رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

30 يونيو من جديد

بعد أيام قليلة تعود بنا الذكرى إلى يوم لم يكن عادياً فى تاريخ مصر والمصريين هو 30 يونيو 2013 وقد وصلنا الآن إلى 30 يونيو 2018. خمس سنوات صعبة وقاسية، كانت أدق وأصعب سنوات بلادنا، غسل فيها المصريون عار السقوط فى أيدى عصابة مأجورة من الخارج، تسلطت باسم الدين عليهم، هى جماعة الإخوان المسلمين، نعرفها منذ العشرينيات من القرن الماضي، تسامح معها الكثير من حكوماتنا المتعاقبة، وسمحت لهم بالعمل السياسى والديني، رغم أنها تنظيم محظور قانوناً بل ضد القانون، وهو تنظيم لم يتورع عبر تاريخه عن ارتكاب الجرائم، فهو يقتل ويحرق ويخرب ويمهد لاحتلال البلاد من الخارج ويتسلط على الناس بأسماء ودعاوى كثيرة، قد تخلب قلوب البسطاء، بل وكثيرين من المدعين على اختلاف مسمياتهم.

كان يوم 30 يونيو منذ 5 سنوات إعلانا قوياً بأن الشعب ومؤسساته لم يعد قادراً على التسامح، أو اختراق القانون تحت أى مسمى بعد الآن، وبأن الشعب قد استيقظ لمستقبله، وأدرك هويته بالكامل، ووسطيته واعتداله، وبأن مصر لن تقبل بعد اليوم أن يلوّح لها أحد بقيام دولة طائفية أو دينية على أرضها، وأن مصر للمصريين كلهم، مسلمين ومسيحيين معاً، بمساواة كاملة، وحقوق غير منقوصة، وبنفس الواجبات, وكان نقطة انطلاق جديدة لكل المصريين، وبناء البلاد من جديد، وبتدعيم المؤسسات، ومواجهة الاختراقات ضد القانون، وحماية الوطن من التدخل فى شئونه الداخلية من الخارج، سواء كانت مؤسسات عالمية أو إقليمية، تضخ أموالاً أو أفكاراً للتسلط على القرار المصري، وعلى مستقبل البلاد. كان يوم 30 يونيو يوماً للمواطنة والمساواة بين الناس بلا تمييز دينى أو طائفي، وبلا تمييز بين رجل أو امرأة، ولذلك حق علينا أن نتذكره، ونقف أمامه بإجلال واحترام كبيرين، لأنه كان يوماً خالداً فى تاريخنا، وسيكون له مستقبل فى شأننا. وبالعودة إلى ما قبل هذا التاريخ، علينا أن نتذكر كيف كانت الأيام؟ وهل ارتكب الشعب فعلا جريمة انتخاب عصابة للتسلط على البلاد؟ وحتى نجيب بدقة، فسنجد أننا نحتاج إلى إعادة دراسة الظروف والبيئة التى تسلطت بها هذه الجماعة المحظورة، أو المافيا الدينية على القرار السياسي، وعلى مؤسسات البلاد، سواء فى البرلمان أو فى الرئاسة، وكيف خطط هذا التنظيم لهذه اللحظة السوداء فى تاريخ الوطن. فقد اختاروا الإطار الفلسفى الذى ظلوا يلعبون عليه، وهو أنهم محافظون دينياً أو أخلاقيا، واختاروا بعناية حصان طروادة الذى يختبئون فيه، ليحققوا مهمتهم غير المشروعة، هم وكل الجماعات الطامحة لتلعب أدواراً سياسية، وكان هو الحصان الأهوج، لأنهم كانوا بلا عقل ولا ضمير، وأكيد بلا تاريخ ولا مستقبل. نفس هذه الجماعات هى التى تستخدم الآن للهجوم على مصر ونظامها السياسى الذى كشفها، وعراها فى الضمير الوطني، وكيف دفعوا مؤسسات البلاد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وكتابة دستور إخوانى فى ظروف لم تكن فيها البلاد مهيأة أو مستعدة لأى نوع من الانتخابات، ووسط فوضى عارمة، ومناخ يسوده التشكيك والمخاوف، وفى حالة الشارع يعانى من سيولة مخيفة، لا تسمح بأى نوع من الاختيار، فما بالك بالانتخاب، وتحديد مستقبل الوطن؟ فكيف تجرى الانتخابات فى حالة تفكك كامل لمؤسسات البلاد، وشرطتها ممزقة، وجيشها فى الشارع، يبحث عن الأمن وحماية البلاد من الاختراق الخارجى والفوضى الغامضة، أو التنظيم الدينى المخيف الذى تغلغل فى كل أنحاء الوطن، يخيف الناس ويهددهم فى أرزاقهم ومستقبلهم، ويرفع رايات الإعدام والمحاكمة لكل من يناصبه العداء؟!. لقد تسلطت كل أنواع المخاوف على المواطن المصرى وعلى مستقبل الوطن..وكانت المؤسسات منهارة، والشركات لا تعمل، والاقتصاد قد تجمد، وكانت الحياة تسودها المخاوف، فكيف تجرى فيها انتخابات لتحديد مستقبل الوطن!؟, فأقسام الشرطة محترقة، والتنظيم الدينى يسيطر على حدود البلاد، وكل الجماعات الهاربة من سوريا وليبيا والعراق واليمن والبلاد التى تم اختراقها بالتنظيم تحت مسميات براقة، سواء أكانت ربيعاً أم خريفا، كلها هاجرت إلى مصر، فهل كان هذا الوقت يسمح بإجراء انتخابات طبيعية؟ وهل كان هذا الوقت يسمح للناس باختيار نوابهم، أو اختيار رئيسهم؟. لا بالطبع ولكن رءوس هذا التنظيم اختاروا وقتهم بدقة، لكى يقتنصوا الناس، ويفرضوا عليهم نظاماً إرهابياً دينياً تسلطياً، لكل أفراده سوابق وجرائم مخيفة. ولكننى أقول إن حسابهم مع الناس والمجتمع كبير فقد اقتنصوا الوطن فى ظرف غامض، لكى يغسلوا جرائم الماضي، ويتسلطوا على القرار المصرى باسم الديمقراطية، وباسم الانتخابات، وباسم المساواة، وباسم العدل، وكلها أفكار لا يعرفونها، وهى أبعد ما تكون عن هذا التنظيم وأفراده وعصابته، وتاريخهم خير شاهد، فمنهم الذين حرقوا القاهرة فى الأربعينيات، وأعادوا إحراقها فى الألفية الجديدة من أجل السلطة، ومن أجل التسلط على المصريين وقهرهم، ولذلك حق علينا أن نتذكر 30 يونيو 2018، وأن نقول لرجاله نحن معكم حتى تحموا مصر من الوقوع مرة أخرى فى هذه المصيدة من الخارج، وبأموال الخارج، فلا تتسامحوا مرة أخرى مع أى تنظيمات خارجة على القانون، أو تتعامل بمسميات وشعارات وأوهام، لا تحمل فى جوهرها إلا هذه المسميات، فنحن وطن كبير، وقد حصل على استقلاله وسيادته، ولا يمكن أن يفرط فيهما مرة أخري، مهما واجه من صعوبات فى الحياة، ومن أخطاء فى السياسات.


لمزيد من مقالات ◀ أسامة سرايا

رابط دائم: