لكل من يريد أن يفهم موجة الغلاء الرهيب التي نعانيها بسبب الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، عليه بكتاب جون بركنز »الاغتيال الاقتصادي للأمم المتحدة.. اعترافات قرصان اقتصاد« الذي أعود اليه للمرة الثالثة.
الكتاب صدر عن مكتبة الأسرة بترجمة مصطفي الطناني وعاطف معتمد وتقديم الدكتور شريف دولار . يعترف خلاله المؤلف في لحظة صحو لضميره بالدور القذر الذي كان يقوم به كقرصان اقتصاد لإقناع الدول الفقيرة بأهمية برامج الإصلاح الاقتصادي عن طريق القروض لإغراقها في الديون.
يقول بركنز: إن الدهاء الذي تتسم به الامبراطورية الأمريكية الحديثة يتجاوز كل ما صنعه الفرسان الرومان، والغزاة الإسبان وقوي الاستعمار الأوروبي.
فنحن قراصنة الاقتصاد علي درجة عالية من الاحتراف لأننا وعينا درس التاريخ.
نحن اليوم لا نحمل سيوفا ولا نرتدي دروعا وإنما نرتدي ملابس عادية ونزور مواقع المشروعات ونتسكع داخل القري الفقيرة، نتظاهر بإنكار الذات، ونتحدث للصحف المحلية عن الأعمال الإنسانية العظيمة التي نؤديها، نغطي طاولات مؤتمرات اللجان الحكومية بأوراقنا ومشاريعنا المالية، ونحاضر في كلية إدارة الأعمال في هارفارد عن عجائب المشروعات الاقتصادية الكبري.
نحن نخبة من الرجال والنساء نستخدم المنظمات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد) لإيجاد أوضاع تُخضع الدول لاحتكار الكربوقراطية أي منظومة الشركات الأمريكية الكبري.
ومثل نظرائنا من رجال المافيا نؤدي نحن قراصنة الاقتصاد بعض الخدمات كمنح قروض البني التحتية، وبناء محطات لتوليد الكهرباء، ومد طرق رئيسية، وإنشاء موانى ومطارات ومناطق صناعية. هذه القروض مشروطة، بأن تتولي إدارة هذه المشروعات شركات هندسية من بلادنا.
ويحقق قرصان الاقتصاد أكبر نجاح عندما تكون القروض كبيرة تعجز الدولة المدينة عن سدادها ساعتها نسلك سلوك المافيا، ونطلب رطلا من اللحم مقابل الدين كإنشاء قواعد عسكرية أو الهيمنة علي موارد الثروة.
أما إذا فشلنا وهو أمر مستبعد، ستدخل الساحة فصيلة أكثر شرا، فصيلة ندعوها »فصيلة الثعالب« هؤلاء هم رجال الأعمال القذرة الذين لا غني عنهم لمن يحكمون عبر التاريخ.
إنهم دائما هناك في الظل وإذا ظهروا ستسقط رءوس رؤساء دول أو يموتمون في حوادث عنيفة. وإن حدث وفشل هؤلاء الثعالب مثلما حدث في أفغانستان والعراق تدخل الجيوش.
ويشرح بركنز الأعمال القذرة التي قام بها القراصنة في العديد من الدول مثل الأكوادور وإيران واندونيسيا وبنما والعراق وفنزويلا.
ففي الأكوادور مثلا أغرقوها في الديون فارتفعت نسبة البطالة من 15% إلي 70% وارتفع الدين العام من 240 مليون دولار إلي 16 مليار دولار.
وتخصص الأكوادور اليوم 50% من ميزانيتها لسداد الديون. وأصبح الحل الوحيد أمام هذه الدولة هو بيع غاباتها إلي شركات البترول الأمريكية وكان هذا هو الهدف الرئيسي لإغراق هذا البلد في الديون. لأن مخزون غابات الأمازون من النفط يحتوي علي احتياطي ينافس بترول الشرق الأوسط.
واليوم فإن لكل مائة دولار من خام النفط تخرج من غابات الأمازون تحصل الشركات الأمريكية علي 75 دولارا منها، مقابل 25 دولار للأكوادور، يذهب 75% منها لسداد الديون الخارجية والمصروفات الحكومية والدفاع ويتبقي 2،5 دولارا فقط للصحة والتعليم وبرامج دعم الفقراء... لطفك يارب
لمزيد من مقالات محسن عبدالعزيز رابط دائم: