رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مؤشرات خطر.. هل نقرؤها جيدا؟!

نعم.. نجاح الاستثمار وتدفقه يمثل ضرورة وانقاذا وازدهارا.. ولكن هل تدفق المال يغنى عن شروط تحفظ الهوية وتخدم الذات الوطنية ولا تبيح مصر «سداح مداح» مرة أخرى لإرادة ومشيئة رأس المال؟!!! فى مختلف مجالات حياتنا ـ وفى المقدمة منها الأخطر فى تأسيس الهوية والانتماء وقوة وتماسك النسيج الوطني.. إلا إذا كانت هذه الصفات قد أصبحت من تخاريف زماننا وأجيالنا؟!! لقد نشأت وتعلمت أهم أجيال مصر وكبار علمائها ومبدعيها ومفكريها تحت مظلة تعليم وطنى ومدارس وجامعات مصرية إلى أن بدأ الاستثمار يلتفت إلى دجاجة تبيض ذهبا فحققت رءوس الأموال والمدارس والجامعات الخاصة ـ القليل والقليل جدا من احترم الرسالة وأكثره تحكم فيه التربح.. وبالتدرج تراجع التعليم الوطنى وانهارت المدارس وأصبح التعليم فى الأغلب لمن يدفع الأرقام الخيالية وبعض الدفع بالعملة الصعبة!! كان فى رأيى وسيظل أن وراء أغلب ما صنعه المصريون من انتصارات وثورات إلى جانب جذورهم التاريخية والحضارية والايمانية الضاربة بعمق آلاف السنين كان القوى الكامنة التى صنعها تعليم وصناعة وعى وطنى يقرب ويثبت الجذور ولا يشتت ويكرس ويعمق تفاوتا اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا تحول إلى فوالق وشروخ تهدد بزلازل اجتماعية وثقافية وأجيال مغتربة من أخطر علامات تغريبها إلى جانب عدم الوعى بالذات وبالوطن ألسنة تباهى بعدم معرفة العربية ولا تخجل أن تكتبها بحروف لاتينية!

> أتابع ما يعُلن ويتردد على أنه فتوحات وانتصارات واقبال من جامعات دولية كبرى على الاستثمار وفتح فروع لها فى مصر!! بالطبع أتابع التطوير والتحديث والأخذ بأحدث الانجازات العلمية والجامعية بشروط أساسية.. عدم فقد الهوية والانتماء وبما يحفظ للنسيج الوطنى تجانسه وتقاربه ولا يسمح بتمزقه! وأتساءل هل هناك دول متقدمة تسمح لأشكال وألوان التعليم الجامعى أن تفتح فروعا لها كما نفعل بل وتسعى الحكومة إلى البرلمان لاستصدار قانون من 25 مادة بشأن انشاء وتنظيم فروع للجامعات الأجنبية داخل مصر والمؤسسات الجامعية!!

> أفهم أن يساعد هذا التواصل واقامة العلاقات والروابط مع أكبر الجامعات فى تحديث وتطوير وتقدم التعليم الوطنى بمختلف تنويعاته ودعم البعثات واستضافة أساتذة وخبراء وبما يدعم التفوق والحداثة والمهارات ويدخل التعليم الوطنى فى سباق التنافس والتطور ومقاييس الجودة وبما يحفظ لنا أجيالا منتمية إلى جذورها وثقافتها وحضارتها ولا تتعالى على اللسان والوجود والانتماء وتواصل صناعة الانتصارات التى امتلأ بها تاريخ المصريين وثوراتهم الوطنية من أجل الحفاظ على بلدهم مع تحية لثورة 23 يوليو التى نعيش ذكراها هذا الاسبوع ودورهم العبقرى فى استرداد ثورتهم من سارقيها فى 30/6 وعبور 73 الذى يجدده جيشهم الوطنى بالعملية الشاملة سيناء 2018.

> أيضا وسط سيطرة المال والأرقام الخيالية التى أصبحت عليها تكاليف التعليم الخاص فى المدارس والجامعات هل ممكن تحقيق العدالة التعليمية ومبدأ تكافؤ الفرص؟! هل قرأنا وحللنا بأمانة الدلالات الاجتماعية والانسانية والأخلاقية والاقتصادية بأوائل الثانوية العامة من تلاميذ وتلميذات المدارس الحكومية وحجم المعاناة اللا إنسانية والظروف المستحيلة التى كادت تحول بينهم وبين استكمال تعليمهم.. وما كانوا يستحقونه من أنظمة رعاية وحماية تلزم الدولة ممثلة فى الوزارة أو المحافظات بمساندتهم!! وماذا سيفعل هؤلاء الأبطال والمناضلون الصغار من الأوائل والمتفوقين وغيرهم من الناجحين فى مواجهة تعليم جامعى يبدو أنه فى طريقه أن يرفع لافتة «التعليم الجيد للأغنياء والقادرين فقط» وإذا كان التعليم الرسمى وجامعاتنا الكبرى هى الملاذ الآمن والحصن الأخير لهذه النماذج الرائعة للمقاومة من أجل النجاح والتفوق مثال الولد الرائع الذى كان يعاون أمه فى بيع الدواجن وأنابيب البوتاجاز، وهاجر التى كانت تجمع بين المذاكرة ومساعدة والدها فى زراعة الأرض وسائر قصص الكفاح والمعاناة التى سمعناها وقرأناها... هذه النماذج أليس لها الحق فى أجود مستويات التعليم إلى جانب ما أتمنى أن يكون مستمرا حتى الآن من مكافآت تفوق شهريا؟! ما معنى ما نشر الاسبوع الماضى كأنه بشرى أو حدث عظيم يحدث فى التعليم مع أنه كارثة تكرس التفرقة والتميز بدأت الجامعات الحكومية التوسع فى البرامج المميزة بمصروفات والتى أصبحت أمرا واقعا بعد أن تخطت مرحلة الجدل لكونها تناقض مبدأ المجانية والبرامج الخاصة بالجامعات الحكومية بدأت تنتشر وتدرس باللغات المختلفة وعليها اقبال كبير وتحدد لها مصروفات تتراوح بين 15 ألفا و75 ألف جنيه!!

سؤال يتطلع إلى اجابة أمينة عليه.. ما هى نوعية التعليم الذى سيتلقاه من لا يستطيعون دفع الآلاف فى تعليم حكومى كان ملاذهم الآمن والأخير لتلقى تعليم جيد وهل الاهتمام بالتعليم والإنسان كمحور من أهم محاور التوجه والاهتمام فى هذه المرحلة أصبح يخضع لشروط وقروض المال وهل نحن على استعداد لتحمل توابع انهيار العدالة التعليمية وتكافؤ الفرص؟!!

> وما دمنا فى مجال المال والاستثمار وفروضهما وتوابعهما ـ هل من يريد أن يستثمر فى مصر يحتاج إلى الجنسية أم إلى القوانين الجادة التى تحمى استثماراته وتمنع التلاعب بحقوقه أو بواجباته والتزاماته وماذا تساوى 7 ملايين جنيه يستطيع أن يدفعها مضاعفة بل ومليارات من يمثلون واجهات لخطر كامن ومتربص ويجد فيها الفساد والفسدة مرتعا جديدا وتدفع مصر الأخطر من أمنها القومى واستقلالها وسيادتها!! وإذا كانت بشائر الأمل كثيرة وفق ما جاء فى بيان رئيس الحكومة وأنجزنا 85% من برنامج الاصلاح الاقتصادى ولم يتبق وفق ما أعلن إلا 15% واكتشافات جديدة للغاز والبترول تتوالى وبالإمكان جمع مليارات وتريليونات مما نهب وضيع من ثروات المصريين كما فعلت دول محترمة كثيرة.. ولتخرس ألسنة الجماعات الإرهابية التى لا تعرف معنى الوطن وتراه حفنة من تراب لا تساوى شيئا!

أتحدث بلسان من يعرفون أن مصر التاريخ والجغرافيا والحضارة والايمانية والامكانات والقدرة والثروات البشرية والطبيعية أكبر من أموال الدنيا وممن لا يعرفون قيمة وقدر وطنهم!!


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: