رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وقفة واجبة مع الدراما بعد أسبوع من المنافسة..
الأعمال متقاربة المستوى.. والانشغال بـ«الأكشن» على حساب المضمون

علا الشافعى

يأتى موسم رمضان الدرامى هذا العام كاشفا العديد من الظواهر المتعلقة بطبيعة المنتج الذى نشاهده على الفضائيات المختلفة، ومحرضا على طرح العديد من التساؤلات الخاصة بآليات صناعة الدراما، حيث انتقلت صناعة الدراما من المنافسة الفنية إلى الصراع وتكسير العظام فى تفاصيل أخرى ليس لها علاقة بالفن والإبداع، فلم تعد هناك أسس واضحة منظمة للعملية الإنتاجية، كما أن سيطرة «ثيمات» معينة على عدد كبير من الأعمال المعروضة، يؤكد أنه لا مجال للاختلاف إلا قليلا. وبالطبع هذه الحالة تجعلنا نقلق على مستقبل الدراما المصرية، التى لو استمر الوضع بها بهذه الطريقة فستكون فى خبر كان.

..................................

فمع تحديد سقف الإنتاج، وتقسيم الفنانين إلى شرائح - بمعنى أن هذا الفنان تكلفة مسلسله يمكن أن تصل إلى 100 مليون جنيه وذاك الفنان 75 مليونا، وهذا لا تتجاوز تكلفته 50 مليونا، إضافة إلى الرقابة بأشكالها المتعددة - والتى تشعبت حتى أصبح هناك 3 جهات تراقب الأعمال الفنية، وهى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، واللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للإعلام برئاسة المخرج محمد فاضل، ورقابة الفضائيات نفسها، حيث أصبح هناك رقيب من داخل كل قناة يقوم بمراجعة الأعمال التى ستعرض على قناته، تجنبًا للوقوع تحت طائلة الغرامة التى حددها المجلس الأعلى للإعلام - ترزح الدراما وتعانى تحت وطأة كل هذه الظروف مجتمعة.. فى ظل غياب تام للنقابات الفنية المفترض أنها المسئولة عن تنظيم الصناعة، وحماية العاملين بها، فالمسلسل الواحد ليس النجم بمفرده.

وبعيدًا عن كل تلك العوامل «الخارجية» التى تهدد صناعة الدراما فى مصر، فإنه هناك عوامل داخلية، تحمل بذور انهيار الصناعة أيضًا، ومنها أن منتجى الدراما فى مصر، ليس لديهم الوعى الكافى، التى تمكنهم من النظر إلى تلك الصناعة بنظرة مستقبلية تختلف عن طريقة إدارتهم للمنظومة الحالية، فالبعض يعتقد أن احتكار الإنتاج الفنى، والاستفراد بالساحة هو أمر من شأنه أن يجعله مسيطرًا على سوق الدراما وهو أمر خاطئ بالضرورة، حيث إن المجال الفنى بالذات يحيى وينتعش بالتنوع والمنافسة الفنية التكاملية، كما أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال السيطرة على ذائقة المشاهد، وجعله يستقبل موضوعات بعينها، وخصوصًا فى ظل التطور الرهيب التى تشهده صناعة الدراما فى العالم والتى تؤكد أن العالم فى اتجاه بينما نحن فى دائرة مغلقة لا نستطيع الخروج منها. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك جيلا كاملا من الشباب (يمثل أكثر من 23 فى المئة) لا يعلم شيئًا عن الدراما المصرية بينما يغرق يوميًا فى مشاهدة الأعمال الأجنبية التى توفرها «نتفليكس» وغيرها على شبكة الإنترنت، إذا لم ينتبه الجميع والقائمون على الصناعة أو حتى من يحاولون فرض سطوتهم لتلك المشكلات فى الموسم الأهم للمنافسة، فلا يحق لنا أن نتساءل عن مستقبل تلك الصناعة بعد ذلك.

الإرهاب حاضر بقوة.. وليالى أوجينى حالة خاصة

ويبدو أن حالة الارتباك والضبابية فى سوق الدراما بدت واضحة وبقوة على شكل المنافسة ورغم مرور الأسبوع الأول من شهر رمضان إلا أننا لا نستطيع أن نقول إن هناك عملا فرض نفسه بقوة أو ما نطلق عليه الحصان الأسود حتى الآن، إضافة إلى تراجع المستوى الفنى الواضح فى الأعمال، والضعف النصوص المكتوبة إلا أن هناك بعض الأعمال التى علينا التوقف عنها، خصوصا أنها تركت ردود فعل عند الجمهور.

هناك ما يقرب من ستة أعمال معروضة تناقش ظاهرة الإرهاب، وتأثيرها على المجتمع، أو قضايا ذات علاقة بها مثل تجارة السلاح، وكيف يتم إمداد الجماعات المتطرفة بالسلاح، وبشكل عابر يبدو أن أغلب مخرجى هذه الأعمال كانوا مشغولين أكثر بتنفيذ مشاهد الأكشن والمطاردات والتفجيرات وكأنهم فى مباراة فى هذه المنطقة تحديدا مع أن أكثر القضايا خطورة من الممكن مناقشتها من خلال زاويا إنسانية.

ويأتى على رأس هذه الأعمال «أبو عمرالمصرى» للنجم أحمد عز والمأخوذ عن روايتين للكاتب عز الدين فشير وهما «مقتل فخر الدين وأبو عمرالمصرى» والسيناريو والحوار لمريم ناعوم.

والإخراج لأحمد خالد موسى ويجسد أحمد عز فى المسلسل دور محام مصرى يدعى فخر الدين، يعتبر نفسه محامى البسطاء، ويتولى قضايا الناس الغلابة، ولكنه تحت إصرار حبيبته تجسدها أروى جودة، يضطر لقبول العمل فى مكتب أحد المحامين الكبار، والمهمومين بجمع المال على حساب أى شىء، وبعد عدة أحداث وتحولات درامية يتحول إلى كادر مهم من كوادر إحدى الجماعات الإسلامية المسلحة، وعينه على العودة والثأر من قاتل ابن خالته، المسلسل رغم الأزمة التى واجهها بعد احتجاج السودان الرسمى، وعدم كتابة اسم الروائى عز الدين فشير على التيترات حتى الآن يسير بإيقاع منضبط، خصوصا فيما يتعلق بالنقلات التاريخية ما بين الحاضر والماضى وتوظيف الفلاش باك، لكشف المزيد عن طبيعة علاقات الشخصيات ببعضها، لكنه لا يخلو من بعض «الكليشهات» المتعلقة بالجماعات المتطرفة، وحتى شكل الشخصيات الظاهرى، فى ظل ما أصبحنا نسمعه ونراه من انضمام جنسيات مختلفة للدواعش، وأحمد عز حتى الآن يؤدى الشخصية بشكل منضبط إلا فى بعض اللفتات القليلة والتى يصر فيها على أن يكون أحمد عز الفتى الوسيم.

لا يستطيع أحد أن ينكر الشعبية الطاغية للنجم محمد رمضان، والذى يقدم من خلال مسلسله «نسر الصعيد» شخصية ضابط شرطة صعيدى يواجه الإرهاب فى سيناء من خلال شخصية «زين» فى مسلسل «نسر الصعيد»، وتدور الأحداث حول ضابط الشرطة زين الذى يدخل فى مواجهة شرسة مع هتلر أحد كبار التجار فى الصعيد والذى يتاجر فى كل الممنوعات ودائما ما كان يكره والد زين صالح القناوى المسلسل الذى كتبه محمد عبد المعطى، ويخرجه ياسر سامى، ويشارك فى بطولته وفاء عامر ودرة، وسيد رجب، والراقصة دينا، وعائشة بن أحمد، وعايدة رياض، وآخرون، حتى الآن لم يدخل فى صلب قضية الإرهاب وكيف سيتصدى زين للعديد من العمليات والتى تقع فى سيناء ويكون هتلر طرفا فيها، ولكن شعبية رمضان جعلت المسلسل متصدرا فى نسب المشاهدة، خصوصا أن رمضان يجسد دور الابن والأب، وما يؤخذ على العمل حتى الآن المبالغات فى بعض المشاهد وتنفيذها، وان عددا كبيرا من الخيوط الدرامية متوقعة.

وبعيدا عن الإرهاب وقضايا المواجهة يأتى مسلسل «ليالى أوجينى» للمخرج هانى خليفة والمأخوذ عن فورمات اسبانى وكتب له السيناريو والحوار إنجى القاسم، وسما عبد الخالق كمعزوفة خاصة بعيدا عن أجواء المعارك آو الإثارة والتشويق دراما تعتمد على المشاعر الإنسانية، وصراعات نفسية مكتومة لا يبوح بها الأبطال من خلال أجواء ساحرة تدور فى الأربعينيات وكل ما تحمله هذه السنوات من حنين وأناقة وشياكة، هانى خليفة قد يكوم مخرجا مكلفا بالنسبة لعدد من المنتجين أو مخرج صعب فى طلباته، واحتياجه لوقتا طويلا فى تنفيذ المشاهد إلا أنه والحق يقال استطاع أن يصنع عملا مختلفا فى وقت قياسى فلا ننسى أن ذلك المسلسل المرتبط بفترة زمنية محددة، يتطلب التركيز فى الكثير من التفاصيل الخاصة على مستوى الملابس والديكور، والإكسسوار الأغانى، وتصميم الرقصات وشكل وزوايا الإضاءة، وإدارة ممثلين بحرفية عالية وكون خليفة قد سيطر على كل هذه العناصر فهذا يعنى إننا أمام مخرج متميز، كما أن نجوم العمل جميعهم يملكون أداء ساحرا ولافتا للانتباه بعيدا عن المبالغات، بدءا من أبطال العمل ظافر العابدين وأمينة خليل وأسماء أبو اليزيد وكارمن بصيص إلا أن خالد كمال يستحق أن نطلق عليه لقب «المعلم».

أيوب ينقذ مصطفى شعبان

أخيرا قدم مصطفى شعبان عملا يستحق التوقف عنده، ويستعيد من خلاله نفسه وموهبته، بعيدا عن الرجل المزواج أو صاحب العلاقات المتعددة يأتى مسلسل أيوب ليقدم لنا مصطفى واحدة من أجمل الشخصيات الرمضانية، ذلك الموظف المصرى البسيط المطحون والمربوط فى ساقية الحياة والديون حيث يقدم شعبان تلك الشخصية بأداء بسيط وسهل بعيدا عن المبالغة والافتعال من خلال سيناريو صاغه محمد سيد بشير وإخراج لأحمد صالح لا يقل سلاسة عن السيناريو والشخصيات التى تشبه معظم الغلابة فى مصر، أيوب دراما اجتماعية تخلو من الجرى والمطاردات وكاشفة للكثير من أوجاعنا، ويتميز فى أدائه حتى الآن من النجوم المشاركين محمد دياب وميرهان حسين ومحمد لطفى، وآيتن عامر التى تقدم شخصية كريهة إنسانيا.

يسرا الأكثر انضباطا وهنيدى الكوميديا كما يجب أن تكون

رغم أن المسلسلين لا يتم عرضهما على الفضائيات المصرية،إلا أنهما حققا نجاحا كبيرا:

يسرا والتى تقدم مسلسل «لدينا أقوال أخرى» مع المخرج محمد على، وتدور أحداثه من خلال دراما اجتماعية لا تخلو من الإثارة والتشويق وهو ما نجح المخرج محمد على مع مونتير العمل فى الحفاظ عليه منذ الحلقات الأولى، فأنت لا تعرف هل ما تراه البطلة والتى تعانى من تأثير ما بعد صدمة وفاة ابنها المقرب إلى قلبها هو «هلاوس وتهيؤات» أم حقائق، فهل فعلا صدمت شابا بسياراتها ونقلته لاحد المستشفيات وهل الجثة اختفت فعلا أم أن هناك مؤامرة تحاك ضد البطلة والتى كانت تعمل قاضية، لدينا أقوال أخرى من تأليف عبد الله حسن وأمين جمال ومحمد محرز ومحمود حمدان، ويشارك فى بطولته شيرين رضا، ونجلاء بدر،و أحمد حاتم، ونهى عابدين، ومحمد شاهين، وعمر زهران، ولطيفة فهمى، وإنجى أبو زيد، وعبد الرحيم حسن، ومحمود فارس، وهدى المفتى ومن إخراج محمد على.

أما النجم الكوميدى محمد هنيدى والذى يقدم مسلسله «أرض النفاق» يعطى درسا حقيقيا فى كيفية صناعة الكوميديا، قياسا للأعمال الأخرى المعروضة والتى تكشف عن الكثير من فقر الخيال والأهم الوقوع فى فخ الاستظراف.

هنيدى مع السيناريست أحمد عبد الله والمخرجين سامح عبد العزيز و ماندو العدل كانوا على قدر التحدى فى إعادة تقديم رواية أرض النفاق للكاتب يوسف السباعى و التى سبق تقديمها كفيلم سينمائى، سيناريو جيد وشخصيات مرسومة بدقة ، وانطلق هنيدى فى تقديمه شخصية مسعد سعيد أبو السعد الذى أدى أسلوبا مغايرا ومختلفا عن نجم الكوميديا الراحل فؤاد المهندس، وتميز أداء سلوى محمد على ودلال عبد العزيز وهنا شيحة..أرض النفاق أعاد هنيدى لصدارة المشهد الكوميدى.

أخيرا.. غادة عبد الرازق

يبدو أن النجمة غادة عبد الرازق أخيرا قد استعادت نفسها وعادت إلى التمثيل، من خلال تقديم شخصية درامية مليئة بالتحولات الإنسانية مع السيناريست «أيمن سلامة» وإخراج جيد لطارق رفعت والذى يقدم إيقاعا سريعا، بعيدا عن المط والتطويل فطوال الوقت هناك أحداث ومفاجآت وكسبت غادة كثيرا فى الأسبوع الأول، ويكفيها مشهد جريها فى محاولة لإنقاذ ابنتها وأيضا مشهد قيامها بتغسيل جثمانها والمسلسل يشارك فى بطولته روجينا، وفراس إبراهيم وأحمد سعيد عبد الغنى، وحنان مطاوع .

ولا يزال شهر رمضان معنا لنتوقف عند أعمال أخرى.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق