال الكهربائية وجميعها انتهت فعليا ليكتمل الحلم فى مدة لم تتجاوز 6 سنوات منها 4.5 سنة عملا متواصلا حقق فيها 5737 عاملا إنجازا كبيرا، بمستوى جودة ومواصفات الشركات الأوروبية المشرفة على المشروع وفى وقت قياسى من خلال معدات الشركة رغم الظروف الصعبة التى كانت تحيط بنا وعدم دعم البنوك لنا رغم إننا شركة وطنية ، وفى النهاية يقول قريطم كنا نعمل فى المشروع باعتباره عملا وطنيا من الدرجة الأولى ناهيك عن إثبات الذات، وهو ما انعكس فى أن إحدى الشركات الفرنسية المنفذة جاءت وعرضت علينا مشروعين ما بين تونس ودولة إفريقية جار دراستهما وهو ما يتطلب سرعة إعادة النظر ودعم الشركات المحلية بدلا من استقدام شركات أجنبية فى النهاية ستستعين بالشركات المحلية، كما ان تولى شركة وطنية تنفيذ المشروعات يبدأ بالعمل بمعداتها وفنييها ثم تبدأ فى تحصيل مستحقاتها بعكس الشركات الأجنبية التى تحصل على مستحقاتها قبل التنفيذ وتبدأ العمل بها.

وقال محمد زيدان أحد العاملين بشركة السد العالى إن الشركة منذ نشأتها تابعة لوزارة الكهرباء وهى الذراع الأساسية للوزارة المنفذة لكل مشاريع الوزارة من إنشاء محطات الكهرباء وخطوط الضغط العالي، ومنذ تبعيتها لوزارة قطاع الأعمال العام قلت الأعمال التى تسند إليها رغم قدراتها الكبيرة وإمكانياتها.

مشروع العمر للمزارعين

وأوضح المهندس محمد عبد الجليل سكرتير عام محافظة أسيوط أن المشروع يمثل أهمية اقتصادية كبيرة للمزارعين فى تحسين عملية الرى بمحافظات الصعيد فى نحو مليون و65 ألف فدان خلف ترعة الإبراهيمية، بنسبة 20% من مساحة الأرض المزروعة فى مصر هذا بالإضافة إلى توليد 32 ميجاوات من الكهرباء النظيفة بجهد 66 ألف وات تزيد قيمتها السنوية عن 100 مليون جنيه ،هذا بخلاف توفير أكثر من 5 آلاف فرصة عمل على مدى 6 سنوات و300 فرصة عمل دائمة بعد انتهاء المشروع .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق