قلب الثورة الرحيم .. محطات من النضال والتضحيات
دستور 1956 منح المرأة حقى الترشح والانتخاب والمساواة فى الحقوق والواجبات مع الرجل حكمت أبوزيد أول وزيرة بعد الثورة.. ودرية شفيق قادت 1500 سيدة فى مظاهرة لدخول البرلمان منيرة ثابت شنت حملات صحفية عن الإصلاح السياسى والاجتماعى وطالبت بمجانية التعليم .
66 عاما مرت على ثورة 23 يوليو التى كانت محطة مهمة فى تاريخ الحركة النسائية، ونقطة انطلاق للمرأة فى سبيل حصولها على حقوقها السياسية والاجتماعية، حتىجاءت الثورة بدستور 1956 كأول دستور مصرى ينص على المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، بما فيها الحقوق السياسية، حيث نص على حقيها فى التصويت والترشح فى الانتخابات، ولم يكن خروج المرأة فى المظاهرات وليد لحظة ثورية عفوية خرج فيها جموع المصريين رجالا ونساء وشيوخا، ليعبروا عن رفضهم القهر والظلم الذى عانوه سنوات طويلة، لكنه جاء نتيجة إيمان قوى من المرأة بأنها شريك أساسى فى الوطن، ولتؤكد أنها حاضرة فى المشهد السياسى بقوة، وأن حضورها هو الذى يصنع الفرق ويحدد الاتجاه ويرسم خريطة الوطن، فكانت البداية عام 1919، على يد هدى شعراوى وصفية زغلول وسيزا نبراوى، ثم تسلمت منهن الراية درية شفيق ومنيرة ثابت وأمانى فريد، وكانت حكمت أبو زيد أول امرأة تشغل منصب وزيرة، وأطلق عليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر "قلب الثورة الرحيم"، وهو الوصف الذى ينسحب على المرأة المصرية بكل أدوارها خلال الثورة، وحتى قبلها عبر التاريخ.
....................................................................
بدأت المشاركة الحقيقية للمرأة المصرية فى العمل السياسى فى عام 1919 حيث خرجت أول مظاهرة نسائية ضد الاحتلال البريطانى فى 16 مارس 1919 قتل خلالها بعضهن، وفى 1920 تألفت لجنة الوفد المركزية للسيدات. وفى عام 1923 أنشأت هدى شعراوى الاتحاد النسائى المصرى، وصدر قانون الانتخاب فى نفس العام، لكنه حرم المرأة من حقّى التصويت والانتخاب، بحجة أن انخراط المرأة فى العمل السياسى يتعارض مع طبيعتها. وفى يوم افتتاح البرلمان، خرجت مظاهرة نسائية للاحتجاج على حرمان المرأة من حقوقها السياسية.
وفى الأربعينيات، تأسس أول حزب نسائى عام 1942، كما تأسس الاتحاد النسائى العربى فى القاهرة عام 1944، وتأسس اتحاد بنت النيل عام 1949. وكانت من أبرز المطالبات فى ذلك الوقت المطالبة بحقوق المرأة فى التعليم والمشاركة السياسية والاجتماعية.
عميدة الصحفيات
منيرة ثابت من أكثر الأصوات علوًا منذ عام 1923 حتى وفاتها بعد قيام ثورة يوليو، وهى أول مصرية تحصل على ليسانس الحقوق وسجلت اسمها فى المحاكم المختلطة، ولما لم تستطع الاستمرار فى عملها أمام المحاكم الأجنبية بسبب مرافعتها باللغة الفرنسية قررت العمل بالصحافة لتدافع عن قضايا المرأة وحقها فى التعليم والعمل السياسى والتمثيل البرلمانى، حيث أنشأت أول جريدة مصرية باللغة الفرنسية تصدر يوميا تحت اسم "الاسبوار" ثم أنشأت جريدة «الأمل» وشنت حملات أسبوعية عن الإصلاح السياسى والاجتماعى والدعوة لمجانية التعليم وإلغاء الطرابيش وتمثيل المرأة فى البرلمان وواصلت مقالاتها للمطالبة بحقوق المرأة على صفحات الأهرام، ووصفها انطون الجميل رئيس التحرير بأنها الكاتبة الأولى فى مصر، وكانت أكبر شهادة من صاحب الأهرام لها، وعندما قامت ثورة 23 يوليو اندفعت «منيرة» بكل قوتها وحيويتها ونشاطها للوقوف بجانب رجال الثورة، وواصلت مطالبها، حتى تحققت فى عام 1957، ودخلت راوية عطية من الجيزة وأمينة شكرى من الإسكندرية مجلس الأمة لأول مرة.

درية شفيق - منيرة ثابت
بنت الشرق
أمانى فريد حصلت على الثانوية العامة «البكالوريا» عام 1937 ثم التحقت بالمعهد العالى للتربية وتخرجت منه فى 1940 وعملت مدرسة للغة العربية، وأسست مجلة "بنت الشرق" لدعم جهود المرأة، وكانت عضوة فى نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب وجمعية هدى شعراوى، واعتصمت مع درية شفيق فى عام 1954 للمطالبة بحقوق المرأة السياسية، وكان لها صالون أدبى نسائى وقد ألفت كتاب "المرأة والبرلمان" شنت فيه هجوما ضاريا على دستور 23 ثم دستور 1930 وعلى الذين عكفوا على إعداده، لأنهم حرموا المرأة من حقها فى التمثيل تحت قبة البرلمان، وظلت تدافع عن حقوق المرأة السياسية حتى صدور دستور 1956 الذى أعطى المرأة حقى الترشح والتصويت فى الانتخابات.
.. وبنت النيل
درية شفيق من رواد حركة تحرير المرأة فى مصر بالنصف الأول من القرن العشرين، وينسب لها الفضل فى حصول المرأة على حقى الانتخاب والترشح فى دستور مصر 1956. درست فى مدرسة البعثة الفرنسية بطنطا، ثم أرسلها والدها ضمن أول فوج طالبات من قبل وزارة المعارف المصرية، للدراسة فى جامعة" السربون" فى باريس على نفقة الدولة، وعند عودتها من فرنسا برفقة زوجها، رفض عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة تعيينها فى الجامعة، لكونها امرأة، فعرضت عليها الأميرة شويكار منصب رئاسة مجلة "المرأة الجديدة" التى تصدرها، لكنها لم تستمر فى منصبها، حيث أصدرت مجلة "بنت النيل" التى كانت أول مجلة نسائية ناطقة بالعربية وموجهة لتعليم وتثقيف المرأة المصرية. وفى فبراير 1951 قادت مظاهرة برفقة 1500 امرأة اقتحمن مقر مجلس النواب المصرى، حيث كانت تهدف بأن ينظر المجلس ورئيسه بجدية فى قضايا ومطالب المرأة المصرية، ويعتبر الكثيرون هذه اللحظة لحظة تاريخية بالنسبة للحركة النسائية، وبعد أسبوع من المظاهرات عرض على المجلس قانون ينص على منح المرأة حقى الانتخابات والترشح للبرلمان.

حكمت أبوزيد
قلب الثورة
حكمت أبو زيد اختارها الرئيس جمال عبد الناصر كأول وزيرة للشئون الاجتماعية عام 1962 وأطلق عليها "قلب الثورة الرحيم" وبتوليها هذا المنصب ألقت الضوء على ضرورة مشاركة المرأة فى العمل السياسى.
وخلال فترة توليها الوزارة، تمكنت من تحقيق الكثير من الإنجازات للمرأة فى الوضع الاجتماعى الذى تولت مهامه، حيث أسهمت فى وضع قانون 1964 وهو أول قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية وعندما وقعت هزيمة 67 كلفها عبد الناصر بالاهتمام بالرعاية الاجتماعية لأسر الجنود الموجودين على الجبهة.
مرت حياتها ببعض المجادلات والمناوشات مع القادة والساسة، لكنها من أكثر الشخصيات النسائية إلهاما وقت ثورة 1919 ، بعدما تأثرت كثيرا بسنوات دراستها الجامعية، حيث التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة وكان طه حسين عميدها آنذاك وحرصت على الحصول على درجات علمية عديدة ومجالسة كبار المثقفين والدارسين فى الجامعات المصرية. وخلال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات، شاركت فى العمل المجتمعى ثم توفيت فى فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
رابط دائم: