رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أنا وجيرانى

أنا رجل أقترب من سن الخمسين، ومتزوج، ولدى ثلاثة أبناء، وبصراحة شديدة، فإننى لا أتعامل مع أحد، ولا أميل إلى الخروج من البيت بعد العودة من العمل، ومع ذلك لا أسلم من أذى الجيران، وقد قررت أن أنتقل إلى محافظة أخرى، لكن زوجتى وأبنائى يرفضون ترك المنطقة التى نعيش فيها، وأنا حائر، ومضطرب، ولا أدرى ماذا أفعل، فبماذا تشير علىّ؟

< ولكاتب هذه الرسالة أقول:

أمرنا الله بالإحسان إلى الجار في نسق عشرة فقال: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا» (النساء36)، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»، فالإحسان إلى الجار والقيام بحقه سبب للتفاضل بين الناس، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».

والجار الصالح من أسباب السعادة، وعكسه من أسباب الشقاء، وقد جعل الله للجار حقوقًا شرعية على جيرانه، فإذا قام بها الناس بينهم، سادت روح الألفة والمحبة والتسامح، واكتملت فى المجتمع صفاته المثالية، فمن حقوق الجار كف الأذى عنه لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ»، ومن صور إيذاء الجار حسده وتمني زوال النعمة عنه، أو السخرية به واحتقاره، أو إشاعة أخباره وأسراره، أو الكذب عليه وتنفير الناس منه، أو تتبّع عثراته والفرح بزلاته، أو مضايقته أو إلقاء الأذى عند بابه، أو التطلّع إلى عوراته ومحارمه، أو إزعاجه بالصراخ والأصوات المنكرة، أو إيذائه فى أبنائه، وأما من ابتلي بجار يؤذيه فعليه بالصبر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاصْبِر، فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَقَالَ: اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ، فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ وَفَعَلَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ لا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ».

إن الواجب أن نتحرى حقوق جيراننا لننال الفضل في الدنيا، وننجو من المؤاخذة في الآخرة، بل وأن نقدم له الهدايا ونبذل له المعروف، فكم من هدية أوقعت في قلب المهدى إليه أثرا عظيما، فهي تقرب النفوس وتزيل الأحقاد وتبرهن على صدق المودة وعظيم المحبة، ولقد ضرب أصحاب رسول الله أروع الأمثلة في التعاون والمساعدة فيما بينهم، حتى استحقوا إطراء النبي لهم وثناءه عليهم.

ومن حق الجار الحفاظ على عوراته وعدم خيانته في أهله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر قَالَ: سألت رَسُولُ اللَّهِ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَر؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ. قُلْت: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» قَالَ: وَنَزَلَتْ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّه هذه الآية «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ» (الفرقان68)

أيضا من حق الجار مواساته وعدم إضجاره وإحزانه، خاصة إذا كان كبير السن، قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء: سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: دخلنا على أبي حامد الأعمش وهو عليل، فقلت: كيف تجدك؟ قال: أنا بخير لولا هذا الجار، يعني أبا حامد الجلودي، دخل عليّ أمس وقد اشتدّت بي العلّة فقال: يا أبا حامد، علمت أن زنجويه مات، فقلتُ: رحمه الله، فقال: دخلت اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع، ثم قال أيضًا: يا أبا حامد، كم عمرك؟ قلت: أنا في السادس والثمانين، فقال: إذًا أنت أكبر من أبيك يومَ مات، فقلت: أنا بحمد الله في عافية فعلت البارحة كذا، واليوم فعلت كذا وكذا، فخجل وقام.

كن فى البلاد إذا ما الْجار جار بِها

كالراح فى الكأس لا تبقى على ميل

واجف الخليل وبادر بالرحيل وقل

هذا الدواء الذى يشفي من العلل

فأرجو أن تمد جسور الصلة مع جيرانك، وسوف ترى منهم ما لم تكن تتوقع من المعاملة الحسنة، والمهم هو صدق النية، وليكن هذا درسا بليغا لنا جميعا بالإحسان إلى جيراننا والقيام بحقوقهم، ولنطرح الحقد والحسدَ جانبا، ولنُنَقِّ أنفسنا وضمائرنا من كلّ ما يكدّر صفو العلاقة مع جيراننا، ومن كان منا بينه وبين أحد من جيرانه خصومة فليُدخل فيها من جيرانه من يكون سببا فى إصلاح ما فسد، والله المستعان.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق
  • 3
    ^^HR
    2018/07/06 10:58
    0-
    0+

    بدون غضب: هذا يمثل سلبية وتراجع فى الصبر وقوة التحمل
    "لقد خلقنا الانسان فى كبد"....الحياة لا تخلو من مشاكل وعلى صاحب المشكلة بذل محاولات للتعايش مع جيرانه بالحسنى وهذا يتأتى بالتزاور والتهادى والمجاملات بالمشاركة فى المناسبات الاجتماعية أما الانزواء والتقوقع فهو غير مطلوب وغير صحى نفسيا وعضويا،،،أولادك على حق فضع نصب عينيك الحكمة"لو علمتم ما فى الغيب لأخترتم الواقع" ....وعليك ايضا القياس على الحكمة"رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه" وقل(رب مكان بكيت منه فلما تركته ندمت عليه)
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 2
    ^^HR
    2018/07/06 00:12
    0-
    0+

    بدون غضب: هذا يمثل سلبية وتراجع فى قوة التحمل والصبر
    "لقد خلقنا الانسان فى كبد"....الحياة لا تخلو من مشاكل وعلى صاحب المشكلة بذل محاولات للتعايش مع جيرانه بالحسنى وهذا يتأتى بالتزاور والتهادى والمجاملات بالمشاركة فى المناسبات الاجتماعية أما الانزواء والتقوقع فهو غير مطلوب وغير صحى نفسيا وعضويا،،،أولادك على حق فضع نصب عينيك الحكمة"لو علمتم ما فى الغيب لأخترتم الواقع" ....وعليك ايضا القياس على الحكمة"رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه" وقل(رب مكان بكيت منه فلما تركته ندمت عليه)
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق
  • 1
    ^^HR
    2018/07/05 23:45
    0-
    0+

    فضلا رأى فى المشكلة الاولى"الكعب العالى"
    مبدئيا اتفق مع أ. البرى وأكرر بأن قطع صلة الرحم من عدمه ليس لب المشكة.....لب المشكلة فى زوج الاخت الذى انقلب حاله واصبح يعامل زوجته بطريقة سيئة لا تتفق مع معانى المودة والرحمة والعشرة الطيبة....أما الاب فهو يبدى الطيبة والتسامح فى غير موضعهما والتمس له عذرا فى عدم الوقوف فى صف بنته أو التسرع فى اتخاذ ردود فعل حادة تجاه زوج بنته يحدوه الامل مثل كثير من الآباء فى صلاح الحال وعدم خراب بيت كريمته،،،رأيى: فى حالة تكرار الزوج طرد زوجته أن تظل فى بيت ابيها لأطول فترة ممكنة مع رفض اى محاولات لعودتها حتى يتضح موقف الزوج ومشاعره وعما إن كان متمسكا بزوجته من عدمه وهذا يفهم من كثرة الالحاح وتوسيط الوسطاء لعودتها فإن فعل ذلك فيجب انذاره بأن هذه هى المرة الاخيرة فى التسامح والعفو عن اخطائه التى لا تتوقف،،وفى الحالتين سواء عادت الزوجة الى بيت زوجها ثم عاود إهانتها أو أنه لم يحرك ساكنا لبقائها فى بيت ابيها فلا حل سوى طلب الانفصال حفاظا على ما تبقى من كرامة وعزة نفس
    البريد الالكترونى
    الاسم
    عنوان التعليق
    التعليق