رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

السكة الحديد بين العشوائية والقانون

جميل أن تعلن ادارة السكة الحديد أنها باتت على أعتاب عهد جديد تودع فيه العشوائية والفوضي، بعد موافقة مجلس النواب على تعديلات القانون رقم 277 لسنة 1959 والخاص بنظام السفر بالسكة الحديد، والتى ضمت 40 تعديلا كلها تصب فى صالح ضبط العمل والعلاقة مابين الركاب والجهاز، وشهدت التعديلات تغليظا للعقوبات فيما يخص مخالفة القانون وتعريض النفس للأذي، وتلاحظ أن كل المواد الاربعين شهدت عقوبات مابين الحبس والغرامة المالية الكبيرة، مثلا ركوب القطار أو النزول منه من غير الجانب والابواب المختصة يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لاتزيد على خمسة الاف جنيه او إحداها ومنها عقوبة دخول العربات او النزول منها بعد تحرك القطار وتنص على الحبس مدة لاتزيد على سنة وغرامة لاتتجاوز عشرين الف جنيه او احداهما والأهم فى التعديلات ما تعرض للتسول ومزاولة البيع فى القطارات وهى الظاهرة التى حولت القطارات الى عشوائية.

واذا كانت التعديلات مطلوبة من أجل فرض القانون على الجميع واعادة السفر بالقطار الى الصورة الجميلة التى كان عليها فى بداية عصره باعتبارها واحدة من أفضل وسائل السفر للعائلات، وفى ظل ارتفاع أسعار الطائرات باتت المنقذ خصوصا لأبناء مصر من قاطنى الصعيد، ورغم محاولات الهيئة الجادة لتطوير قطاراتها والنهوض بالوسيلة المثلى للسفر من حيث الامان والراحة والاستمتاع بالطريق، مثلما كنا ونحن صغار نتشاجر من أجل أن نجلس بجوار النافذة لنشاهد البلاد التى يمر عليها القطار والزروع التى تحولت الآن الى بيوت أسمنتية ملاصقة لقضبان القطار، ودخول قطارات سميت «فى آى بى» مزودة بالانترنت، الا أن السلوكيات لم تتغير، ما يفرض سؤالا مهما الآن، وماذا بعد اقرار التعديلات؟ هل سيكون تنفيذها على الجميع؟ وهل هى تعديلات قابلة للتنفيذ فعلا أم انها ستنضم الى سابقاتها من القوانين التى صدرت وظننا انها ستنهى حالة العشوائية من حياتنا مثل قوانين ضبط السيرعلى الطرقات السريعة بالنسبة لسيارات النقل، ليكون مصيرها على أرفف المكاتب، فهل وضع المسئولون فى حساباتهم ان التعديلات تحتاج الى الحسم فى التنفيذ، بعيدا عن غض الطرف لهذا او ذاك، والا ستكون الطامة الكبرى لتكرار صدور قوانين لاتنفذ، غير أن العشوائية فى حياتنا تمتد الى الافراد وهم جلوس على مقاعدهم داخل عربات القطار، فلا أحد يراعى أنه فى مكان عام وأن من حوله من حقهم الاستمتاع بالرحلة فى هدوء ومن حقهم أن يمارسوا طقوسهم الخاصة من قراءة جريدة أو كتاب أو استذكار دروس اذا كان المسافر طالبا ، او استخدام أجهزة الهاتف والكمبيوترللاستمتاع بسماع موسيقى أو مشاهدة فيلم وخلافه، لكن ان تتحول العربة الى سوق عكاظ يعج بكل الوان الازعاج من رنات الهواتف التى لاتتوقف وصولا الى الكلام الذى يقتحم آذان كل الجالسين، ومن عجب أن المتحدثين باختلاف أعمارهم أوثقافاتهم لايراعون ان ما يتحدثون فيه بأصوات مرتفعة يكشف أسرارا تخص اسرهم وعائلاتهم واعمالهم، وبعضها يزيد فى التفاهة والاستظراف مالايمكن احتماله وكم من مشكلات نشبت بين مسافرين بسبب هذه الضوضاء, فضلا عن مرور الباعة الجائلين الذين لاتعرف من أين أتوا ولماذا يسمح لهم بالتحرك وسط الركاب دون رادع أو رقيب، ولماذا لاتكون التعليمات واضحة بشأن استخدام الهواتف والكمبيوتر من خلال السماعات ليكون الاستماع مقصورا على صاحب الجهاز وحده. إن القطار واجهة المجتمع ويستقله سياح عرب واجانب وتكشف ملامح وجوههم علامات الاستياء مما يرونه، لذا على من توكل اليه مهمة تطبيق القانون ان يكون عند حسن الظن ويفرض هيبته على الجميع، ليعود القطار وسيلة آمنة ومريحة وممتعة للسفر بين ربوع الوطن، والشاهد أن السلوكيات العشوائية لاتقتصر على ركاب القطارات وإنما تحولت الى سلوك عام فى الشارع، وشاءت الاقدار أن تسقط الامطار التى هطلت على القاهرة ختام الاسبوع الماضى شجرة التوت التى توارى السلوكيات السيئة، فتجد الشوارع وقد تحولت الى بحيرات راكدة وبينما السيارات تمر خلف بعضها بهدوء تجد أحدهم ويتساوى هنا راكب السيارة الفارهة او النقل يقتحم الطريق بسرعة تصيب السيارات الاخرى بالأذي، ويكمل مساره دون وخزة من ضمير أو ذوق، وهناك ايضا من يسير فى نهر الشارع ويترك الرصيف المخصص له او المنطقة المخصصة لعبوره ليتحرك وسط السيارات ببطء شديد، والمعلوم ان قانون المرور لم يطبق بعد كما ينبغي، ليفرض الانضباط على المارة والسيارات، أن أمر العشوائية رغم سوئه وتشعبه، يبقى فى الامكان محاربته، اذا تمسكنا بتطبيق القوانين التى نصدرها.


لمزيد من مقالات أشرف محمود

رابط دائم: