عن عمر يناهز 87 عاماً رحل أول أمس اللواء القبطى «باقى زكى يوسف» صاحب فكرة استخدام ضغط المياه لإحداث ثغرات فى خط برليف فى أثناء حرب أكتوبر، والذى كان رئيساً لفرع المركبات بالجيش الثالث الميدانى وقتها. ذهب البطل خريج كلية الهندسة - قسم الميكانيكا بجامعة عين شمس الذى أصبح ضابطاً مهندساً بالقوات المسلحة بعد أن شارك فى تحرير الأرض بفكرته العبقرية فى الانتصار، وهى أن يتم جلب طلمبات «ماصة كابسة» تسحب المياه من القناة، وتضخها فى الساتر الترابى، الذى كان مؤهلاً لذلك، نظرا لانحداره الشديد، ورحل الرجل فى هدوء شديد، دون أن تعرفه الأجيال الجديدة، بل وربما تلك التى عاشت ملحمة العبور، فى وقت ضجت فيه الدنيا الآن بالزحام، وحياتنا بالأحداث، وتاهت بينها أسماء شخصيات وهبت أرواحها، وحياتها لتكون تحت أمر تراب الوطن دون أن تنتظر منا كلمة ثناء واحدة. إن مثل هذا الرجل الذى حصل على نوط الجمهورية العسكرى من الدرجة الأولى ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية، إنما يقدم نموذجاً حياً لنعرف كيف يمكن أن تكون فى خدمة الوطن قبل أن تنتظر ماذا ستأخذ منه، ومعنى الانتماء لنفس الوطن بعيداً عن الديانة، وأن هناك كثيرين ممن هم مثله رحلوا فى هدوء، بينما عاش الوطن ومازال على تضحياتهم، بعيداً عن الأضواء والكاميرات الصاخبة، وأنه لولا أمثاله مابقى هذا الوطن وحدوده رغم كل الصعوبات التى تواجهه. أمثال باقى زكى موجودون بيننا فى كل المجالات، يعملون فى صمت، ولكنهم لايحترفون مثل البعض براعة = القفز إلى صدارة المشهد، فيعملون بإخلاص ويفنون حياتهم ، فى خدمة الوطن وأسرتهم الكبيرة والصغيرة، ثم يرحلون فى صمت، بينما يحصد الآخرون ثمار تعبهم!.
لمزيد من مقالات حسين الزناتى رابط دائم: