ماكاد يهدأ صخب الاحتفالات الفرنسية بكأس العالم،حتى عادت رأس أفعى العنصرية لتطل برأسها من جديد يوجه سمومها اليمين المتطرف الذى اعتاد بعد كل بطولة للمنتخب الفرنسى إثارة اللغط حول انتماء بعض لاعبيه من المهاجرين.
وعلى الرغم من تغنى الإعلام الفرنسى بالتنوع العرقى الذى يتمتع به المجتمع وقدرته على استيعاب المهاجرين فإن نفس هذا الإعلام تبنى وجهة النظر العنصرية خلال مونديال جنوب إفريقيا 2010 حين فشل المنتخب فى اجتياز الدور الأول وحمل أصحاب البشرة السمراء المسئولية ولاحقهم بألفاظ من عينة(أفراد العصابة) و (حثالة).
يعود تاريخ استعانة فرنسا بالأفارقة فى فرقها الرياضية إلى عام 1936،ورغم هذا التاريخ الطويل من الانتصارات التى تحققت لفرنسا على يد أبناء المستعمرات وخاصة القادمين من غرب إفريقيا فإنهم لم ينجوا من مقصلة الكراهية العرقية وبات وصف (المجنسين الذين لا يحفظون النشيد الوطني) يطاردهم عند أى إخفاق.
وشهدت فرنسا مواجهات دامية بين السياسة والرياضة،كان أبرزها تلك التى قادها أيقونة الكرة الفرنسية زيدان ذو الأصول الجزائرية،حين دخل فى صراع ناعم مع اليمين المتطرف مستغلا جماهيريته كأحد نجوم الفريق الفائز بمونديال 1998ليدعو الفرنسيين إلى عدم التصويت للزعيم المتطرف جان مارى لوبان فى الجولة الحاسمة للانتخابات الرئاسية عام 2002 وهو ما كبد الأخير هزيمة منكرة لصالح شيراك،وعاد زيدان لاختبار شعبيته للإطاحة بابنة لوبان خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة لتتجرع كوالدها مرارة الهزيمة أمام ماكرون ليتفوق خطاب زيدان الذى ينتصر للقيم الإنسانية ويعتبر العنصرية أكبر تهديد لوحدة فرنسا.
لكن مواقف زيدان وغيره من دعاة التسامح العرقى فشلت فى اقتلاع جذور العنصرية من البلاد،فموجات العنف التى تندلع بشكل موسمى بفرنسا ويكون المهاجرون المتهم الأول فيها تغطى على أى إنجاز ينسب للفرنسيين (المجنسين) خاصة حين ينكأ كبار المسئولين جراح الانقسامات العرقية كما فعل الرئيس الأسبق ساركوزى إبان توليه حقيبة الداخلية حين وصف المواطنين الأفارقة بالحثالة محملا إياهم مسئولية أعمال الشغب عام 2005ليظل هؤلاء الذين ولدوا فى فرنسا وانخرطوا فى مجتمعها،تحت رحمة أصابع الاتهام الموجهة دائما إليهم .
[email protected]
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: