رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأمم المتحدة.. تهديدات أمريكية وإصلاحات حتمية

زكريا عثمان
> نيكى هيلى سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة

يمثل قرار واشنطن خفض حجم تمويلها للأمم المتحدة أحد أخطر فصول مواقفها العدائية وردود أفعالها الانتقامية تجاه هذه المنظمة الدولية التى لطالما استخدمتها لتحقيق مصالحها الذاتية منذ تاريخ إنشائها عام ١٩٤٥وحتى اللحظة الراهنة عبر تسييس قراراتها والضغط أحيانا على بعض أعضائها.

كما بات من الضرورة الآن إعادة هيكلتها أو إصلاحها بمختلف وكالاتها وأجهزتها، لا سيما مجلس أمنها، نظرا للتدخلات الأمريكية وتأثيراتها غير العادية على العديد من قراراته التى أفقدته والمنظمة بأسرها معظم مصداقيته وبريقه، لدرجة أنه لم يعد يخدم النظام العالمى بمقدار خدمته للصالح الأمريكي.

ومنذ البداية، اعتمدت واشنطن فى تعاملها مع المنظمة على آلية "التشكى والتبكي"، فدوما ما أشادت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بقرارات المنظمة طالما كانت تصب فى صالحها ولا تمس بأحد حلفائها "إسرائيل".

ومع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض وتبنيه سياسة "أمريكا أولا" وما نتج عنها من صدام واضح بين بلاده والغرب، بدأت الدول الغربية تنتهج سياسة المكايدة له، لأنه أضر بمصالح شعوبهم وأعلن سياسة الصدام الصريح مع بلدانهم عبر سياساته الحمائية وفرضه تعريفات ورسوما جمركية على صادراتهم أشعلت حربا تجارية معهم وانعكست سلبيا على حالة التوافق المشتركة التى كانت دوما بينهم داخل أروقة المنظمة.

وتجلت باكورة هذه الخلافات فى تصويت ١٢٨ دولة فى ديسمبر ٢٠١٧ من أصل ١٩٣ هم أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار ترامب بشأن إعلان القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، فاتخذ رد فعل انتقاميا بخفض تمويل بلاده لتلك المنظمة بمقدار ٢٨٥ مليون دولار من إجمالى المخصصات الأمريكية التى تقدر بـ ٣٫٣ مليار دولار وتشكل ٢٢٪ من الميزانية التشغيلية السنوية لتلك المنظمة الدولية البالغ إجماليها ٥٫٤ مليار دولار، فضلا عن إسهام واشنطن أيضا بـ ٢٨٫٥٪ من ميزاينة عمليات حفظ السلام البالغة ٧٫٩ مليار دولار، كما هدد الكونجرس مرارا بقطع التمويل عنها.

ولم تقف التهديدات الأمريكية عند هذا الحد، فقد قررت واشنطن فى أبريل ٢٠١٧ وقف تمويل صندوق الأمم المتحدة للسكان الذى يخدم أكثر من ١٥٠ دولة، مبررة خطوتها هذه بأن الصندوق يدعم أو يشارك فى إدارة برنامج للإجهاض والتعقيم القسرى فى الصين، وهو الادعاء الذى نفاه مسئولو الصندوق ووصفوه بـ"الزعم الخاطئ". وفور القرار الأمريكي، حذر مسئولون بالأمم المتحدة من أن وقف واشنطن المفاجئ للتمويل قد يتسبب فى انعدام الاستقرار العالمي.

ولم يكن هذا الانسحاب الأمريكى الأخير من نوعه، فقد تلته انسحابات عديدة من وكالات واتفاقيات دولية أخرى، أبرزها "إعلان نيويورك للهجرة واللاجئين"بحجة تناقضه مع قوانين ومبادئ الهجرة واللجوء الأمريكية لإدارة ترامب، ومن قبل من اتفاقية باريس للمناخ، كما خفضت تمويلها لوكالة التجارة والتنمية"يونيكتاد"ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو"بسبب انضمام فلسطين كدولة كاملة العضوية بهما.

ومنذ أزمة القدس، تصاعدت لهجة التهديدات الأمريكية لأعضاء المنظمة لتصل لحد "البلطجة" وتخييرهم ما بين الانبطاح لها أو خفض التمويل والانسحاب من أجهزتها بحجة أن واشنطن يتم استغلالها ماديا أكثر من غيرها.

ولا تستند هذه الانسحابات الأمريكية أو خفض نفقاتها للوكالات الدولية إلى أى شرعية، ببساطة لأن ما تقدمه من دعم يأتى بناء على ميثاق التأسيسى للأمم المتحدة الذى وقعته عام ١٩٤٥.

وعلى الرغم من أن البعض يرى أن انتهاء الدعم الأمريكى للمنظمة مفيد أكثر من كونه مضر لأن أمريكا لا تستخدمه فى أغراضها الصحيحة، فإنهم يؤكدون أن انسحابها من المنظمة بأسرها سيؤدى حتما لانهيار الأخيرة، لأن اتخاذ قرارات دونها سيكون بلا فائدة، حيث إن الأعضاء سيعودون لأخذ رأيها كما حدث فى عصبة الأمم المتحدة سابقا، كما يرى آخرون أن فكرة عزلها مستحيلة لأنها الجزء الأهم من عالم الآن.

ولتفادى سيناريو الانهيار المحتمل، يتحتم إصلاحها وإعادة هيكلتها بغية استمرار الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وكل المزايا المترتبة على استمرارها.

ويأتى فى مقدمة هذه الإصلاحات توسيع عضوية مجلس الأمن ليصبح أكثر تمثيلا وتعبيرا عن الموازين الحقيقية للقوة فى العالم المعاصر وهو ما يعنى حتمية تغيير نظام الأغلبية المطلوبة لاتخاذ القرار به وبما يحول دون تمكين أى دولة بمفردها من شل قدرته على الحركة.

كما ينبغى أيضا تعديل الميثاق نظرا لعدم توافق بعض بنوده مع معطيات الواقع الحالي.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق