رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كتاب جديد لمؤلف فضيحة ووترجيت..
«الخوف.. ترامب فى البيت الأبيض»

منال لطفى

  • الرئيس يستخدم «الخوف» لنيل الاحترام ويؤمن بالقوة

  • مسئول سابق: كتاب «قاتل» لمؤلف سبق أن أطاح بنيكسون

  • تفاصيل غير مسبوقة عن علاقة ترامب بروسيا ..وبالجماعات اليمينية المتطرفة

  • مقابلات في ساعات الليل المتأخرة.. وملفات بعضها بخط يد ترامب

 

 

للعاصمة الأمريكية واشنطن تسميات عدة من بينها «العاصمة السياسية للعالم» و«مركز صنع القرار» و«أرض اللوبيات»، لكن منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم، لا شك أن أدق تسمية لواشنطن حالياً هي «عاصمة التسريبات». فالإدارة الأمريكية الحالية عانت أزمة تسريبات متلاحقة وغير مسبوقة خيمت عليها منذ اليوم الأول.

ولم يفت الصحفي الأمريكي المخضرم الأكثر شهرة بوب وودوارد أن «عصر التسريبات» هذا يشكل فرصة ذهبية لكل صحفي. ففي العاصمة العالمية للتسريبات، كل لقاء وكل تجمع وكل لوبي أو جماعة مصالح مصدر محتمل للأخبار. فمن المستحيل الحفاظ علي الأسرار في بيت ترامب الأبيض.

غاب وودوارد عن الأسماع والأبصار نحو 18 شهراً وقلل ظهوره المعتاد علي شاشات التليفزيونات الأمريكية وأخفي مع ناشره «الانشغالات» التي كان يبرر بها اختفاءه.

ثم ظهر فجأة بكتاب - سيصدر بعد شهر من الآن _عنوانه دليل عليه «الخوف: ترامب في البيت الأبيض»، يكشف عما أسماه وودوارد «الحياة المروعة» داخل بيت ترامب الأبيض، وكيف يستخدم الرئيس «الخوف» لينال الاحترام.

ليس هذا أول كتاب يصدر عن إدارة ترامب وكيف يدير البيت الأبيض، فقد صدرت كتب أخري أعطت أحكاماً شديدة القسوة، لكن كتاب وودوارد كما وصفه مسئول سابق عمل في إدارة ترامب وشارك في الكتاب «سيكون قاتلاً. الجميع تحدث مع وودوارد».

هذا الكتاب هو عودة لتقليد معروف عن وودوارد وهو الكتابة عن»رئيس في السلطة». وبالنسبة له فإن ترامب هو مرشح مثالي للكتابة عنه. فلا شك هناك تشابهات كبيرة بين ترامب والرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون الذي أطاحت به فضيحة «ووترجيت» التي فجرها وودوارد وزميله في «واشنطن بوست» كارل بيرنشتاين.


كلينتون -اوباما - نيكسون

فكل من ترامب ونيكسون عاني علاقة متوترة جداً مع الصحافة. وكلاهما عمل وسط دائرة ضيقة من المستشارين المثيرين للجدل. وفي البيت الأبيض في أيامها ، كانت السلطة التنفيذية تحاول تقييد وتجاوز السلطة القضائية.

ويقدم الكتاب تفاصيل دقيقة غير مسبوقة وسردا محكما عن كيف يتخذ ترامب قراراته بشأن السياسات الخارجية والداخلية الرئيسية، وتوجهاته نحو مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك قضية التواطؤ المحتمل بين حملته الانتخابية وبين روسيا، وتحقيقات رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية «أف بي أي» روبرت موللر، والجماعات اليمينية المتطرفة من أنصار تفوق الجنس الأبيض التي تعد أحد أعمدة دعم ترامب والتي تجلت مخاطرها في اعتداءات شارلوتسفيل، إلي جانب طائفة أخري واسعة من قضايا الأمن القومي الأمريكي.

ويسلط كتاب «الخوف» الضوء علي المناقشات الملتهبة خلال صنع القرار في المكتب البيضاوي، وغرفة الأزمات (The Situation Room) في قبو الجناح الغربي في البيت الأبيض (أسمها الرسمي قاعة مؤتمرات جون أف كينيدي)التي تناقش فيها القرارات العسكرية والقضايا الاستخباراتية وتجري فيها الاتصالات الخارجية الأكثر خطورة وسرية خلال الأزمات في الداخل أو الخارج. والنقاشات علي متن الطائرة الرئاسية «أير فورس وان»، أو في مقر الإقامة الشخصية للرئيس في الدور الثالث في البيت الأبيض، حيث كثيراً ما يدخل ترامب في نقاشات وخلافات مع طاقمه خلال مشاهدته «فوكس نيوز» وهو يتناول عشاءه من الهامبرجر.

ويقول جوناثان كارب، رئيس دار نشر «سايمون اند شوستر» التي سيصدر عنها الكتاب في 11 سبتمبر المقبل، أي قبل أسابيع من =الأمريكي في نوفمبر المقبل: «هذه هي القصة الداخلية عن الرئيس ترامب ، حيث فقط بوب وودوارد يستطيع أن يرويها»، موضحاً أن الكتاب هو «العمل الأكثر حدة واختراقا لرئيس ما زال في الحكم خلال السنوات الأولي من إدارته».

ويقول كارب إن الكتاب «سيعطي القراء مقعداً في الصف الأمامي» في دراما بيت ترامب الأبيض وكيفية اتخاذ القرار والعلاقة مع أركان إدارته.

الطرق علي الأبواب ليلاً:

ويستمد كتاب وودوارد الجديد سماته من «بصمته» الشخصية كصحفي وطريقته المعهودة في العمل، ونهجه في إعداد التقارير الاستقصائية، وجمع التفاصيل عبر مئات الساعات من المقابلات مع المصادر المباشرة، ومذكرات الاجتماعات، والملفات السرية، والمستندات، واليوميات الشخصية.

فإدارة ترامب، علي عكس الإدارات الأمريكية السابقة من جورج بوش الابن مروراً ببيل كلينون وانتهاء بباراك أوباما، لم تمنح وودوارد إذناً بإجراء مقابلات وجمع معلومات من العاملين في البيت الأبيض من أجل الكتاب.

وعلي سبيل المثال، عندما طلب وودوارد من المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي مايكل أنطون، ترتيب مقابلة مع مستشار الأمن القومي السابق، إتش إم ماكماستر، تم رفض طلبه رسمياً.

وبالتالي لم يجد وودوارد بديلاً عن العودة إلي جذوره التي قادته إلي كشف فضيحة «ووتر جيت» مع بيرنشتاين،والتي اطاحت بنيكسون بعدما ضُبط متلبساً بالتجسس علي مقار الحزب الديمقراطي الأمريكي.

ففي أوقات متأخرة من الليل، كان وودوارد يتوجه إلي منازل كبار المسؤولين في إدارة ترامب بدون سابق إنذار أو طلب ميعاد، ثم يخبرهم عن الكتاب الذي يعده ويطلب منهم المشاركة بشهادات أو ملفات أو وثائق أو مذكرات أو ملاحظات بخط اليد.

والنتيجة هي ما يحدث عادة في عالم ترامب. كبار المسئولين في إدارته الذين لديهم تحفظات علي طريقة عمله ويريدون الحفاظ علي سمعتهم الشخصية وإعطاء شهادتهم للتاريخ، تحدثوا إلي وودوارد من تلقاء أنفسهم وأعطوه ملفات ويوميات ووثائق ومذكرات وملاحظات بخط اليد، بعضها بخط يد ترامب نفسه.

والمحصلة كانت تسجيل مئات الساعات من الشهادات والحصول علي اقتباسات مباشرة منقولة علي لسان ترامب سجلها مساعدوه خلال اجتماعات حول قضايا الأمن القومي، والتحقيقات حول التواطؤ مع روسيا وتحقيقات موللر.

ومع أن كل مصادر الكتاب مسئولون كبار تحدثوا لبوب وودوارد بأسمائهم، لكن في الكتاب سيتم الحفاظ علي هويات أغلبهم سرية بسبب العواقب القانونية التي يمكن أن تترتب عليهم إذا أفشوا معلومات حساسة خلال عملهم في البيت الأبيض.

ويبدو أن وودوارد نجح في الكشف عن ما يكفي من الخبايا والأسرار حول البيت الأبيض في عهد ترامب وطريقة صنع القرار فيه وشخصية الرئيس، ليصدر كتابه في نحو 500 صفحة. وفي هذا الكتاب، كما في غيره من الكتب، مثل وودوارد المحامي البارز روبرت بارنيت، الذي تفاوض أيضاً علي عقود أدبية للرؤساء السابقين أوباما وجورج دبليو بوش وبيل كلينتون. وأيضا المرشحة الرئاسية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

 

الكتاب من عنوانه وغلافه

وإذا كان الكتاب يظهر من عنوانه كما يقولون، فمن المؤكد أن كتاب وودوارد الجديد سيسبب صداعاً وإحراجاً بالغاً للرئيس الأمريكي قبل الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي. فغلاف الكتاب يحمل صورة من قريب لوجه ترامب يظلل عليها اللون الأحمر القاني، بينما يحدق بطريقة مخيفة.

أما عنوان الكتاب «الخوف» فمستمد من ملاحظة لترامب خلال مقابلة أجراها معه وودوارد نفسه والمحرر السياسي في «واشنطن بوست» روبرت كوستا في أبريل 2016 عندما كان ترامب مرشحاً رئاسياً.

فقد سأل كوستا ترامب عما إذا كان يوافق علي تصريح أدلي به الرئيس آنذاك، باراك أوباما، خلال مقابلة مع مجلة «أتلانتيك» الامريكية من «إن القوة الحقيقية تعني أنه يمكنك الحصول علي ما تريد دون الاضطرار إلي ممارسة العنف».

بوغت ترامب بالسؤال وظهر كأنه موافق علي ما قاله أوباما،موضحاً:»حسناً أعتقد أن هناك شيئا من الحقيقية في هذا. فالقوة الحقيقية تأتي من خلال الاحترام».

لكنه استطرد بعد ذلك قائلاً: «القوة الحقيقية هي الخوف».

ولاحقاً وصف وودوارد تعبير ترامب بأنه يحتوي علي «جانب شكسبيري».

فالعلاقة المعقدة بين الفرد والسلطة أحد الموضوعات الأساسية في أعمال شكسبير من «هاملت» إلي «ماكبث»، مروراً بـ «هنري الخامس» و»هنري الثامن» و»ريتشادر الثاني»، حيث تقع الشخصيات المحورية ضحية لولع أعمي بالسلطة.

----------------------------------------

كتاب لكل رئيس

 

وودوارد،75 عاماً، الذي قضي عمره في دهاليز الصحافة الأمريكية، ويعرف خباياها أكثر من أي صحفي آخر علي الأرجح، اشتهر بأعماله الاستقصائية.

وقد نال جائزتي بوليتزر العريقة، الأولي لتغطية «واشنطن بوست» فضيحة «ووترجيت» مع كارل بيرنشتاين والتي تمحورت حول المخالفات القانونية الصادمة لإدارة نيكسون في سبعينيات القرن الماضي والتي أدت في النهاية إلي استقالة نيكسون.


بوب وودوارد

أما بوليتزر الثانية فقد حصل عليها في عام 2003 كمراسل رئيسي لتغطية هجمات 11 سبتمبر الإرهابية. ومنذ ذلك الحين يصدر وودوارد كتابا عن كل رئيس. فقد أصدر عن بيل كلينتون وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، والآن ترامب.

وكان آخر كتاب لوودوارد هو «آخر رجال الرئيس» عن ألكسندر بترفيلد، مساعد نيكسون الذي كشف فضيحة قيام البيت الأبيض في عهد نيكسون بالتنصت الممنهج علي معارضيه وعلي الحزب الديمقراطي.

ويبدو وكأن الزمن لم يمر منذ السبعينيات. فليس هناك فقط كتاب جديد لبوب وودوارد عن رئيس أمريكي يواجه اتهامات خطيرة، بل إن برنشتاين نفسه يظهر بشكل منتظم علي شاشات التليفزيون الأمريكية بعد أن شارك أخيرا في سبق صحفي لشبكة «سي إن إن» الأمريكية أكد فيه أن محامي ترامب مايكل كوهين علي استعداد للإدلاء بشهادته بأن ترامب كان علي علم مسبق بلقاء بين دونالد ترامب الإبن وشخصيات روسية عرضوا تقديم معلومات يمكن ان تضر المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وبكتاب وودوارد الجديد، يضاف «الخوف» إلي سيل الكتب التي تركز علي رئاسة ترامب. ومن بين تلك الكتب التي تصدرت عناوين الأخبار، كتاب المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي «ولاء أعلي» الذي بيعت منه 600 ألف نسخة في الأسبوع الأول فقط. وكتاب مايكل وولف «نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض» الذي باع نحو مليوني نسخة. والكتاب الذي صدر حديثاً للمتحدث الصحفي السابق للبيت الأبيض، شون سبايسر: «الإحاطة: السياسة، الصحافة والرئيس».

وقال أليس ماثيو، نائب الرئيس والمسئول التحريري لدار النشر إن الدار اتفقت مع وودوارد ومحاميه روبرت بارنيت من مكتب»وليامز وكونولي» للمحاماة علي امتلاك كل حقوق النشر، سواء الطبعات الورقية أو التي تحمل الكترونيا عبر الكيندل أو الكتب المسموعة. وسينشر الكتاب في أمريكا وبريطانيا وكندا واستراليا والهند في الوقت نفسه. وبالحكم علي كتب وودوارد وأعماله السابقة، فلا شك أن البيت الأبيض يحبس أنفاسه الآن .

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق