رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رؤيه حره
اليابانى المتحضر!

أكثر ما كان يثير إنتباهى فى اليابان هو التقدم الإنسانى الذى وصل إليه المواطن العادى ويعكس سلوكه اليومى فى عمله أو حياته منظومة قيم قوية ورثها عن أجداده ونجح فى تطويرها فى ضوء التقدم ـ الاقتصادى والصناعى الذى شهدته البلاد على مدى الـ 150 عاما الأخيرة أى منذ إصلاحات عهد الميجى فى عام 1868.

وعلى سبيل المثال، عندما عرف اليابانيون صناعة السيارات أو القطارات أو غيرها من الصناعات نقلا عن أوروبا أو الولايات المتحدة، نقلوا معها أفضل السلوكيات الخاصة بتلك الصناعة، بل وطوروها على «الطريقة اليابانية» ووطنوها حتى أصبحت أرقى وأكثر تحضرا من الأصل الذى جلبوه من الغرب، فإذا كانوا لم يخترعوا السيارات أو الطائرات فقد نقلوها وطوروها حتى أصبحت ـ فى كثير من الحالات ـ أفضل وأحسن من الأصل. وهكذا هم فى السلوكيات أيضا يحرصون على أن ينقلوا إلى بلدهم أفضل ما فى العالم سواء كان سلوكا أو صناعة!

وسوف أسوق هذا المثال حتى تعرف ـ عزيزى القارئ ـ إلى أى مدى وصل «تحضر» civilized ـ المواطن اليابانى العادى ففى أول مرة تنضم أسرتى الصغيرة إلى فى العيش باليابان فى عام 1991 بعد أن أمضيت 6 أشهر فى البداية، أخذنا معنا بعض الزيت والسمنة البلدى لأن كل الزيوت أو السمن فى اليابان مصنوع من شحوم الخنزير، وفى مطار «ناريتا» بطوكيو فتح موظف الجمرك الحقائب وعندما رأى الزيت والسمنة قال ما هذا؟ قلت له كما تري.. زيت وسمن.. رد متسائلا؟ لماذا.. أليس فى اليابان زيت وسمن حتى تحملها معك من مصر إلى اليابان؟ قلت له بل اليابان بها زيت وسمن وكل شىء.. ولكن أسمع نحن مسلمون ويأمرنا الدين الإسلامى بأن لا نأكل لحم الخنزيز أو شحومه ولذلك حملنا معنا ما ترى إلى اليابان.. سكت الرجل برهة ولم يرد ثم أنحنى إنحناءة قوية قائلا «دوزو دوزو» أى اتفضلوا.. وقام باغلاق الحقائب بسرعة وحملها بنفسه ووضعها على العربة الخاصة بذلك متمنيا لنا إقامة سعيدة فى بلده!

لاحظ أنه مواطن عادى ربما لم يسافر أبدأ إلى الشرق الأوسط وقد لا يعرف شيئا عن الدين الإسلامي، ولكن تصرف بمنتهى التحضر.. ولو كان هذا الموقف فى إحدى الدول العربية التى ترفض دخول أطعمة أو مواد غذائية إلى أراضيها لكان ألقى بها فى سلة القمامة على الفور.. وإذا كان الموقف ذاته فى أحدى المطارات الأمريكية أو الأوروبية لاعتبرت «إرهابيا» لإنك تحاول الحفاظ على بعض من دينك.. وربما ليس فقط تم إلقاء الزيت والسمن فى القمامة، ولكن إحتجازك والتحقيق معك بتهم «إرهابية».

هى جلب الزيت والسمن «الإسلامي» إلى بلادهم!!


لمزيد من مقالات منصور أبوالعزم

رابط دائم: