توقعت عندما ذهبت لمشاهدة فيلم «كارما» أننى على موعد مع إبداع درامى مميز يُعوض به المخرج الكبير خالد يوسف غيابه عن السينما لأكثر من سبع سنوات, ويعوضنا عن حرمان من الدراما السينمائية المصرية الرفيعة سنوات أطول. لم أتصور أن العمل الذى تأهبت لمشاهدته أضعف من أن يحمل اسم مخرج يستطيع أن يقدم افضل منه بكثير، رغم أنه لا يخلو من جودة فى بعض جوانبه، وخاصة أداء بعض الممثلين، والتصوير. وقد شاهدته بعين المشاهد العادى الذى يحب السينما، ويُقبل عليها، ولا يمر أسبوع دون أن يشاهد فيلماً أو أكثر جديداً كان أو قديماً، وليس بعين الناقد السينمائى المتخصص. وحاولت من هذا الموقع أن أبحث عن مصدر الخلل فيه، فبدا لى أنه يكمن فى تفكك بنائه الدرامى.
لاحظت أن الخطوط المتوازية للأحداث ليست مُحكمة. والإطار الذى يجمعها فضفاض, فتبدو الأحداث أحياناً مبعثرة لا يربطها رابط0 كما أن العلاقة بين بعض الشخصيات مضطربة وليست غامضة فقط. فالغموض البناء يدفع المشاهد إلى التفكير فيما يقصد صانع العمل أن يجعله غامضاً، كما نجده مثلاً فى العلاقة بين شخصيتين يؤدى ممثل واحد دورهما. أما الاضطراب فمن شأنه أن يُفقد هذا الغموض قيمته التحفيزية على التفكير.
ويستطيع نقاد متخصصون تفسير مشكلة البناء الدرامى أفضل بطبيعة الحال. ولكن يبدو أن عدم اكتفاء خالد يوسف بالإخراج، واتجاهه إلى كتابة السيناريو والحوار أيضاً، أسهم فى هذه المشكلة. والحال أن من يريد أن يفعل كل شىء، قد لا يفعل شيئاً، أو يأتى فعله أقل مما يستطيع أن يعمله فى حالة تركيز جهده وتفكيره فيما يجيده. وربما نجد تفسيراً آخر فى انشغال صانع الفيلم بالرسالة، أو الرسائل السياسية على حساب ما كان يتعين عليه أن يعطيه عناية أكبر.
كما أن لجوءه إلى توجيه رسائل مباشرة، من خلال كلمات رددها على ألسُن بعض شخصياته بحيث تبدو عابرة خلال الحوار، أثر سلبياً على الفيلم. فالرسائل المباشرة تُضعف أى عمل فنى حتى إذا كان قوياً، فما بالنا بعمل ضعيف أو متوسط. كما أن العمل القوى لا يحتاج إلى المباشرة التى تضعف قيمته الإبداعية.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: