رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كيف تستعيد الدولة الشباب؟!

الحديث عن القوة الضاربة للشباب، يأخذ أشكالا متعددة، منها الساخط على أفعالهم وتصرفاتهم، باعتبارهم جيلا طائشا، توافرت لهم إمكانات لم تتوافر لأجيال سابقة، لعبت فيها التكولوجيا الحديثة دورا بارزا، ورغم ذلك نراهم منشغلين بأمور، يقدرها بعضنا بأنها لا ترقى لمستوى الأحداث المهمة التى تدور حولنا وبيننا. ومنها المتعاطف، وهذا الشكل يرى الشباب لا حول لهم ولاقوة، فهم أبناء حياة لاتهدأ ولاتتوقف، التسارع سمتها الأساسية، واللهث وراء التقدم والتمايز عنوانها، وفى ظروف اقتصادية صعبة، وامكانات تعليمية عادية، لا تمكنهم من التفوق مقارنة بذويهم فى دول قريبة، أضف إلى ذلك سوقا غير مرحبة بخريجى الجامعات، الذين ظلوا يحلمون بدخولها، أملا فى الوصول لمكانة اجتماعية لائقة تتيح لهم الحصول على فرصة عمل جيدة، وما يستتبعها من تكوين أسرة تتهيأ لها الظروف المناسبة للمعيشة المحترمة. وهو ما يواجهونه بصعوبات بالغة!

قد يكون ما أُثيرحول عزوف السواد الأعظم منهم عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية مؤشراً لقياس عدم انشغالهم بالحياة السياسية، رغم مؤتمرات كثيرة تم عقدها برعاية كاملة للرئيس عبدالفتاح السيسى للشباب، ليؤكد لهم حرص الدولة على الاستماع لهم وتقديم كل سبل الرعاية لتحقيق ما يصبو إليه الشباب. ولكن ماذا فعلت الأجهزة المعنية لصياغة آمال وطموحات الشباب؟

بداية تسعى الدولة بخطط طموحة لتعديل منظمومة التعليم بشكل جذري، بما يواكب العصر الحديث من جهة، ومن أخرى ربط المدخلات التعليمية بسوق العمل، حتى يتأتى الاستفادة القصوى من الشباب، الطامح فى الحصول على مستوى تعليمى متميز.

ولكن تلك الخطط لن تأتى بنتائجها قبل عدة سنوات، فهل ننتظر مرورها حتى نستفيد من تحققها؟ أم لابد من وجود خطط مرحلية معينة تستوعب هذه الطاقات الكبيرة للشباب، وتبحث كيفية تعظيم الناتج من استيعابهم وتشغيلهم فى مشروعات عملاقة، توفر لهم الحماية الاجتماعية، كما تزيد الناتج القومى فى آن واحد.

قد يقول أحدنا، إن هناك جهات عديدة تقدم مشروعات للشباب، منها البنوك التى تقدم لهم برامج تساعدهم على استكمال تعليمهم وما شابه، أما فيما يتعلق بوجود قروض لمشروعات، فالأمر يختلف، فحينما يتقدم أحد الشباب للبنك حاملا فكره الذى لا يملك غيره، سيواجه بكم من الإجراءات البيروقراطية العقيمة المعجِّزة، حتى يستطيع الحصول على مبتغاه، وإن نجح وحصل عليه، سيجد نفسه مطوقاً بسوار من الفولاذ وضعه البنك حول رقبته، لن يستطيع الفكاك منه إلا بسداد قرضه، ولو تعثر لظرف طارئ، قد يكون مصيره السجن، بما يعنى عمله تحت ظروف نفسية قهرية محبطة. وحينما يرد العاملون فى البنوك، بأن تلك الاجراءات القاسية يحكمها لوائح لحماية أموال المودعين، أطرح سؤالى التالي، كم عدد الشباب المستفيد من مبلغ المائتى مليار جنيه للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وما هى تلك المشروعات التى تمت حتى الآن؟ وأين الدور الاجتماعى للبنوك؟! لماذا لا تُعمل دورها لخدمة البيئة المحيطة، كمل تُعمل دورها فى تعظيم الناتج من تشغيل ما لديها من أموال؟ فى البنوك، يوجد مخصص للديون المعدومة، أى غير متوقع الحصول عليها، كما يوجد مخصص للديون المشكوك فى تحصيلها. ولكن للأسف لا يوجد مخصص لدعم الشباب! ووصول حجم المبالغ المودعة تقريبا لـ 3.3 ألف مليار جنيه، لا سيما بعد رفع سعر الفائدة لـ 20% على الايداع، مؤشر جيد لثقة الناس فى البنوك، التى توسعت بالتبعية فى اللهث خلفهم وملاحقتهم دون كلل لتقديم كروت الائتمان التى تتجاوز فائدتها الـ 26% سنويا، لتحقق ربحا صافيا بقيمة 6%، ولايعنيها كيفية السداد، فهناك مخصصات أشرنا إليها مسبقاً.

إذا أرادت الدولة استيعاب الشباب والاستفادة من طاقاتهم، فعليها توجيه البنوك لعمل آلية ما، من خلالها، يتم استصلاح الأراضى الصحراوية، التى تتميز مساحة كبيرة منها بوجود آبار جوفية وفيرة المياه، وهى الشرط الأهم للزراعة.

تلك الآلية تعمل على محورين: الأول، الاستعانة بخبرائنا فى الزراعة، لتهيئة الظهير الصحراوى للإنتاج، على أن يكون تقسيم الظهير لمدن زراعية وصناعية، تحتوى على جميع الخدمات، من مسكن ومدرسة وجامعة، ومشفي، ناد رياضي.. إلخ.

المحور الثاني، تمكين الشباب من زراعة عدد من الأفدنة وليكن خمسة، سواء بحق الانتفاع مدة لا تقل عن 25 عاما، أو التمليك. على أن تعمل تلك الآلية على تسويق المنتجات الزراعية، سواء بالداخل أو بالتصدير للخارج، وهناك نماذج رائعة تقوم بالتصدير للسوق الأوروبية بأسعار ممتازة. هنا، نضرب عدة عصافير بحجر واحد، أولها، من خلال التوسع فى المشروع سيتمكن آلاف من الشباب من تحقيق طموحاتهم فى وجود فرصة عمل، ومسكن جيد فى بيئة رائعة، وثانيها، إيجاد مئات الآلاف من فرص العمل غير المباشرة فى الاستصلاح والبناء، وثالثها، تخفيف الضغط على القاهرة والمحافظات الكبيرة، من خلال التجهيزلأماكن جديدة يراعى فيها التخطيط الجيد للمساحات الزراعية والصناعية، والسكنية.وآخرها، زيادة الانتاج الزراعى بما يقلل الفجوة بين المعروض و المطلوب، أضف إلى ذلك توفير العملات الأجنبية من خلال زيادة صادراتنا الزراعية.

إذا أردنا تميزاً، فعلينا التفكير خارج الصندوق، وإذا أردنا تحقيق نجاح، فعلينا بذل جهد بقدر يواكبه، وإذا أردنا احتواء الشباب، فعلينا إيجاد الحافز لجذبهم داخل منظومة، يستفيدون منها، وأيضاً يفيدون بلدهم.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: