رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصائر فى أزمة!

صعب هو الواقع العربي، ملتبس أكثر من غيره، ومليء بعشرات المواجهات اليومية مع المشاكل الصعبة. تكشف لنا ذلك بعض الأفلام المعروضة ضمن مهرجان السينما العربية الذى يقيمه معهد العالم العربى بباريس وينتهى غدا. ان تكون ولدت فى قرية مسالمة لا تحيطها المشاكل، ليس مثل ان يكون كل ما حولك تفجيرا وقتلا ورؤى ضيقة للحياة. ذلك هو حال أبطال الفيلم التسجيلي، «الفرقة» للمخرج العراقى الباقر جعفر. يقدم الفيلم متابعة دقيقة لحياة مجموعة من الشباب ينتمون إلى مجموعة موسيقية تسمى «حلم» ويسكن افرادها مدينة الصدر العراقية. ورغم أن المجموعة تتخصص فى الموسيقى الصوفية، فإنها لا تستطيع تقديم أى حفل موسيقى فى مدينة الصدر لانتشار التطرف هناك. يقول أحد افراد الفرقة: كانت هناك اغان ومطربون مشاهير وحفلات عرس وجمهور محب للموسيقى قبل سقوط صدام. ثم جاءت المجموعات الدينية المتعاقبة التى تحرم الموسيقى وتعتبرها إلهاء للمسلم عن العمل الجاد وبابا لدخول الشيطان. والحق ان الفيلم كان مفزعا فى إظهار مناخ التشدد فى مدينة الصدر التى توصف بانها مدينة مقدسة للشيعة. نرى خطبة جمعة لأحد المرجعيات يحضرها عشرات آلاف على امتداد ميدان وشارع ضخم. يقدم رجل الدين أسانيده ويكررها عن حرمانية الموسيقي. ويقف أحد أبطال الفيلم بالقرب من موقع الصلاة يقول للمشاهدين إن حلم فرقته سيظل تقديم حفل موسيقى فى مدينته. لكن الحقيقة تظهر ان أحد أفراد الفرقة رفض ان يكمل مسيرته معهم وتركهم خوفا من ان يقتل بسبب الموسيقى وهو الأب العائل لأسرة لا يريد لابنائه ان يتيتموا. والغريب ان الفيلم يظهر شخصية اسمها ابو «عزرائيل» احد جنود الحشد الشعبى الذى واجه داعش عند دخوله المدينة. يتحاور هذا الرجل مع احد افراد الفرقة ويعده بأنه سيسهل لهم اقامة الحفل بمدينة الصدر رغم أن كل كلامه يحرم الموسيقي. طبعا الحفل لا يقام. اللقطات التى أظهرها المخرج للمدينة مفزعة حقا. فأحيانا يحدث انفجار وتفر الناس بذعر وخوف يخلعان القلوب. وأحيانا يتدرب الاطفال على فك واستخدام الأسلحة كمحترفين وسط تدريب قاس وفقا لقواعد سمع وطاعة مفزعة. وثالثا تبدو من زوايا قريبة مواكب عزاء الحسين الذين يجلد فيها الناس انفسهم هناك، لأنهم لم يتسنوى لهم قديما إنقاذ سيدنا الحسين عند قتله. يظهر احد المطربين الذى كان مشهورا من قبل ويبدو ندمه على مرحلة الغناء وانه كرس حياته الآن لخدمة الحسين.. مخرج ذو موهبة كبيرة نقل لنا روح الحلم وروح الكابوس.

أما الفيلم الآخر الذى جسد الواقع الصعب، فهو الفيلم الفلسطينى «التقارير حول سارة وسليم للمخرج مؤيد عليان». وهو من ضمن الأفلام العربية التى اثارت الجدل بقوة منذ بداية العام. فبعد عرضه فى مهرجان روتردام وحصوله على العديد من الجوائز ناشدت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (BDS)، العالم كله بمقاطعة وعدم عرض هذا الفيلم بسبب خرقه لمعايير مقاطعة اسرائيل من خلال اشراكه ممثلين اسرائيليين خدموا فى جيش الاحتلال ولم يعلنوا عن تأييد الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. والفيلم يحكى عن علاقة جسدية نشأت بين صاحبة بار إسرائيلية وسائق فلسطينى يوصل لها المخبوزات فى مدينة القدس بشقيها والتى يعيش فيها العرب واليهود معا.

ورغم ان كليهما متزوج، الا ان العلاقة تستمر وتحتدم حتى افتضاح الامر واكتشاف السلطة الفلسطينية ذلك. فتجبر سليم على ادعاء انه استقطب الاسرائيلية للعلاقة لكى يجندها للعمل لصالحهم. تجتاج إسرائيل رام الله ويتم العثور على ملفات بمقر السلطة الفلسطينية هناك. وينكشف السر شيئا فشيئا. خاصة ان زوج سارة هو قيادى متميز بالجيش الإسرائيلي. يتم القبض على سليم وتكتشف زوجته بيسان الحامل خيانته فتقرر الانتقام من الإسرائيلية. ويحاول القيادى الإسرائيلى حماية زواجه وسمعته. بينما تحاول محامية سليم ان تصبغ عليه لقب بطل لكى يتم تخفيف الحكم عنه. تعترف سارة للسلطات الاسرائيلية بأن علاقتها بسليم كانت جنسية فقط وانه لم يحاول تجنيدها. فيتركها زوجها وهو نفسه يفصل من الجيش بسبب افشائه اسرار عمله لزوجته. تترك سارة المدينة وتتطلق الزوجة الفلسطينية وتنجب. فيلم كان سيكون أهم لو كانت هناك علاقة حب حقيقية بين الفلسطينى والإسرئيلية فيصبح ما يدافع عنه الفيلم نبيلا وراقيا، وليس مجرد علاقة جسدية لا أساس روحى لها فنتج عنها سلسلة من المشاكل المدمرة.


لمزيد من مقالات ◀ د. أحمد عاطف

رابط دائم: