رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل يخضع أردوغان ويعيد القس الأمريكى؟

سيد عبدالمجيد
> القس أندرو برانسون

جملة من اللاءات التى انطلقت من رأس السلطة فى قلب العاصمة أنقرة ، لتنتقل على الفور إلى أركان حكمه، لكن وسائل اعلامه مرئية ومقروءة سوف تبتعد عن التريث الحكيم ، وسيتحول خطابها إلى صراخ مندد بشدة وبقسوة بسلوك البيت الأبيض العدائى تجاه بلادهم، فى مشهد بدا وكأنه تمهيد لإعلان الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية، الجديد أن المعارضة (باستثناء الكردية منها ) استنفرت هى الأخرى قواها لتتوحد، وهو أمر ليس بالمعتاد ، خلف الرئيس رجب طيب أردوغان.

وراحت مع حزب العدالة والتنمية الحاكم تذكر الساسة الأمريكيين مجددا بصمتهم المريب حيال محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو العام قبل الماضي، وغضها الطرف عماتصفه بـ « الإرهابي» فتح الله جولن الذى تحتضنه على أراضيها رغم علمها بتورطه فيه، ولتعلن تضامنها مع سلطاتها القضائية فى الاتهامات التى وجهتها للقس أندرو برانسون بالتعاون مع « منظمتين إرهابيتين فى إشارة إلى حركة خدمة وحزب العمال الكردستانى الانفصالية».

المدهش، وهذا أيضا على غير العادة، أن أردوغان لم يساير جنوح الغضب الشعبى ، رغم أنه يملك سجلا حافلا على صعيد التلاعب به ، والدليل على ذلك أن كثيرين توقعوا أن يهم بإغلاق قاعدة إنجيرليك الجوية لكنه ـ على حد تعبير « أنطونى سكينر» مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى مركز دراسة المخاطر فيريسك مايبلكروفت ـ لا يستطيع المضى بعيدا فى هذا الأمر».

يضاف إلى ذلك ما قالته الدبلوماسية الأمريكية السابقة والباحثة فى معهد بروكينجز «أماندا سلوت» عندما أشارت إلى أن «دونالد ترامب لن يتراجع ما دام رانسون لم يعد إلى بلاده ، محذرة من «تصعيد من شأنه تعقيد الجهود للخروج من الأزمة» ، فقد «حان الوقت للإفراج عن القس وعودته لوطنه « كان هذا هو صوت وزير الخارجية مايك بومبيو غداة لقائه نظيره التركى مولود تشاويش اوغلو على هامش منتدى آسيان فى سنغافورة.

لكل هذا آثر أردوغان التمهل والتريث ، صحيح أنه أصدر مرسوما بتجميد أصول وممتلكات وزيرى العدل والداخلية الأمريكيين فى تركيا ، ردا على العقوبات إلا أن الخطوة بدت استعراضية أكثر منها شيئا آخر، اللافت أن ما أعلنه من إجراءات شبه انتقامية أثار استهجان بعض خصومه عندما تساءلوا عن أى وزير داخلية يقصد رئيسهم فهناك وزير الداخلية راين زينكى المكلف بالمحميات الوطنية والشئون الهندية، وهناك أيضا وزيرة الأمن الداخلى كيرستن نيلسن ؟ وعندما وجه هذا الاستفهام للساسة فى أنقرة كان الصمت هو سيد الموقف، إذ آثر المسئولون الأتراك عدم الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وللوهلة الأولى أعطى انطباعا بأن العقوبات لا يمكنها أن تؤثر على تركيا القوية، مسترشدا بالحصار الذى فرض حول إيران فماذا كانت النتيجة ؟ إلا أن الدائرة المصغرة من مستشاريه أبلغوه بوجود فوارق هائلة والمقارنة لن تكون فى مصلحة البلاد ومن ثم نصحوه بالعدول عنها فلم يكرر العبارة مرة أخري، ليعود ويركز على الداخل محاولا شحذ همم مواطنيه قائلا إن»سلاحنا تحت وسائدنا»، فى إشارة إلى المكان الذى يدخر فيه الأتراك مالديهم من عملة صعبة.

وأضاف مخاطبا شعبه : «أخرجوا الدولارات واليورو والذهب وحولوها إلى الليرة، أظهروا دعمكم المحلى ومقاومتكم الوطنية للعالم كله» ثم دعا لمزيد من التعاون الاقتصادى بين دول الأسواق الناشئة وبالطبع لم ينس أن يهاجم المستثمرين الغربيين الذين يصفهم بأنهم عاقدو العزم على إخضاع تركيا.

ومع ذلك فهناك جملة من الأسباب تحول دون التصعيد ، فكل الأعين : بدءا منه مرورا بوزرائه وانتهاء بمساعديه،انحصر اهتمامهم فى الاقتصاد المتداعى ، والتعويل على مدخرات الشعب لن يكون كافيا أبدا لإنقاذ العملة المحلية، من هنا، كان واضحا أن أردوغان يرغب فى الحل وتجنب مواجهة لن يتحمل عواقبها ، وذلك عبر قوله «لا نريد أن نكون طرفاً فى لعبة يخسر فيها الجميع»، معتبرا أن «نقل الخلافات السياسية والقضائية إلى المجال الاقتصادى سيكون ضاراً للطرفين».

وبالأحرى سيكون هو الخاسر الأكبر، ففى الأساس لا وجود لتكافؤ بين البلدين مع أنهما عضوان فى حلف الناتو ، فبمجرد إعلان البيت الأبيض إجراءه العقابى فقدت الليرة وهى المتردية أصلا 3% من قيمتها فى زلزال توالت توابعه كان آخرها التضخم الذى بلغ معدلات قياسية هى الأولى منذ 14 عاما .

وحتى لا يطول أمد التوتر الحاصل وحرصا على المصالح التركية الحيوية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنظومة الغربية والأمريكية أشار إلى أن هناك عملا كثيفا يتم من خلال القنوات الدبلوماسية ، لتجاوز المأزق الحالي، مبديا اعتقاده بأن «قسما كبيرا من الموضوعات الخلافية سيكون قريبا وراء الدولتين الحليفتين ولدى أمل كبير بأن هذا الأمر سيتحقق فى الأيام المقبلة» .

إذن كل المؤشرات تشير إلى أن فك أسر برانسون من إقامته الجبرية بات وشيكا ومعه موظفا القنصلية المحليان اللذان تم اعتقالهما لصلات مزعومة بالإرهاب، وذلك ضمن صفقة ، لكن السؤال هل ستكون تبادلية ومناصفة والمعاملة فيها الند للند ؟

الإجابة ربما جاءت بالنفي، فرجل الدين « جولن» بيت القصيد فى إلحاح أنقرة لاسترجاعه ومحاكمته لم يطرح أصلا والاستجابة لبعض المطالب قد تكون فقط من مدخل حفظ ماء وجه الحليف !!

ومن الآن وحتى حدوث الانفراجة المتوقعة والمأمولة يمكن أن يحدث ما هو غير متوقع وتنهار المساومات فى أى لحظة .. ترامب قد يهتز قليلا إلا أن الأمر بالنسبة لأردوغان سيكون بمثابة الانتحار!!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق