رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الدور الوطنى للدبلوماسية المصرية

احتفلت وزارة الخارجية المصرية الشهر الماضى بذكرى مرور ستة وتسعين عاما على انشائها فى 15 مارس 1922، وذلك إثر إعلان استقلال مصر فى 28 فبراير 1922 بصدور تصريح بريطانيا الذى ألغت بمقتضاه حمايتها على مصر واعترفت بها كدولة مستقلة ذات سيادة . وأقرت بريطانيا فى هذا التصريح بحرية مصر فى إعادة إنشاء وزارة الخارجية تمهيدا لتبادلها التمثيل الدبلوماسى والقنصلى مع الدول الأخري.

وكانت الوزارة قد ألغيت بإعلان الحماية البريطانية على مصر فى ديسمبر 1914. وما أن صدر تصريح فبراير حتى أعيدت وزارة الخارجية فعلا فى الحكومة التى تم تشكيلها برئاسة عبد الخالق ثروت فى مارس 1922 وتولى فيها منصب أول وزير للخارجية رئيس الوزراء نفسه .

وقد آمنت من واقع تجربتى فى الممارسة الدبلوماسية بشتى أنواعها ، مصرية كانت أم عربية ، ثنائية أم متعددة الاطراف ، بأن الدبلوماسية المصرية من أكثر الدبلوماسيات قدرة ونشاطا وإنجازا ، ولعل ذلك راجع الى أنها تمثل مدرسة عريقة لها اصولها ومفاهيمها وعرفها وتقاليدها ، وتخرج فيها ابناء أكفاء مدربون ومتخصصون فى شتى المجالات وفى عصرنا هذا يشهد التاريخ بأن الدبلوماسية المصرية قد سبقت فى نشأتها أغلب دبلوماسيات دول العالم الثالث ، وأنه كان لها دائما دور رائد ومؤثر فى أنشطة المنظمات الدولية والتجمعات الإقليمية ، فكانت مصر من أولى دول العالم الثالث المنضمة الى عصبة الأمم، كما شاركت فى انشاء الأمم المتحدة ووضع ميثاقها ، وكانت عضوا مؤسسا بارزا فى جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية ومجموعة عدم الانحياز . وكان طبيعيا فى ضوء ما بلغته دبلوماسيتنا من مكانه دولية مرموقة ان يستعين بها كثير من الدول الناشئة للمساعدة فى إيجاد هياكلها الدبلوماسية وتدريب كوادرها بل لتمثيلها والتحدث باسمها فى المراحل الاولى لاستقلالها . وهذا ما فعلته الكويت وقطر وعمان على سبيل المثال. وإن النظرة التاريخية للقضايا والمواقف الوطنية تؤكد لنا ان الدبلوماسية المصرية

قد تأصلت ونمت وتطورت من خلال تجارب مصر العديدة وكفاحها الطويل المتصل من أجل قضايا الاستقلال والتحرير والتنمية. فيذكر التاريخ ما قامت به دبلوماسية الجيل السابق فى سبيل تحقيق استقلال مصر وإنهاء الاحتلال البريطانى وتصفية الامتيازات الاجنبية والدفاع عن وحدة وادى النيل، وما قامت به دبلوماسية جيلنا من أجل تحرير سيناء من الغزو الاسرائيلى ونصرة القضية الفلسطينية واستعادة طابا ودعم التنمية الاقتصادية الداخلية ... وكلها إنجازات وطنية يفخر بها كل مصرى . وقد ارتكزت الدبلوماسية المصرية على مر السنين فى تناولها لتلك القضايا الوطنية والاقليمية على عدة ثوابت لعل اهمها إعلاء المصلحة الوطنية أولا، والتعامل مع جميع الدول استنادا الى المصالح المشتركة والاحترام المتبادل ، والالتزام بمبادئ القانون الدولى وأحكامه الاساسية ، وتحقيق العدالة فى العلاقات الدولية ، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية ، وادانة استخدام القوة ، ونزع السلاح النووى ، وصيانة الأمن القومى المصرى والعربى، والمحافظة على وحدة الدول العربية وسلامتها الإقليمية وعدم التدخل فى شئونها الداخلية . وتواجه الدبلوماسية المصرية فى المرحلة الراهنة تحديات كبرى من بينها تصحيح صورة مصر فى الخارج والتصدى للحملات المغرضة إزاءها، وتوضيح معالم التطور الديمقراطى الداخلى وجهود الإصلاح الاقتصادى ، والسعى لجذب الاستثمار وتنشيط السياحة ، ورعاية المصريين فى الخارج ، ولاشك ان القضية الفلسطينية لاتزال تحتل مكان الصدارة ضمن اهتمامات الدبلوماسية المصرية وأولوياتها . فقد سبق ان ساندتها مصر سياسيا على الصعيد الدولى وفى المحافل الدولية ، وقانونيا أمام محكمة العدل الدولية إبان قضية الجدار العازل ، وماديا بدعم بناء الكيان الفلسطينى ومؤسسات الدولة الفلسطينية، هذا فضلا عن جهودها الراهنة لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية ، والحفاظ على عروبة القدس كما، تجلى ذلك فى معركة الامم المتحدة الاخيرة حيث حققت مصر مع اشقائها العرب انتصارا ساحقا .

وهناك معركة أخرى تخوضها حاليا مصر داخليا وخارجيا حيث تضطلع الدبلوماسية المصرية بمسئولية التعريف بها والدعوة الى مساندتها دوليا، وهى معركة مصر فى مكافحة الإرهاب بمختلف صوره وأشكاله. وفى هذا السياق يستند خطاب دبلوماسيتنا الى مفاهيم واضحة وراسخة قائمة على أهمية التصدى لتلك الآفة من خلال العمل الجماعى على جميع الاصعدة، والعمل على تجفيف منابع الإرهاب الفكرية ومصادر تمويله ، ورفض ربط الإرهاب بأى دين أو جنسية أو حضارة ، تلك هى المهام الوطنية التى تضطلع بها دبلوماسيتنا المصرية العريقة ، وهى مهام تساندها مصر بأسرها ، وذلك تحقيقا لتقدم الوطن واستقراره وازدهاره .


لمزيد من مقالات ◀ د. حسين عبد الخالق حسونة

رابط دائم: