بأقل الإمكانات ودون أى اهتمام إعلامى يسير مهرجان مسرح الجنوب ــ برئاسة الناقد الفنى هيثم الهوارى بثقة وتروٍ نحو إسعاد وتثقيف أبناء محافظات الجنوب بعروض تناقش تراث وموروثات الصعيد، التى كان يصعب اقتحامها كالثأر والعار وحرمان المرأة من الميراث وما إلى ذلك من قضايا استطاع أبناء تلك المحافظات إعادة طرحها من جديد عبر الوسيط الفنى الساحر المسمى بالمسرح، بحيث صار أبناء الجنوب ينتظرون هذا الحدث بلهفة وشغف.
قوة المهرجان تأتى من انتمائه لفرق المسرح المستقل التى تعمل تحت أى ضغوط وبشكل جاد يفرزعناصر مسرحية حقيقية، بعيدا عن أى «شو إعلامي»، وهذا ما حدث بالفعل فى أسوان الساحرة التى استضافت الدورة الثالثة وفوجئ أهلها بعروض مسرحية من صنع أيديهم فى مستشفيات أبوالريش ومجدى يعقوب وأسوان العام ومركز شباب بدر ومناطق المحافظة المختلفة كالنوبة وكوم امبو، وبمشاركة عروض من المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا واسوان والوادى الجديد والفيوم والسودان أيضا.. وهو ما وصفه هيثم الهوارى رئيس المهرجان بقوله: « أهم ما يشغلنا هو إفادة شباب الجنوب بتأثير المسرح فى نفوسهم بما يجعلهم يعيدون التفكير فى موروثاتهم من منظور مختلف، لذلك فكرنا فى اقامة المهرجان المسرحى الوحيد فى الصعيد، بل وفى كسر حالة الصمت الفنى فى الشوارع بخروج العروض وتفاعلها بين الناس خارج اطار المسرح التقليدى».. وأضاف: «شهدت هذه الدورة مستحدثات استقبلها أهل الصعيد بكل ترحاب منها تقديم ورش مسرحية لم يعرفها الجنوبيون من قبل مثل ورشة تصنيع العرائس للفنان عمرو حمزة وتم تقديم نتاجه فى عرض مسرحى خلال حفل الختام.. أيضا مشاركة السودان جاءت ضمن التفكير فى استدعاء مسارح افريقية ليست معروفة للكثيرين فقدمت فرقة السودان المستقلة عرضا تراثيا لأبناء قبائل النيل الأزرق، وهو ما أسعد الكثيرين لنشر حالة من الحميمية والتواصل، بحيث أصبحنا أكثر ميلا لجعله مهرجانا أفريقيا يهتم بعروض تراث الجنوب فى دول افريقيا بدلا من كونه مهرجانا دوليا.»
ولأن الجوائز المالية لا تأتى دائما فى المقام الأول فإن المهرجان كان حريصا على توجيه الجوائز توجيها مختلفا، والدليل هو مشاركة ثلاثة عروض هذا العام فى المسابقة الرسمية كانت جائزتها الدورة الماضية هى دعم انتاج عرض مسرحي، فشاهدنا عرض عقول لفرقة من قنا أبطالها من ذوى الاحتياجات الخاصة، وآخر لفرقة من سوهاج وثالث لفرقة من الوادى الجديد، وهذا ما يضمن أكبر قدر من الاستفادة لأبناء الجنوب، بالإضافة إلى قرار د. حسن عطية رئيس المهرجان القومى للمسرح إلى استضافة الخمسة الفائزين بالجوائز فى ورش دورة المهرجان القومى المقام فى القاهرة يوليو القادم.
المهرجان الذى يسعى للتنقل بين المحافظات كل عام بدأ دورته الأولى فى الأقصر والثانية فى أسوان، والثالثة أيضا بدلا من قنا لخضوع قصر ثقافة قنا للصيانة، وصعوبة الحصول على دعم لوجستى هناك، وهى أزمة تقف عائقا أمام أى مهرجان مستقل ويواجهها المهرجان بتحدٍ كبير بحسب رئيس المهرجان الذى قال: رغم أننا المهرجان الوحيد الذى لا يحصل على دعم كبير من وزارة الثقافة إلا أننا نعمل تحت أى ظروف ونطلب فقط من الوزارة الاطلاع على نتائج المهرجان الموثقة بالصوت والصورة لتقييم نتائجه على ارض الواقع ورصد الدعم المناسب خاصة أننا نتجه من العام الماضى إلى المسرح الإفريقى وهى منطقة مهمة تفيد فى ترسيخ العلاقات المصرية مع اشقائنا عبر الفنون.
رابط دائم: