رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى رثاء العراب

وداعًا أيها الغريب .. كانت إقامتك قصيرة .. لكنها كانت رائعة .. عسى أن تجد جنتك التى فتشت عنها كثيرًا.. وداعًا أيها الغريب .. كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل .. قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس..لحنًا سمعناه لثوان من الدغل .. ثم هززنا رؤوسنا وقلنا إننا توهمناه .. وداعًا أيها الغريب لكن كل شيء ينتهى

لكم آلمنا فراقك يا رجل!.. كم أوجعنا الخبر كسكين بارد انغرس فى قلب القلب!.. أى وداع يليق بك يا سيد الضحكة الباكية العبقرى.. والقلم الاستثنائى رفيع الأدب.. والموهبة الشاسعة رحابة الفضاء.. والثقافة القادمة مما وراء الطبيعة؟ أى شعور بالفقد خلفته وراءك يا أحمد خالد توفيق.. ورحلت؟

بغيابك فقط أدركنا كم كنت دوما فى الأرجاء.. صاحبا فى السفر.. ساخرا من كل مخيف.. كشافا على كل غامض.. ضحاكا فى وجه كل مرعب.. عابرا للتاريخ والجغرافيا.. محطما لقيود الزمان والمكان.. كنت فسحتنا من الحرية.. لم يأتنا أحد بمثل ما أتيت به يا دكتور من ومضات الخيال الساحرة.. ورعشة الخوف الباردة.. ورجفة القلب الصادقة.. وضحكة العين الدامعة.

كان العراب يكتب لنا من قلبه ولحمه ودمه.. استنزفه صدق العطاء حتى أفنى جسده.. كان الطبيب البشرى القدير يداوينا بما يكتب.. ويشفينا بما يروى.. ولكم طهر من أرواح بآلام روحه وجزيل صادق عطائه.. فيض من الموهبة مع ثقافة موسوعية لطبيب خبير.. مزيج نادر استعاد لنا ألق الطبيب النفسى الدكتور يوسف إدريس.. بقالب من الأدب شديد الخصوصية.. ولكم مضى على درب أحمد خالد توفيق الملايين من الكتاب دون أن يشعروا.. كان عرابنا وأنيسنا وكاتبنا المفضل ورفيقنا الأكثر إخلاصا.. وإنه من الأمر الأليم أن ينضب ذلك المعين الغزير.. فجأة.

أن تكتب عبر 55 عاما أكثر من 300عمل قصصى وروائى وعشرات المقالات فى شتى مجالات الحياة وصنوف الفن والأدب.. أن تكون رائد ودليل كتاب رواية الرعب المصرية المسلسلة وسيد عرشها متفردا دون منافس.. أن يتسع قلمك لآلاف المعانى والأفكار والقيم.. أن تلمس الملايين وكأنك تخاطب كل واحد منهم بروحه.. أن تكون علامة الجودة ومضرب المثل ونموذج الصنعة وفريد الحبكة وجميل العبارة وقريب المبنى والمعنى.. أن تكون أحمد خالد توفيق.

اليوم فقط.. رحل الدكتور رفعت إسماعيل.. كان الدكتور أحمد خالد توفيق هو ذاته الدكتور رفعت إسماعيل، وقد كتب نهايته بيده قبل أن يلحق به إلى الفضاء السرمدى.. كان هو منذ أول ما كتب ذلك العجوز المثقل بالمعرفة.. الساعى وراء المستحيل.. المتألم بحلم اليوتوبيا.. المضروب بعشق الحرية.. الساخر من كل شىء.. والساخر من نفسه قبل أى شىء.. غادرنا من أخرجنا من ممر الفئران.. وانطفأت الزهرة الزرقاء للأبد.

صاحبنا رواياتك فلم يدم لنا مثلها صاحب.. شربنا من عذب كتابتك فأزهرنا إبداعا.. لم يحدِّث أرواحنا مثلك إلا قليلون.. نثرت بذور أفكارك فأينعنا فكرا وحرية.. قاسية صدمتنا بفقدانك إلى حين اللقاء.. وداعا أحمد خالد توفيق.


لمزيد من مقالات أحــمد هــوارى

رابط دائم: