رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دور الدولة فى المرحلة المقبلة

تأتى الولاية الثانية للرئيس فى مرحلة تحوّل تكنولوجى ثورى يغيّر من كل أنماط الحياة والاقتصاد، والعبرة فى هذا المفترق التاريخى للبشرية ليست فى الجدل حول دور العام مقابل الخاص فى الشأن الاقتصادى، ولكن فى البعد عن أيديولوجيات- يميناً ويساراً - انتهى عهدها، والتركيز على التفكير والحلول العملية لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

إن مصر فى حاجة لإجراء التغيرات التكنولوجية والتنظيمية المطلوبة لنمو عادل ومستدام من خلال قيام الدولة بوضع وتفعيل استراتيجية للنمو مبنى على الابتكار بعد أن ولّى عهد استراتيجيات إحلال الواردات أو التوجه نحو التصدير فقط، فمعّدل النمو الاقتصادى سيعتمد فى المدى الطويل على نمو معدل الإنتاجية الكلية الذى بدوره يتحدد من خلال معدل التقدم التكنولوجى، ولقد قررّت الدولة دفع الاستثمار الإستراتيجى فى برامج جديدة للصحة والتعليم لبناء رأس المال البشرى الذى هو ركيزة استراتيجية للنمو المبنى على الابتكار، وعلى الدولة إذن, ومن خلال رؤية واهداف برنامج 2030, أن تحدد خططها التفصيلية لهذه الإستراتيجية على المحاور التالية:

-تحديد مسار التقدم التكنولوجى المطلوب فى قطاعات لها أولوية لمصر وتحقق تميزها وتنافسيتها فى عصر اقتصاد المعرفة ، ودفع الاستثمارات العامة وحوافز الاستثمار الخاص نحو هذه الأولويات.

-الابتعاد عن النظرة القصيرة الأجل فى تقييم الإنفاق العام وقياس جدواه بمؤشرات جديدة من خلال دفعه للأسواق فى مجالات جديدة ، ولقد ارتفع الدين المحلى الى أرقام قياسية نسبة للناتج الإجمالى فى دول مثل الصين واستراليا وكندا وغيرها تحقق نمواً مرتفعاً وتقدماً تكنولوجياً ملموساً.

-السماح للمؤسسات العامة سواء الهيئات الاقتصادية أو شركات قطاع الأعمال العام بالتجريب والتعلم وبل بالفشل أحياناً، وذلك بتغير اللوائح المكبلة للعمل الإدارى والابتكارى، وهذا ما أدرك العديد من دول القارة العجوز مثل ألمانيا وفرنسا لملاحقة ومنافسة شركات المارد الآسيوى.

-بناء المنظومة الوطنية للابتكار للانتقال لعصر تكنولوجى وتنموى جديد، وهى مجموعة لنظم الابتكار على المستويات القطاعية والجغرافية والقومية تتحقق من خلال روابط شبكية ديناميكية بين الشركات العامة والخاصة والجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات المالية.

-إنشاء ما تم تسميته فى العديد من الدول بالصندوق الوطنى للابتكار، وتمويل هذا الصندوق من خلال حصة أولية من الدولة واتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية وبعض الاتحادات المهنية مثل المهندسين والأطباء، ويتم التمويل بعد ذلك بشكل مستدام عن طريق نسبة من عوائد الأرباح التى تحققت لدى الشركات المستفيدة من التمويل.

-إن دور الدولة محورى فى مراحل التحول التكنولوجى ، ولقد شاهدنا ذلك بجلاء فى كل الدول التى تقدمت صناعياً، ولقد ركزت الولايات المتحدة ــ على سبيل المثال ــ على مساعدة الشركات الخاصة فى مجال الابتكارات الجديدة ، ففى الفترة ما بين 1971 و2006 وبين أهم 88 ابتكارا اعتمد 77 منهما على تمويل الحكومة الفيدرالية وعلى مساعدة الأبحاث الفيديرالية فى مجالات عدة مثل التكنولوجيا الحيوية والحاسبات والطاقة النووية والليزر ...الخ، بل إن شركة آبل قامت فى عام 1978 على التمويل والمساندة من الحكومة، الشىء تم حديثاً بالنسبة لشركة تسلا المنتجة للسيارات الكهربائية، وتقوم حكومات الدول حالياً بالإنفاق على الثورة الصناعية الخضراء ومايرتبط بها من تكنولوجيات لإعادة التدوير وإدارة المخلفات وتحلية المياه والممارسات التقنية الأفضل فى الزراعة وكفاءة استخدامات الطاقة...إلخ، ولقد خصصت الصين إنفاقاً عاماً فى الخطة الخمسية 2011-2015 بلغ 1.5 تريليون دولار فى مجال التكنولوجيات النظيفة للبيئة علاوة على الجيل الجديد من تكنولوجيات المعلومات والتصنيع الجديدة والمواد الجديدة وبدائل الوقود والسيارات الكهربائية. وبنوك التنمية الوطنية ــ بنك الاستثمار القومى عندنا ــ هى الأداة المباشرة لاستثمار الدولة وتمويل المشروعات الجديدة ذات مخاطر عالية لاتقبل عليها البنوك التجارية نظراً لحداثة الابتكار أو التكنولوجيا بالنسبة للأسواق، وكما أن تمويل البنوك الوطنية هو من النوع الصبور الطويل الأجل لعشر سنوات أو أكثر أحياناً ، ورغم ذلك فإن بنك الاستثمار الوطنى فى ألمانيا مثلاً حقق 3 مليارات دولار أرباحاً فى عام 2012 بينما أظهرت البنوك الخاصة خسائر في نفس العام، وفي البرازيل يمول البنك الوطني للتنمية الابتكارات الخاصة بالتكنولوجيات النظيفة والتكنولوجيا الحيوية وحقق عائداً على استثماره بلغ 14.5%، وفى عام 2013 قام بنك التنمية الوطنية الصينى بتمويل أضخم مشروع طاقة رياح فى الارجنتين باستخدام توربينات صينية الصنع وبلغ حجم هذا التمويل 3 مليارات دولار.


لمزيد من مقالات ◀ شريف دلاور

رابط دائم: