حتى كتابة هذه السطور لا يوجد سبب مؤكد ومعروف للإصابة بالتوحد أو «الذاتوية»، لذلك يعانى آباء الأطفال «التوحديين»من قلة المعلومات حول الاضطراب وعدم وضوح الرؤية أو ثباتها بين مختص وآخر فيما يتعلق بالتشخيص، ويعانون أيضا من الاستغلال والنصب من قبل بعض الأفراد أو المراكز أو المؤسسات أو الجمعيات الأهلية التى تعمل تحت مسمى علاج وتأهيل أطفال التوحد، ومن هنا يقدم الدكتور عبد الحليم محمد - معالج سلوكى واستشارى نفسى – بمناسبة التوعية بشهر التوحد «أبريل»، بعض النصائح التى تساعد الأسر على السير فى الطريق الصحيح لتدريب وتعليم أطفالهم.
فى البداية يقول: المعرفة نصف العلاج وهى البداية الصحيحة لحل أى مشكلة، فإذا أراد أي أب أو أي أم أن يطور قدرات طفله ويحسن حالته ويحد من التأثير السلبي لأعراض التوحد لدى طفله وأن يوفر الكثير من الجهد والوقت والمال والضغط العصبي فعليه القراءة والبحث حول كل ما يتعلق بهذا الاضطراب، حتى يستطيع أن يعرف أين يقف ومن أين يبدأ وكيف يسير في رحلته التي قد تطول؟
ويضيف: على كل الآباء أن يعلموا أن كل ما يقال أو يسطر فى المقالات والكتب عن أسباب الإصابة بالتوحد ما هى إلا أسباب محتملة مازالت فى طور البحث والدراسة، ولذلك يجب أن يتفاءل آباء الأطفال التوحديين دائماً لأنه من الجائز أن يتم اكتشاف الأسباب أو السبب الرئيسى فى أى لحظة ربما تكون اليوم أو غداً أو العام المقبل، ومن ثم إيجاد العلاج أو الدواء الشافى من هذا الاضطراب بمجرد تناوله لأيام أو شهور قليلة.
العلامات المبكرة للتوحد
ويكمل المعالج السلوكى والاستشارى النفسى: العلامات التى تشير إلى إمكان وجود التوحد تشمل التطور غير الطبيعى للطفل مثل عدم وجود رغبة لدى الرضيع فى شهوره الأولى فى أن يحمله أحد، أو إحساسك عند حمله بإنك تحمل قطعة لحم لا روح فيها، وعدم وجود الابتسام لدى الطفل للأم والأب أو لغيرهما، وعدم وجود إيماءات أو أصوات مناغاة فى السنة الأولى، أوانتهائها دون أى محاولة من الطفل للكلام أو استخدام إيماءات وإشارات باليد كالتلويح باليد وداعا (باي باي) أو الإشارة بإصبع السبابة إلى الشىء الذي يريده، ووصول الطفل لنهاية السنة الثانية دون نطق أى كلمة أو وجود كلمات مفردة لدى الطفل ولكنها لا تستخدم في موضعها الصحيح.
ويضيف: بعد الاكتشاف المبكر للاضطراب ينبغي أن يحدث التدخل مباشرة، وكلما بدأ التدخل فى وقت مُبكر كانت فرص نجاحه أفضل، وقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن التدخل المبكر مُفيد ومُثمر في تحسين الانتباه وتنمية مهارات التواصل وكذلك مهارات الحياة اليومية والمهارات الاجتماعية.
وهم العلاج الدوائى
ويتابع الدكتور عبدالحليم حديثه: قد يترك بعض الآباء الأساليب التعليمية والسلوكية أثناء رحلتهم في علاج طفلهم التوحدى ويلهثون خلف العلاج الدوائى أو ما يطلق عليه العلاجات البديلة مثل العلاج بالحمية الغذائية أو بالأكسجين أو التكامل السمعى، وهذه العلاجات لم يثبت جدواها ومازالت فى طور التجارب وبعض الدراسات أشارت إلى أن العلاج بالأكسجين واتباع الحمية الغذائية أو العلاج عن طريق جلسات التكامل السمعي لا يفيد كثيراً مقارنة بما ينفقه الآباء من أموال نظيرها، أما الأساليب السلوكية والتعليمية التربوية المعتمدة على برامج تعديل السلوك ونظريات التعلم فهى ما أثبتت الدراسات والواقع العملى جدواها.
دور الوالدين
ويوضح: أشارت الدراسات والأبحاث إلى أن الأطفال التوحديين الذين تلقى آباؤهم تدريبات متعددة واستطاعوا العمل معهم كانوا أكثر تقدماً من الأطفال الذين لم يتلق آباؤهم تدريبات أو لم يقوموا بالعمل معهم.
ويتابع أنه على الآباء ألا يخجلوا مما يفعله طفلهم وما يسببه لهم من إحراج وتوتر أثناء تعاملاته مع الآخرين أو حتى مع أفراد الأسرة أنفسهم أمام الناس، سواء في البيت أو خارجه، فقد يكتفي بعض الآباء بإلحاق طفلهم في أحد المراكز التي تقدم خدماتها للأطفال «التوحديين» وقد يقومون بالعمل معه فى البيت ولكنهم رغم ذلك يبقون الطفل داخل المنزل ويعزلونه ويعزلون أنفسهم عن الناس بصفة عامة وعن أقاربهم بصفة خاصة، وهذا الأمر خاطئ تماماً وفى غاية الخطورة على مستقبل طفلهم لأن الاعتياد على المواقف العامة والتجمعات والتعامل مع الناس عامل رئيسى فى العلاج.
المقارنات الظالمة
ويكمل الدكتور عبدالحليم: من المعروف في علم النفس أن مقارنة الطفل بغيره – بصفة عامة- ربما تسبب له آثارا نفسية سلبية، ولكن في حالة أسرة الطفل، التوحدى ربما تتسبب المقارنة فى آثار سلبية على نفسية الآباء أنفسهم وليس الأطفال لأن كل طفل توحدى يعتبر بصمة مختلفة عن غيره وله قدرات مختلفة عن غيره كما أن أعراض التوحد نفسها تختلف في شدتها من طفل لآخر.
رابط دائم: